د ب أ - واشنطن

بعد الهجوم الجوي الذي أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بشنه مؤخرا على ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا، يمكن التساؤل: هل سيصبح بايدن رئيس حرب؟

قال مسؤولون عراقيون في وقت سابق: إن الضربة التي استهدفت معبرا حدوديا شرق سوريا تسيطر عليه جماعات متشددة، بينها كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء، أسفرت عن سقوط قتيل واحد وإصابة عدد آخر، أوضح تقدير لاحق قدمه المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، أن الهجوم قتل 22 من رجال الميليشيات ودمر ثلاث شاحنات كانت تنقل ذخائر بين العراق وسوريا.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، جون كيربي: إن الهجوم «تمت الموافقة عليه ردا على الهجمات الأخيرة ضد عناصر القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، والتهديدات المستمرة». وقبل شن هذا الهجوم، أدى هجوم صاروخي شنته جماعات تعمل بالوكالة لحساب إيران إلى مقتل متعاقد وإصابة عنصر من القوات الأمريكية. وأضاف كيربي إن العملية ترسل رسالة لا لبس فيها مفادها أن الرئيس بايدن سيتحرك لحماية أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف. واصفا الهجوم بـ«الرد العسكري المتناسب».

وقال وزير الدفاع لويد أوستن إنه أوصى بايدن بالموافقة على الهجوم، مشيرا إلى أنه قد تم وضع أساس الهجوم مقدمًا «قلنا عدة مرات إننا سنرد في الوقت المناسب لنا. أردنا أن نتأكد من الصلة وأردنا التأكد من أن لدينا الأهداف الصحيحة».

وقال الباحث الأمريكي مارك إبيسكوبوس المختص بمتابعة شؤون الأمن القومي الأمريكي بمجلة ناشونال إنتريست الأمريكية في تقرير نشرته المجلة: إن الهجوم الجوي الأمريكي كان أكثر من مجرد عمل انتقامي، معتبرا أنه ربما كان يهدف إلى إضعاف الثقة الإيرانية قبل مفاوضات وشيكة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، والمعروفة أيضا باسم الاتفاق النووي الإيراني.

وأكد إبيسكوبوس أن الجدل حول شرعية الهجوم انتقل إلى السياسة الداخلية للولايات المتحدة بشكل كبير. وقد أثار تعيين روبرت مالي في وقت سابق كمبعوث خاص لإيران أول معركة مهمة بشأن السياسة الخارجية لرئاسة بايدن، لكنها كانت معركة إلى حد كبير بين الحزبين. ومن المفارقة، أن هجوم بايدن في سوريا أثار موجة انتقادات علنية من جانب ديمقراطيين بارزين. وأشار إلى أن عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية فرجينيا تيم كين، وهو حليف قديم لباراك أوباما، الذي كان مرشحا لمنصب نائب هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، اعتبر أن الهجوم غير دستوري، وقال إن «الشعب الأمريكي يستحق أن يسمع تعليل الإدارة لهذه الهجمات ومبررها القانوني للتحرك دون الرجوع إلى الكونجرس». وأضاف إن «العمل العسكري الهجومي دون موافقة الكونجرس ليس دستوريا في ظل عدم وجود ظروف استثنائية. يجب اطلاع الكونجرس بشكل كامل على هذه المسألة على وجه السرعة».

وأشار عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كونتيكت وعضو لجنة العلاقات الخارجية كريس ميرفي وهو ديمقراطي إلى أن «الهجمات الانتقامية -غير الضرورية لمنع تهديد وشيك- يجب أن تندرج ضمن تعريف تفويض الكونجرس الحالي لاستخدام القوة العسكرية».

وكان الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي أكثر صراحة، حيث قال عضو مجلس النواب عن كاليفورنيا رو خانا: إنه «لا يوجد أي مبرر على الإطلاق للهجوم في سوريا». وأضاف خانا: «نحن بحاجة إلى الخروج من الشرق الأوسط، وليس التصعيد، لقد تحدثت مع ترامب ضد الحرب التي لا نهاية لها، وسأتحدث ضدها ونحن لدينا رئيس ديمقراطي».

واختتم إبيسكوبوس تقريره قائلا: إن حالات التذمر والانتقادات هذه في الأشهر الأولى من رئاسة بايدن قد تكون بمثابة مؤشر لصراع داخلي أكبر يلوح في الأفق، حيث يكافح بايدن للحفاظ على التحالف الواسع من التقدميين في السياسة الخارجية وشخصيات المؤسسة، الذين اندمجوا حوله في الفترة التي سبقت الانتخابات الأمريكية عام 2020.