د ب أ - إسطنبول

في سبتمبر من عام 2015 تسببت صورة الطفل السوري الصغير «آلان كوردي» وقد جرفتها المياه إلى شاطئ تركيا، في موجة من الصدمة في أنحاء العالم.

وبعد ستة أشهر وقّع زعماء تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقًا خاصًا باللاجئين، تتلقى أنقرة بموجبه مساعدات سياسية ومالية مقابل التصدي للمهاجرين غير الشرعيين الذين يسعون لدخول دول الاتحاد، وأدى الاتفاق بالفعل إلى خفض أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا، وتلقت تركيا الجزء الأكبر من ستة مليارات يورو (7.15 مليار دولار) خصصها الاتحاد الأوروبي مساعدات لأنقرة بموجب الاتفاق.

ورغم ذلك، لم تفِ بروكسل بوعودها بتخفيف شروط منح تأشيرات الدخول للأتراك، وتوسيع الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

واليوم بعد خمسة أعوام يواجه الاتفاق الفشل؛ حيث تكافح تركيا في مواجهة الأعداد المتزايدة من المهاجرين الوافدين إليها، ويعاني الاتحاد الأوروبي من انقسام إزاء قضية اللجوء، أكثر من أي وقت مضى.

وتقول سلطات الهجرة في تركيا إن البلاد تستضيف حوالي ستة ملايين لاجئ، منهم حوالي أربعة ملايين من سوريا، ويزيد هذا العدد بمقدار مليونين مقارنة بعام 2016، وهو ما يشكل عبئًا ثقيلاً على تركيا التي استقبلت حوالي 60 ألفًا من طالبي اللجوء في عام 2011، قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا.

وأوشك اتفاق اللاجئين بين أنقرة وبروكسل على الانهيار العام الماضي، عندما احتشد آلاف المهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من أفغانستان وباكستان والعراق، على الحدود بين تركيا واليونان، حيث فتحت أنقرة الحدود أمام الساعين إلى دخول أوروبا، خشية تدفق مزيد من السوريين الفارين من محافظة إدلب السورية إلى البلاد، ولكن أزمة الحدود توقفت بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.

والاتفاق الآن بحاجة إلى مزيد من التمويل، وإلى أن يمتد ليشمل مجموعات أخرى من المهاجرين في تركيا، وذلك بحسب ما ذكرته سينيم آدار، الباحثة في مركز دراسات تركيا التطبيقية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.

وقالت آدار إنه يجب أن تدعم البرامج المستقبلية في هذا الشأن أيضًا عمليات الاندماج، حيث من المرجح أن يفضّل معظم السوريين البقاء في تركيا.

وفي الوقت نفسه يمثل حوالي مليونين من اللاجئين غير الشرعيين مصدر قلق بالغ في تركيا، حيث إن معظمهم استقر في البلاد، بحسب ما قاله مراد أردوغان، مدير مركز أبحاث الهجرة بالجامعة الألمانية التركية في إسطنبول.

وأوضح أردوغان أن العديد من هؤلاء قد يحاول الوصول إلى أوروبا بدلاً من مواجهة خطر الترحيل في تركيا.

ويقول جيرالد كنوز، من مبادرة استقرار أوروبا، إن اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي سيفشل إذا لم يمكن تحديثه أو التوصل لاتفاق آخر بدلاً منه.

وقال كنوز في ندوة نظمتها رابطة أبحاث الهجرة، مقرها إسطنبول، إن على الاتحاد الأوروبي زيادة المساعدات للمهاجرين الموجودين في تركيا، والبدء في استقبال المزيد منهم.

ويرى مراد أردوغان أنه إذا لم يحدث ذلك، فمن الممكن أن تميل أنقرة إلى السماح للمهاجرين بعبور حدودها الأوروبية واستخدام ذلك كورقة مساومة.

وقال مسؤول الأسبوع الماضي إن الاتحاد الأوروبي يتوقع من تركيا في الوقت نفسه أن تشدد الخناق على مهربي البشر، وتسمح بعودة مهاجرين من الجزر اليونانية إلى أراضيها.

وتوقف الجانبان خلال فترة الوباء، ولكن في حين بدأ الاتحاد الأوروبي إعادة التوطين، لم تبدأ تركيا في استقبال أي مهاجرين عائدين.

ولا تزال أنقرة تأمل في إلغاء تأشيرات الدخول إلى أوروبا بالنسبة للأتراك، وفي تحديث الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، الذي يقول إن قوانين مكافحة الإرهاب في تركيا والتي يكتنفها الغموض، تستخدم لانتهاك الحقوق واستهداف المنتقدين.