صفاء قرة محمد ـ بيروت

مخاوف من تدهور وانزلاق البلاد على المستويين الأمني والاجتماعي

على وقع الاستهتار السياسي بمصير الشعب اللبناني، نفذ الثوار عصيانًا مدنيًا أمس الأحد، حيث لاقت هذه الدعوة استحسانًا لدى العديد من المناطق، فيما لم يلتزم آخرون بها، إلا أن الشارع اللبناني يستمر في الغليان.

فيما قال البطريرك الراعي: كيف لا يثور هذا الشعب وقد أخذ سعر صرف الدولار الواحد يتجاوز الـ10000 ليرة بين ليلة وضحاها.

واستمر قطع الطرقات وإشعال الإطارات في كل البلاد، وسيكون أوجها اليوم عبر «اثنين الغضب»، والذي سيشمل كل البلدات والمدن، وعليه ومع دخول التحركات الاحتجاجية أسبوعها الأول، يتخوف مراقبون عبر (اليوم) من «انزلاق البلد نحو المزيد من التدهور على المستويين الأمني والاجتماعي في ظل غياب أي بوادر توحي باقتراب ولادة الحكومة».

فيما يتوقع أن «تكون الأيام المقبلة صعبة على المستوى الأمني، وتحديدًا فيما يتعلق بعمليات قطع الطرقات والتوترات الأهلية وعمليات الكر والفر التي قد تؤدي إلى إشكالات متنقلة في المناطق».

وتأتي تحركات قطع الطرقات بعد انتشار صورة لبرقية بتوقيع عقيد قائد قوى الأمن الداخلي في منطقة جبل لبنان، وبموجب البرقية يطلب العقيد من قائد الدرك وجميع قطاعات منطقة جبل لبنان، العلم أن مجموعات الثورة ستتحرك صباح الاثنين يوم 8 آذار، وتقطع الطرقات في المنطقة بدءًا من الساعة السادسة صباحًا تحت عنوان «اثنين الغضب»، بالإضافة إلى أخذ كل التدابير اللازمة إزاء هذه التحركات المرتقبة.

وبعد هدوء دام ساعات، بدأ المحتجون تحركاتهم مبكرًا يوم أمس الأحد، حيث عمدوا إلى قطع مجموعة من الطرقات اللبنانية، حيث قطع المحتجون السير على أوتوستراد المحمرة بالاتجاهين، كما تم قطع طريق عام عمارة البيكات حلبا، وأعيد فتح أوتوستراد البالما بالاتجاهين وطريق تعلبايا باتجاه شتورا، كذلك قطع آخرون طريق ضهر العين عابا، وعمد محتجون أيضًا إلى قطع أوتوستراد المنية الدولي في الاتجاهين.

الراعي والأزمة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في بكركي، حيث قال: «ليس اللبنانيون في أزمة نظام، بل في أزمة انتماء إلى جوهر الفكرة اللبنانية، لو وقعت الأزمات بسبب تطبيق الدستور لقلنا إنها أزمة نظام، لكنها وقعت بسبب عصيان النظام وصولًا إلى امتلاك الدولة والعبث بالوطن والمواطنين».

وأضاف: «إن ما يجري على صعيد تأليف الحكومة لأكبر دليل على ذلك، ولا علاقة له بالمواد الدستورية، لا سيما المادتين 53 و64 المتعلقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، بل العلاقة بهوية لبنان الواحد والموحد والحيادي والديمقراطي والميثاقي، وذي السيادة في الداخل وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة»، واستطرد: «وإلا لمَ هذا التأخير المتعمد في تأليف الحكومة؟ لقد كنا في مرحلة شروط وشروط مضادة، فصرنا في مرحلة تحديات وتحديات قاتلة تودي بالبلاد والشعب والكيان».

ويقول الراعي: «تصالحوا أيها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بددتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة، وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع، فنزل يطالب بحقوقه، التي تستحق أن يدافع عنها، وأن توضع في رأس معايير تأليف الحكومة»، مستنكرًا: «كيف لا يثور هذا الشعب وقد أخذ سعر صرف الدولار الواحد يتجاوز الـ10000 ليرة لبنانية بين ليلة وضحاها؟».

وختم قائلًا: «وبعد، هناك من يتساءل لماذا ينفجر الشعب؟ من وراءه؟! فخير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن من أن ينفجر الوطن ولا يبقى الشعب! لكننا باقون، والشعب أقوى من المعتدين على الوطن، مهما عظمت وسائلهم!».