ترجمة: إسلام فرج

النزاع الحدودي مع السودان أول التداعيات

ومضى يقول: بالرغم من انقطاع الإنترنت ووسائل الإعلام، ظهرت قصص ترسم صورة بشعة لعمليات الاغتصاب الواسعة والإعدامات الميدانية والتدمير الجماعي للبنية التحتية المهمة.

حملة دبلوماسية

وبحسب الكاتب، أطلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون خلال الأسابيع الأخيرة حملة دبلوماسية لإقناع آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا بإيقاف حملته التي تستهدف إلحاق هزيمة عسكرية بأكبر تهديد سياسي يواجهه، الذي تمثله جبهة تحرير شعب تيغراي، وأضاف: إن المخاطر في تيغراي مرتفعة وحصيلة الضحايا المدنيين قد تكون كبيرة، لكن هناك سيناريو آخر يمكن أن يتسبب في وقوع حصيلة أكبر من الضحايا، وهو سيناريو يتجاهله العديد من المراقبين، ويتمثل في حرب تقليدية بين السودان وإثيوبيا ووكلائهما.

وشدد الكاتب على أن النتائج غير المقصودة لحملة القانون والنظام التي يشنها آبي في الإقليم هي التي قد تلحق الضرر الأكبر بالمنطقة، ومضى يقول: بعكس الصراع في تيغراي، فإن الوقت ليس متأخرًا بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وخارجها لفعل شيء لمنع حرب حدودية قد تصل إلى مستوى الخطأ الاستراتيجي التاريخي.

وأشار إلى أن بذور هذه الكارثة المحتملة زُرعت في بداية القرن الماضي عندما تم الاتفاق على الحدود بين إثيوبيا والسودان، التي لم يتم ترسيمها مطلقا بشكل رسمي من جانب مؤسس إثيوبيا الحديثة الإمبراطور مينليك الثاني في أثناء الاتحاد البريطاني السوداني.

وتابع: منذ 1993، احتل مزارعو الأمهرة قطعة أرض زراعية على الجانب السوداني من الحدود تحمل اسم «الفشقة».

اتفاق 2008

وأردف يقول: في 2008، كان هناك اتفاق فعلي اعترفت إثيوبيا بموجبه بالحدود القانونية التاريخية للسودان التي تتضمن «الفشقة» في مقابل منح السودان مزارعي الأمهرة حقوقًا بالاستمرار في زراعة هذه الأرض، وأضاف: تعطلت الجهود الرامية لترسيم الحدود بشكل نهائي منذ الاجتماع الأخير للجنة حدودية في العام الماضي، لكن خطط السودان تجاه المنطقة لم تتوقف مطلقًا.

وأردف يقول: في الواقع، في أغسطس 2020 الماضي، أعلن قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان أمام القيادة العامة للجيش أن بلاده سترفع علمها فوق الفشقة.

وأوضح الكاتب أن ما كسر هذا الوضع القائم منذ عهد من الزمن هو الصراع في تيغراي، وسلسلة من الحسابات التكتيكية والاستراتيجية من جانب الجيش السوداني.

ولفت إلى أن سحب الحكومة الإثيوبية لقواتها المنتشرة في الصومال، وفي مثلث الفشقة لمواصلة الاستمرار في تيغراي كان يعني أن قوات الدفاع الوطني الإثيوبية كانت عاجزة وحدها عن هزيمة انتفاضة جبهة التحرير، وأنها كانت تقاتل من موقع أضعف نسبيًّا عما كان متوقعًا.

وتابع: بحلول ديسمبر، ومع تجمع الجيش السوداني على طول الجانب الحدودي لمراقبة عبور لاجئين من تيغراي إضافة إلى القوات المنسحبة من جبهة تحرير شعب تيغراي، وجدت الجيش السوداني والدفاع الوطني الإثيوبية نفسيهما في مواجهة بعضهما أكثر من أي وقت مضى، ما زاد من خطر التصادم بينهما.

الهجمات الإثيوبية

وأردف: دفعت هجمات شنتها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية على ضباط من الجيش السوداني، إلى تحركه في ليلة 29 ديسمبر، وفي ذلك التوغل، دمرت قوات الجيش السوداني مركزا للجيش الإثيوبي ومراكز إدارية، والعمل في الوقت ذاته على تهجير مزارعي «الأمهرة» وتدمير محاصيلهم في محاولة ناجحة من جيش السودان لإعادة السيطرة على منطقة مثلث الفشقة بأكمله.

وأضاف: برر السودان قراره التكتيكي بأنه رد مشروع على توغلات قوات الدفاع الوطني الإثيوبية غير المبررة ضد دوريات سودانية، إضافة إلى مزاعم الخرطوم التاريخية بأحقيتها في المنطقة، لكن ما من شك أن الجيش السوداني، الذي تراجع دوره السياسي التقليدي في البلاد بشكل كبير تحت حكم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، يرى أن دفاعه عن وحدة السودان الترابية هي فرصة لترسيخ وضعه مجددًا بوصفه حامي الدولة السودانية.

ونوه بأن جهود الجيش السوداني لتغيير الوقائع على الأرض، سواء كانت مبررة أم لا، زادت من تفاقم وضع غير مستقر أصلًا في المنطقة، وأضاف: مع تزايد الخطاب العدائي الصادر من الجانبين في الأسابيع الأخيرة، وضعت الخرطوم وأديس أبابا خطر خسارة الأراضي في إطار أمني ووطني وحتى ضمن إطار وجودي.

ومضى يقول: في ضوء غياب وساطة خارجية قوية، قد يخاطر الطرفان بتحويل حربهما الباردة إلى حرب ساخنة، ومع تشابك الأوضاع السياسية والتاريخ السياسي، يمتلك الطرفان الأدوات التي تمكنهما من فعل هذا.

الصراع الحدودي

وبحسب الكاتب، توفر إثيوبيا جميع القوات لبعثة حفظ السلام الأممية في منطقة «آبيي» التي يشتد الخلاف بشأنها على طول الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان.

وتابع: توجد أيضا مخاوف من أن تسحب إثيوبيا هذه القوات، ما قد يجبر الجيش السوداني على ملء الفراغ الأمني هناك، الأمر الذي من شأنه تجديد الصراع مع جوبا، وأضاف: ثمة قلق أيضا من أن يطرد السودان هذه القوات خشية أن تستخدم إثيوبيا هذه القوات كطابور خامس في حال اندلاع أعمال عنف طويلة على طول حدودها.

وأردف: من ناحية أخرى، أديس أبابا محقة في مخاوفها من القدرة على إعادة تسليح وإمداد متمردي تيغراي، حال أراد السودان فتح جبهته الإضافية في صراع حدودي.

ونبه إلى أن ما يفاقم من حالة الاضطراب هو تدفق جيوش وميليشيات حليفة إلى الحدود، وتابع: على الجانب الإثيوبي، ليست هناك فقط قوات الدفاع الوطني الإثيوبي، لكن توجد أيضا ميليشيات الأمهرة وقوات الدفاع الإريترية. وعلى الجانب الآخر، يوجد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وعصابات محلية.

ولفت إلى أن هذا الوضع المتوتر أفرز شائعات بأن قوات أجنبية إضافية يمكن أن تشعل شرارة هذا الصراع.

ودعا الكاتب مجلس الأمن إلى إيلاء أهمية خاصة للصراع الذي لا تزال تتكشف معالمه في تيغراي ومحادثات سد النهضة المتعثرة.

حذر موقع «أتلانتك كاونسل» من تحول التداعيات غير المقصودة للحرب الأهلية في إثيوبيا إلى أخرى حدودية مع السودان. وبحسب مقال لـ«كاميرون هيدسون»، باتت إثيوبيا تخوض حربا مع نفسها، بينما المجتمع الدولي يكافح للتعامل مع هذا الوضع، وتابع يقول: خلال القتال الذي استمر 4 أشهر تقريبًا في إقليم تيغراي، فر ما يزيد على 60 ألف لاجئ من هناك إلى السودان المجاور.