هناء مكي

بمناسبة يوم المرأة العالمي في الـ 8 من مارس، وجدت نفسي اطلع على قوائم فوربس لأغنى أغنياء العالم طيلة خمس سنوات وأقارن بين قوائم الرجال والنساء والعشرة المتصدرين لها طيلة هذه الأعوام، بصراحة انني بغاية الأسف مما وجدت.

حين تطلع على العشر أو العشرين الأول من قائمة سيدات الأعمال في العالم، الأغنى، والأقوى، ستجد أنهن حصلن على ثرواتهن بالوراثة أو عمليات تسوية، ولم تحصد إحداهن أي ثروة من ابتكار أو صناعة كما يحدث في قائمة الرجال الأكثر غنى ليومنا هذا.

على الرغم من كل ما يقال من أن قوائم مثل هذه لا تعكس الواقع وهي مجرد تسويق مدفوع لرجال الأعمال بالذات في أمريكا استطاعوا أن يعززوا أسماءهم في أسواق البورصة عن طريق الشهرة ذائعة الصيت. إلا أن الملاحظ أن العشرة الأوائل في قوائم الرجال غالبيتهم مبتكرون في التقنية والتكنولوجيا خلال الخمس السنوات الأخيرة بالتحديد.

أجل من الممكن أن تستمتع بقراءة قصص نجاح لسيدات أعمال شققن طريقهن وخرجن من ظروف استثنائية ليصنعن لهن نجاحا مهنيا ولكن لا تعدو تلك قصة نجاح وإن كانت حقيقية ولكن لن ترتقي للتنافسية في سوق العمل والأعمال أبدا. فحتى المليارديرة الصينية زو كونفي لا تعتبر مبتكرة إنما اعتبرها شجاعة وطورت من صناعة كانت تعمل فيها أساسا، واقتنصت الفرص لتحقق النجاح.

هذه ملاحظة جديرة بالتأمل، وبعيدا عن العراقيل التي تعيق انطلاق المرأة كصاحبة عمل أو مشروع عصامي يمكنها أن تنجح فيه، لماذا لا يمكنها أن تقدم على خطوات مشابهة لخطوات الرجل في فن الابتكار أو الصناعة وتصبح مليارديرة مبتكرة تقود لتغيير جزئي للواقع والمجتمع؟

هناك الكثير من العراقيل التي تتحول إلى معوقات في طريق المرأة أهمها التمويل المادي الذي تحتاجه لبدء مشروعها، والكثير من الظروف والتحديات العرفية والاقتصادية والاجتماعية التي تجعلها تتقهقر إلى الوراء وتعجز أحيانا عن إدارة مشروعها بحرية وتنافسية.

ولكن الملاحظة التي أنا في وارد فهمها، لم لا توجد سيدة أعمال واحدة في العالم قادرة على صنع فارق بابتكار أو صناعة أو حتى خدمة نوعية يجعلها تنافس الرجال في عقر دارهم؟

خلال قراءتي لتقارير منظمة العمل الدولية الدورية بالذات في يوم المرأة والتي تتحدث فيها عن التحديات والمحفزات وإشارات النجاح وجدت أن الشغف والصبر وتكريس الحياة على هذا الشغف هو ما يجعل الرجل يتفوق.

فبحسب تقرير منظمة العمل العوامل التي تدفع العديد من النساء لبدء أعمالهن الخاصة هي «الظروف الاقتصادية غير المستقرة، ونقص الآفاق الوظيفية في الشركات وغياب فرص العمل ذات الأجر الجيد» ولنضيف عليها أوقات العمل غير الملائمة. التقرير يؤكد على نجاح المرأة في صنع مشروعها التجاري بالذات في القارة الأمريكية، بيد أنه يؤكد كذلك أن الإدارة الرجالية هي الأكثر استقرارا ونجاحا «وجدت دراسة في كوستاريكا أنه كلما زادت خبرة النساء في إدارة الأعمال التجارية، زاد نجاحهن. وقد أظهرت أنه في حين أن المؤسسات الشابة نسبيا (حتى تسع سنوات من التشغيل) تكون أكثر ربحية عندما يديرها رجال، فإن هذا ليس هو الحال مع الشركات الناضجة التي تديرها نساء أفضل تعليما. يمكن أن تكون هذه الشركات مربحة أو حتى أكثر ربحية من تلك التي يديرها الرجال». الفارق هو التعليم؟

لنصل إلى نتيجة، النساء يكرسن جهودا مضاعفة في العمل وإجادته ورفع معدل جودته، وقد يكلفهن الكثير، المرأة قد تكون مشتتة في صنع حياتها أو عملها بالتالي فهي ليست شخصا خارقا، ولذا قد تنجح في أحد العملين، وهي أكثر تأثرا عاطفيا من الرجل بسبب طبيعتها، هذه الأمور قد لا تشكل لها عائقا في الوظيفة أو في مشروع هي تحبه ويخدم هواياتها كأنثى، ولكن ليس لديها القدرة على أن تنافس فهذا الأمر يشق عليها كثيرا ليس لديها الصبر الكافي.

ستتغير نظرتي كليا هذه في حال وجدت سيدة أعمال واحدة في العالم مبتكرة أدى ابتكارها إلى صناعة وخدمة جعلتها في مصاف أغنى أغنياء العالم واستطاعت بذلك تغيير نمط المجتمع الدولي بهذا الابتكار دون الاعتماد على ورث عائلتها الثرية.

@hana_maki00