هناء مكي

تسابق حثيث من الدول في كافة أرجاء العالم لشراء اللقاحات التي أعلن عنها تباعا في محاولة للسيطرة على انتشار جائحة كورونا والحد من مخاطرها، فإلى الآن يبدو أن اللقاح هو الحل الوحيد للسيطرة على الوباء المنتشر بقوة، ولا يكاد يهدأ، والذي أدى لأن يلقى قرابة 2.67 مليون شخص في العالم حتفهم بسببه.

ومن الواضح أن هناك تنافسية شديدة بين شركات صناعة الأدوية العالمية، ورغم أن طرح اللقاح يعتبر الأسرع في تاريخ لقاحات الأوبئة إلا أننا لا نستغرب فنحن في العام 2021، إلا أن المستغرب أنه حتى في صناعة الأدوية هناك تنافسية بين السوقين الأمريكي والصيني على وجه الخصوص، ما يلخص قصة الاقتصاد في الحاضر والمستقبل المنحصر بين هذين السوقين.

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التنافسية الشديدة في السوق العالمي لمصنعي لقاحات كورونا أشبه باندلاع معركة للسيطرة على السوق، وقال «إن حجم سوق اللقاحات بلغ 100 مليار دولار».

وفي ظل ارتفاع حجم الطلب على اللقاحات هناك قرابة تسع شركات عالمية تتنافس أو تخوض معركة مربحة من خلال الطلب الكبير على لقاحاتها، وبحسب بيانات وتصريحات الشركات أنفسهم عن حجم الطلب والجرعات المطلوبة، فحتى الشركات التي أعلنت أنها لا تريد ربحية مقابل طرح لقاحها، هي بالفعل تجني أو ستجني مليارات الدولارات ونسبة ربحية عالية خلال هذا العام فقط، مثل جونسون أند جونسون الأمريكية التي أعلنت أنها ستقدم خدمة للبشرية مقابل سعر 10 دولارات على الجرعتين، وبلغ الطلب على لقاحها مليار جرعة لهذا العام فقط، أي ستجني منه قرابة 10 مليارات دولار.

في حين شركة «كيورفاك» الألمانية التي تسعى لإنتاج 300 مليون جرعة خلال هذا العام، ومليار جرعة عام 2022، كانت أكثر صراحة حين قالت إنها لا تستطيع تسعير لقاحها بسعر التكلفة لأن المستثمرين يتوقعون عائدا، لذا سيتم التسعير الذي لم يكشف عنه بهامش ربحي.

أما أكثر اللقاحات طلبا وشهرة فهما اللقاح الأمريكي «كوميرناتي»، وهو أول لقاح تمت المصادقة عليه لشركة «فايزر» الأمريكية المشتركة مع «بيونتك» الألمانية، والذي بلغ الطلب عليه نحو 780 مليون جرعة، وتتوقع «فايزر» أن تصل مبيعاتها إلى 15 مليار دولار لهذا العام، ويمكن أن يصل الربح الضعف حتى نهاية العام إذ أعلنت أن بإمكانها تسليم ملياري جرعة خلال هذا العام.

والثاني هو اللقاح الصيني أو بصورة أدق هما لقاحان لشركتين صينيتين هما «سينوفارم» و«سينوفاك» وعلى الرغم من الطلب الكبير جدا من شتى أنحاء العالم على لقاح الشركتين الصينيتين بالذات من الدول العربية وارتفاع سعر الجرعتين إذ بلغ سعر جرعتي لقاح سينوفاك قرابة 60 دولارا، بينما سينوفارم لم يتم الكشف عن سعره وقد يصل إلى 70 دولارا، إلا أنه لا توجد أي معلومات مصرح بها عن أرباح الشركتين أو صفقات الشراء التي تم إبرامها، ولكن يمكن أن نتوقع أن أرباحهما أعلى بكثير من منافسيهما.

كذلك هناك شركات عليها طلب عالمي كبير مثل موديرنا البريطانية التي يتوقع أن تربح 18.4 مليار دولار هذا العام، واسترازينيكا التي تتراوح ربحيتها بين 2 إلى 3 مليارات دولار، وسبوتنك الروسية ونوفاكس الأمريكية اللتان لم تكشفا عن أرباحهما بعد، ولكن بالمجمل هي أرباح مليارية.

وعليه، سيتغير الوضع خلال العامين القادمين، ستكون هناك نقلة في الأسواق، هذه الأرباح من المفترض أن تذهب لشركات صنع الأدوية، فهل ستسهم في بحوث علمية لاكتشاف أدوية لأمراض مستعصية وسيتم استثمارها للمزيد من الكشوفات الطبية؟، أو ستفتح بابا للاستثمارات الريعية المختلفة؟

@hana_maki00