فهد سعدون الخالدي

أعلن معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ الأسبوع الماضي عزم وزارة التعليم إنشاء وحدات التوعية الفكرية في جميع إدارات التعليم والجامعات، وهي تهدف كما قال الوزير إلى تعزيز القيم الحميدة مثل الولاء للدين والولاء لولاة الأمر، والانتماء للوطن، ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش، والوقاية من الفكر المتطرف ومواجهة آثاره، كما تهدف إلى تشجيع المهارات العلمية وإجراء البحوث في القضايا الفكرية وهي أهداف في غاية الأهمية، وتجيء في صميم وظيفة المؤسسات التعليمية بكافة مراحلها، خاصة وأن المقررات الدراسية بوضعها الحالي قد لا تكون أوفت هذه الجوانب على أهميتها ما تستحق وربما ترك أمرها في كثير من الأحيان إلى فطنة المعلم وذكائه وقدرته على قراءة ما وراء النصوص وإثراء المقرر ومحاولة تحقيق ما يسمى بالأهداف الوجدانية للمقرر الدراسي والتي تهتم بتعزيز التوجهات الإيجابية لدى المتعلمين وكذلك تعديل السلوك والتغيير من التوجهات غير الحميدة التي قد يجنح لها بعض المتعلمين، خاصة في المراحل العمرية التي تمثل طلبة التعليم العام المختلفة. وإذا أضفنا إلى ما عدده معالي الوزير من الأهداف ما أشار إليه أيضا وهو ما ينبغي أن تهتم به هذه الوحدات وهو رصد المخالفات والسلوكيات والأفكار المتطرفة والظواهر السلبية التي تؤدي إلى الاختلال والخروج عن منظومة القيم المجتمعية وهو بالتأكيد ما يحتاجه طلبتنا وشبابنا ذكورا وإناثا لمواجهة كثير من المستجدات العالمية، وسرعة وقوة التأثير الذي تمتلكه وسائل التواصل الاجتماعي ووصولها إلى داخل البيوت وإلى كافة الأفراد بجميع مراحل أعمارهم ومواقعهم حتى لم يعد هناك فرد في مجتمعنا على الأقل إن لم نقل في العالم إلا ويمتلك هذا الجهاز السحري الذي أصبح هو الهاتف والتلفاز والإذاعة والكتاب والصحيفة والساعة وكل شيء تقريبا، حتى أن الإنسان لم يعد قادرا على القيام بأي عمل إلا من خلال استخدامه إرسالا واستقبالا، ومما يعطي مبادرة الوزارة الأهمية الكبرى في هذا المجال على وجه التحديد أن عمل هذه الوحدات سيكون بلا شك وفق إستراتيجية محددة وحوكمة إدارية منضبطة وبذلك يمكن أن تتحقق من خلالها الحصانة والحماية الذاتية من خلال رصد الظواهر وتحليلها وتقديم البرامج العلاجية لها لحماية الطلبة والمعلمين ووقايتهم من التأثر لأي انحراف فكري والانزلاق في مواطن الشبهات التي تحدث في هذا الفضاء المفتوح لكل رياح الأفكار العاتية الصالح منها والطالح على السواء، لا سيما وأن بلادنا بأهميتها الحضارية والاقتصادية والإستراتيجية والدولية تقع في عين العاصفة وتظل مستهدفة من قبل المتربصين بأمنها ومواطنيها، ولذلك فإن تحصين إنسان هذا الوطن ضد هذه المؤثرات لا يقل أهمية عن اهتمام الدولة بتحصينه من الأوبئة مثل كورونا -على سبيل المثال لا الحصر-، بل أكثر خطرا. ولعل هذه الوحدات سوف تسهم بالتأكيد في تنمية اعتزاز الفرد بقيمه الدينية والوطنية والاجتماعية وتوثيق انتمائه الوطني وولائه للوطن والقيادة من خلال الخطط والبرامج والأنشطة والفعاليات التي تعرف المواطن بهويته الحضارية وثوابته الإسلامية الوسطية وحضارته، وتعمق في نفوس المتعلمين قيم الاعتدال والوسطية وهي بلا شك تحقق بذلك جانبا مهما من رؤية المملكة 2030 التي تهتم بتنمية كافة جوانب شخصية المواطن الصالح بما في ذلك الجوانب السلوكية والاجتماعية والفكرية.. إن اهتمام الوزارة بهذا الأمر وسعيها لوضعه في إطار تنظيمي تطبيقي على الواقع وفي أسرع وقت يؤكد استشراف الوزارة لحاجات الطلبة والطالبات في هذه المرحلة وبما يستجيب لمتطلبات الفرد وحاجاته في هذا العالم الافتراضي الواسع، وتدرك بكل جلاء دور المؤسسة التعليمية الوقائي إضافة إلى دورها التعليمي الذي تؤدي من خلاله أجل الخدمات للمواطن والوطن، وهي بما لديها من خبرات وتجارب وقوى بشرية ذات كفاءة وبما يحرص عليه ولاة الأمر من حيث توفير كل إمكانيات النجاح والموارد المالية والبشرية لتنفيذ برامجها وخططها ومشروعاتها سوف تحقق أهداف هذه المبادرة بكل نجاح -بإذن الله-.. إنها بحق ضربة في المرمى.

Fahad_otaish@