ترجمة: إسلام فرج

تستغل مقتل مواطنيها لإقامة منطقة آمنة دائمة

قال موقع «سينديكيشن بورو»: إن تركيا تهدد بتصدير إستراتيجيتها، التي تنتهجها مع سوريا إلى العراق.

وبحسب مقال لـ«فيصل اليافعي»، أثار مقتل 13 مواطنًا تركيًا داخل العراق في فبراير نزاعًا سياسيًا بعيد المدى يمتد الآن على طول الطريق من واشنطن إلى طهران، ولا يظهر أي بوادر للتوقف، ويقول: لقد أصبح الخلاف خطيرًا للغاية، ويبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان يريد الاستمرار في ذلك.

ونوه بأن هذا الوضع يعني توسيع تركيا لإستراتيجيتها المثيرة للجدل في سوريا لتشمل العراق نفسه.

وأردف بقوله: تصاعد الخلاف الأسبوع الماضي عندما استدعت تركيا السفير الإيراني في أنقرة للاحتجاج على تصريحات دبلوماسي إيراني آخر بشأن تورط تركيا في شمال العراق، وردا على ذلك، استدعت إيران سفير أنقرة، ولفت إلى أن الخلاف يعود إلى منتصف فبراير، عندما عثرت القوات التركية، في عملية ضد المسلحين الأكراد داخل العراق، على جثث 13 مواطنًا تركيًا اختطفهم مسلحون من حزب العمال الكردستاني.

إلقاء اللوم

ويقول اليافعي: استهدف أردوغان على الفور واشنطن بسبب ما قال «إنها إدانة غير قوية بما يكفي لحزب العمال الكردستاني»، ويتابع: استسلمت وزارة الخارجية الأمريكية في نهاية المطاف بعد أول محادثة بين وزيري الخارجية في عهد جو بايدن، وألقت باللوم بشكل أكثر تحديدا، مؤكدة أن إرهابيي «العمال» يتحملون المسؤولية.

ولفت إلى أن أردوغان وجه تهديده الأكثر وضوحًا، لتصدير إستراتيجية الحدود من سوريا وتشكيل منطقة آمنة عبر شمال العراق.

وأردف: قال لمؤيدي حزبه «إن الحدث الذي وقع في شمال العراق عزز رأيه حول منطقة آمنة عبر حدود بلاده».

ونقل عنه قوله: سنبقى في هذه الأماكن، التي سنؤمنها، مهما طال الأمر حتى لا نتعرض لمثل هذا الهجوم مرة أخرى.

ومضى الكاتب يقول: هذه هي العلاقات المتشابكة في جميع أنحاء تلك المنطقة بأكملها، حيث تتاخم سوريا وتركيا والعراق وإيران، إن حادثة كهذه يمكن احتواؤها نسبيا، رغم أنها مأساوية، يمكن أن تنتهي بإعادة تشكيل العلاقات بين تركيا والعراق، والعراق وإيران.

وأردف: تعتبر إستراتيجية تركيا الحدودية في شمال سوريا مثيرة للجدل وناجحة من وجهة نظر أنقرة، وتابع: اعتبارًا من 2016، نفذت أنقرة عمليات عسكرية على الجانب السوري من الحدود، بهدف طرد الفصائل الكردية، التي كانت تشن هجمات عبر الحدود، بالأحرى، أقامت تركيا مناطق آمنة بمثابة دويلات بحكم الأمر الواقع يحرسها الجنود الأتراك، وتخدمها المرافق التركية وتعمل بالاشتراك مع المسؤولين الأتراك والسوريين.

وأردف يقول: عاد إلى هذه المناطق مئات الآلاف من السوريين، الذين كانوا لاجئين سابقين في تركيا، تخطط أنقرة لإعادة ملايين آخرين بما يحتمل أن ينهي أزمة اللاجئين داخل حدودها، وأضاف: هذه المناطق الآمنة تعيش في مأزق قانوني، وهي موجودة فقط، لأن سوريا تمزقها الحرب الأهلية، ولأن نظام الأسد لا يهتم باستعادتها بالقوة.

المنطقة الآمنة

ومضى الكاتب في مقاله يقول: لكن تمديد مناطق آمنة مماثلة للعراق سيكون مثيرًا للجدل إلى حد كبير، قد يكون العراق لا يزال منقسما بسبب الصراع، لكن الحكومة المركزية تسيطر على حدوده، ويضيف: تعبر الطائرات المقاتلة والجنود الأتراك الحدود لتنفيذ عمليات داخل المنطقة الكردية في شمال البلاد، وكانت هذه سمة من سمات المنطقة لبعض الوقت، لكن المنطقة الآمنة الدائمة ستكون تصعيدًا كبيرًا.

وبحسب الكاتب، ثمة إدراك في أنقرة وطهران وبغداد أنه رغم أن فكرة إنشاء منطقة آمنة تركية صادمة، إلا أن هناك البعض في شمال العراق ممن قد يكونون قادرين على قبولها.

ولفت إلى أن مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، قال في مقابلة مؤخرا «إن مشكلة حزب العمال الكردستاني تم تصديرها إلى العراق من تركيا»، وألقى باللوم عن تصرفات أنقرة بشكل مباشر على الجماعة الإرهابية. حسب تعبيره.

وقال بارزاني للتليفزيون الفرنسي: يجب ألا يكون هناك أي مبرر لتدخل القوات التركية، في هذا الوقت حزب العمال الكردستاني يعطيهم هذا التبرير، وتابع الكاتب: خلال المقابلة، رفض بارزاني استبعاد القبول بمنطقة آمنة تركية في إقليمه.

ويواصل: إن رفض بارزاني إدانة دولة أجنبية للتدخل بل وألقى باللوم على الأكراد في التحريض عليه يظهر كيف يمكن للتحالفات أن تتغير، وهذا لأن المنطقة ليست متجانسة.

التنافس الكردي

وأشار إلى أن الإقليم الكردي في الواقع منقسم داخليًا بين فصيلين سياسيين متنافسين، الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي ينتمي بارزاني إليه، ومقره أربيل وأقرب إلى مناطق شمال غرب العراق، حيث القتال، والاتحاد الوطني الكردستاني، ومقره السليمانية، وأضاف: إذا قبل فصيل واحد، الحزب الديمقراطي الكردستاني، المزيد من التدخل التركي، فسيكون لذلك تأثير ضار على تنافسه مع الفصيل الآخر، كما أن لذلك تأثيرا غير مباشر في بغداد نفسها، لأن الرئيس العراقي الحالي ينتمي إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

ومضى يقول: بمجرد أن تتبع خيط السياسة حتى بغداد يصبح من الممكن تفسير سبب خوض دبلوماسي من إيران، البلد الذي لا ينبغي أن يكون له رأي بشأن ما يحدث في شمال غرب العراق، في الجدل.

وأشار إلى أنه حتى على المستوى الدبلوماسي لم يكن الأمر عاديا، مضيفا: لأن التصريحات، التي استدعت أنقرة سفيرها من أجلها الأسبوع الماضي جاءت من إيراج مسجدي، سفير النظام الإيراني الحالي في العراق، الذي كان لواء في الحرس الثوري.

وأوضح أن أي شيء يغير حساب القوة داخل بغداد مهم للغاية للحرس الثوري، الذي يدير في الواقع سياسة إيران الخارجية في العراق، وتابع: أي شيء يمكن أن يؤثر على قدرة الحرس على التحرك بحرية داخل وخارج سوريا (كنقاط العبور في الشمال الغربي) تهمه بشكل كبير.

ومضى يقول: هكذا فإن هذا الحادث الوحيد، في جبال العراق البعيدة عن مراكز القوة، قد هبط الآن إلى عواصم كل بلد في المنطقة.

واختتم بقوله: بدأت هذه الأزمة بسبب مهمة عسكرية شهدت عبور جنود أتراك الحدود العراقية، وقد تنتهي بوجود دائم على الجانب الآخر من هذا الخط.