خالد الشنيبر

أثبتت العديد من الدراسات أن لیست كل أشكال مشاركة المرأة في سوق العمل قادرة على تحقیق نفس الأثر الإیجابي ومستوى النمو الاقتصادي، ولذلك نجد أن اقتصادات الدول دائماً تعمل على التوليد المستمر لفرص عمل المرأة، بالإضافة للتركيز على توفير فرص العمل الدائمة واللائقة لهن، وتعتبر مشاركة المرأة في سوق العمل بالدول العربية الأقل على مستوى العالم 18.9% مقارنة بما يقارب 48.7% للمتوسط العالمي «وفقاً لإحصائية سابقة لمنظمة العمل الدولية».

بالرجوع لإحصاءات سوق العمل للربع الثالث من العام الماضي، التي أعلنت عنها الهيئة العامة للإحصاء، نجد أن معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بلغ 31.3% مقارنة بـ 25.9% بالربع الأول من نفس العام، وبرغم الظروف الصعبة، التي مرت على سوق العمل في العام الماضي نجد أننا تجاوزنا مستهدفات برنامج التحول الوطني، بالإضافة لمستهدفات رؤية المملكة 2030م والمختصة في مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، وهذا دليل واضح على التطور الملحوظ في نجاح المرأة السعودية بالمشاركة بفاعلية في سوق العمل، بالإضافة لنجاح الإصلاحات، التي قامت عليها وزارة الموارد البشرية فيما يخص توظيف المرأة في سوق العمل.

من اطلاع على سوق العمل، أرى أن هناك 3 أسباب رئيسية كان لها الأثر الأكبر في ارتفاع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل بالوقت الحالي، مما أدى ذلك لتجاوز مستهدفات برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة لعام 2030م، السبب الأول «الإصلاحات، التي تمت على المساواة بين الجنسين خلال الفترة الماضية لتمكين المرأة»، ثانياً «التنظيمات والتعديلات على نظام العمل، التي قامت عليها وزارة الموارد البشرية فيما يخص توظيف العنصر النسائي، ومن ثم المرونة في مراجعة العديد من التنظيمات، التي كانت سبباً وعائقاً في عدم تفضيل توظيف العنصر النسائي لصعوبة توافرها في بيئة العمل»، وثالثاً «برنامج دعم التوظيف من صندوق الموارد البشرية، الذي ساعد الكثير من المنشآت على توظيف العنصر النسائي».

عند مراجعة جميع المؤشرات المتعلقة في سوق العمل والخاصة بالعنصر النسائي، نجد أننا تجاوزنا تحديات عديدة وفي وقت قياسي، ولذلك المرحلة الحالية هي مرحلة للمحافظة على المعدلات الحالية، بالإضافة لتكثيف الجهود لتحسين معدلات بعض تلك المؤشرات، ولكن ما أخشاه فعلياً هو الاستمرار في المبالغة والحماية المفرطة في إعادة صياغة بعض مواد العمل المتعلقة في توظيف العنصر النسائي، وهذا ما لاحظته في مسودة التعديلات المقترحة على نظام العمل، التي أعلنت عنها وزارة الموارد البشرية قبل عدة أسابيع، وكرأي شخصي أرى أن نكتفي بالتعديلات السابقة، التي تمت خلال السنوات الماضية، وأن نكون حذرين من تطبيق أي مقترحات تزيد من تكلفة توظيف المرأة مما يعني صعوبة توظيفها، خاصة للمرأة العاملة المتزوجة، ولذلك أتمنى من المسؤولين عن تلك التعديلات التريث لأن تقليص المزايا في نظام العمل ليس بالأمر السهل مستقبلاً، وليس كما هو معتاد عليه عند منح مزايا بشكل أعلى.

أحد التحديات في الوقت الحالي هو العمل على إستراتيجية لزيادة مشاركة المرأة السعودية في القطاعات الحيوية وبشكل أكبر من السابق، وأرى أن أكبر عائق سنواجهه هو العمل على تقليص الفجوة بين التخصصات التعليمية للعنصر النسائي مقارنة بمتطلبات السوق المتغيرة، ولكن أعتقد أن صندوق الموارد البشرية سيكون قادراً على قيادة هذا الملف بشرط وجود تنسيق قطاعي لمعرفة تفاصيل أكبر عن القطاعات الاقتصادية.

ختاماً: قد يختلف معي البعض حين أذكر أن التمكين لا يعني الإفراط في الحماية، وحتى لا نهدم ما وصنا إليه من مؤشرات تخص المرأة السعودية في سوق العمل، فعلينا الحذر من رفع تكاليف توظيفهم.

Khaled_Bn_Moh@