ترجمة: إسلام فرج

رغم توافقهما في كراهية «الهوية العربية» ومعارضتهما انفصال الأكراد

وصف موقع «ذي إستراتيجيست» تركيا وإيران بالعدوتين الصديقتين في الشرق الأوسط.

وبحسب مقال لـ «محمد أيوب»، الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية بجامعة ميتشغان، فإن المصالح التركية والإيرانية تتوافق في مجالات الطاقة والتجارة، خاصة بسبب اعتماد أنقرة على النفط والغاز الإيراني وواردات طهران من البضائع التركية.

وأضاف الكاتب: يتفق البلدان في كراهيتهما المشتركة للهوية العربية ومعارضتهما للانفصالية الكردية، التي تهدد وحدة أراضي كل من تركيا وإيران.

ومضى يقول: تقلصت مشتريات تركيا للنفط الإيراني وواردات إيران من المنتجات التركية منذ 2018 بسبب العقوبات التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها على إيران، خاصة بعد أبريل 2019 عندما ألغت الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح لتركيا و7 مستوردين رئيسين آخرين للنفط الإيراني.

حملة ترامب

وأردف الكاتب أيوب يقول: في 2019، انخفضت حصة النفط الخام والمنتجات النفطية في الواردات التركية من إيران بنسبة 63 ٪ وانخفض الفائض التجاري التقليدي لإيران بنسبة 79 ٪، في الوقت نفسه، أدت حملة «أقصى ضغط» التي نفذتها واشنطن ضد طهران إلى تقليص قدرة إيران على شراء البضائع التركية.

وبحسب الكاتب، فإن البلدين قاما بهذا التراجع على أمل أن تتحسن الأمور مع نهاية رئاسة دونالد ترامب.

ولفت إلى أنه في ظل آفاق عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي مع إيران والإلغاء التدريجي للعقوبات المفروضة على طهران بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، فإن التفاعلات الاقتصادية التركية الإيرانية مرجحة للعودة مرة أخرى.

وأضاف: على الرغم من أنها قد لا تصل إلى المستوى الذي حققته قبل 2018، فإنه لا يزال من المرجح أن تكون إيران موردا رائدا للطاقة لتركيا، وستستمر البضائع التركية في الاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الإيرانية بسبب الملاءمة الجغرافية وانخفاض تكاليف النقل.

وتابع يقول: بينما يبدو مستقبل العلاقات التركية الإيرانية أكثر إشراقا في المجال الاقتصادي، لا يمكن قول الشيء نفسه على الساحة الإستراتيجية، ومضى يقول: تحت سطح المصالح الإستراتيجية المتقاربة بين البلدين يكمن عدد من المشكلات التي تظهر الآن على السطح.

ولفت إلى أولى المشكلات أنه عندما يتم قول وفعل كل شيء، تظل تركيا عضوا في الناتو وبالتالي حليفا للولايات المتحدة، العدو الأساسي لإيران.

تحدٍ لأمريكا

وأضاف أيوب: على الرغم من أنها اتخذت مؤخرا موقفا متحديا تجاه الولايات المتحدة في العديد من القضايا، بما في ذلك شراء أنظمة دفاع جوي من روسيا والتصرف بقوة في سوريا على الرغم من التحفظات الأمريكية، لا يمكن لطهران أن تكون متأكدة من احتمالات تخلي تركيا عنها، في حالة تعرضها لضغط، لصالح تحالفها مع الولايات المتحدة.

وأردف يقول: في الواقع، فإن قرار أنقرة بخفض واردات النفط الإيراني تحت تهديد العقوبات الأمريكية يرسل رسالة معاكسة تماما.

وأشار الكاتب إلى التعارض في السياسات بين تركيا وإيران خلال السنوات الأخيرة فيما يخص سوريا، وأوضح أنه بينما تعارض أنقرة نظام الأسد، فإن إيران تمثل داعما رئيسا للنظام.

ومضى يقول: في الوقت نفسه، خلال الأشهر القليلة الماضية، قدمت تركيا مبادرات تصالحية مع قوى إقليمية بالمنطقة ينبغي أن تقلق إيران.

وتابع: لكن الأهم من ذلك كله هو سياسات تركيا تجاه القوقاز وآسيا الوسطى، التي تستند إلى فرضية القومية التركية التي تتمتع بقدر كبير من الجاذبية للسكان الترك في تلك المناطق.

وأشار إلى أن روسيا وإيران اهتزتا بسبب هذا لأن كلا منهما يعتبر المناطق، التي كانت جزءا من الإمبراطورية الروسية و/‏ أو الفارسية «الغابرة»، جزءا من مناطق نفوذهما.

وأضاف: برزت التناقضات في المقاربتين التركية والإيرانية تجاه القوقاز بقوة كبيرة خلال الصراع الأذربيجاني الأرمني في سبتمبر - نوفمبر 2020.

ومضى يقول: دعمت تركيا أذربيجان إلى أقصى حد، حيث زودتها بالأسلحة التي كانت عاملا حاسما في انتصار أذربيجان في الحرب، لم تكن إيران متناقضة بشأن الحرب فحسب، بل نظرت بقلق أيضا إلى زيادة شعبية تركيا في البلدان التركية نتيجة دعمها لباكو.

الهوية العرقية

ونوه الكاتب في تقريره، بأن انتصار أذربيجان، الذي منحها مزيدا من السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها الأرمن، جعلها وحليفتها تركيا قناة بديلة بين الشرق والغرب لتجارة الطاقة والسلع الأخرى مع أوروبا تتجاوز الطرق الحالية بين الشمال والجنوب التي تسيطر عليها روسيا أو إيران.

ولفت إلى أن مثل هذه النتيجة ستقلل بشكل كبير من أهمية موسكو وطهران بالنسبة إلى دول آسيا الوسطى وستضيف إلى حد كبير أهمية أنقرة.

وبحسب الكاتب، تشعر طهران بالقلق بشكل خاص من أن تركيا تستغل هويتها العرقية، التي تشترك فيها مع العديد من الدول في آسيا الوسطى والقوقاز، لتوسيع نفوذها.

ونبه إلى أن قراءة الرئيس رجب طيب أردوغان، في أثناء حضوره عرضا عسكريا في باكو للاحتفال بانتصار أذربيجان على أرمينيا، لقصيدة قومية أذربيجانية تدعو إلى إعادة توحيد مقاطعتين إيرانيتين عرقية أذرية مع أذربيجان، أزعجت نظام الملالي.

وتابع: لم يُنظر إلى هذا العمل على أنه يثير المشكلات بين باكو وطهران فحسب، بل إنه يؤجج أيضا المشاعر الانفصالية بين الأذريين في إيران، الذين يشكلون نحو ثلث السكان الإيرانيين، وهم في الغالب مندمجون جيدا في النسيج الاجتماعي الإيراني، والواقع أن مرشد نظام الملالي خامنئي أذربيجاني.

وشدد الكاتب على أن عناصر التعاون والصراع المحتمل متشابكة بشكل وثيق بين البلدين، مشيرا إلى أن أي تغيير في التوازن بينهما في الشرق الأوسط يمكن أن يضيف إلى حد كبير عدم الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.