طارق المزهود - الدمام

مطالب بوضع السعرات على الأطعمة ومراقبة المقاصف المدرسية

أكد أطباء أنه على من يشعرون بزيادة الوزن مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة، والكشف عن أي مرض عضوي يسبب تلك الزيادة، موضحين أن علاج السمنة تحسن كثيرا بعد فهم المرض وتطور وعي المجتمع لخطره، وأبرز النجاحات تبني المملكة مكافحة السمنة كأحد مستهدفات التطور الصحي في رؤية ٢٠٣٠.

وأوضح عدد من مرضى السمنة، لـ«اليوم»، أنهم يعانون من مشاكل صحية ونفسية، ويفترض علاج السمنة والأمراض التي تنتج عنها من جذورها، لافتين إلى معاناتهم من ارتفاع تكلفة العلاج بالمملكة، وقوائم الانتظار الطويلة، مطالبين بعدم تثبيت شرط العلاج عن طريق التأمين عند مؤشر الكتلة 45 كجم/م2.

وعي المجتمع ساهم في تحسن العلاج

قال استشاري جراحة السمنة د. أسامة الصانع، إن الطب احتار في البداية حول تعريف السمنة، وقبل ٧٠ عاماً كانت مشكلة العالم هي المجاعة والهزال الناتج عن نقص أو سوء التغذية، وتدرجت السمنة في البداية كظاهرة حلت مكان الهزال في العالم المتقدم، مضيفا: خلال القرن الماضي تضاعف استهلاك المرء من السكر في العالم المتقدم أربعة أضعاف وأثر ذلك على الوزن، وكلما زادت المتاعب من السمنة وظهرت الأمراض انصرفت المجهودات لعلاج الأمراض دون علاج المسبب الأساسي لها.

وأوضح أن ظهور داء السكر وارتفاع الكولسترول والضغط ومرض القلب قد يأتي من السمنة، فينصرف الأطباء لعلاج كل مرض على حدة دون التعامل مع المسبب الأساسي سواء بمقاومة حدوثه أو علاجه، ولذلك قبل أربعين عاما بدأت محاولة الحصول على اعتراف بأن السمنة مرض يجب علاجه وهو أنجح من علاج كل مرض لأن علاجها غالباً يشفى من هذه الأمراض ولا يخففها فقط، ولهذا اعترف بأن السمنة مرض وليست سلوكا منذ عام ٢٠١٣ بعد صراع طويل.

وأضاف إن علاج السمنة قد تحسن كثيرا بعد فهم المرض وتطور وعي المجتمع لخطره وأبرز النجاح تبني المملكة مكافحة السمنة كأحد مستهدفات التطور الصحي في رؤية ٢٠٣٠، ونلمس ذلك ليس فقط في زيادة العمليات الجراحية بالمنظار، بل بظهور أدوية وتقنيات كثيرة وإنشاء مراكز العلاج في القطاع العام والخاص، وللأسف رغم المجهودات الكثيرة إلا أن السعودية منذ عام ٢٠١٣ احتلت المركز الثاني عالمياً بعد جزر سماوا الأمريكية وتخطينا حتى الولايات المتحدة الأمريكية، ووصلنا إلى أن ٢٨ ٪ من الذكور البالغين و٤٨ ٪ من النساء البالغات يعانون من السمنة بمختلف درجاتها، و٢٤ ٪ من المجتمع في الوزن المثالي في حين تبلغ نسبة السمنة المرضية لدينا ٧ ٪ حسب منظمة الصحة العالمية، ولذلك نثني على مجلس الضمان الصحي بتغطية علاج السمنة، وننتظر زيادة نسبة المشمولين بالعلاج ليماثل ما هو متبع عالميا في جانبين الأول هو السماح بتنزيل مؤشر الكتلة إلى ٤٠ بدلاً من ٤٥ والثاني إعطاء الأولوية لأصحاب الأمراض المصاحبة لأنها فتاكة وعدم تقييد الطبيب بعملية واحدة هي التكميم قد لا تناسب البعض من المرضي.

وعن العلاج الأنجع للسمنة، قال د. الصانع إنه ليس هناك علاج متفرد بل خطة متكاملة في كل مركز، وتؤخذ في الاعتبار درجة السمنة ونوع الأمراض وتبدأ من تغيير السلوك المجتمعي والخطوات المتخذة جيدة للآن ونريد المزيد منها بوضع السعرات على الأطعمة وتحسين المقصف المدرسي وزيادة الحركة والنشاط الرياضي للجنسين، ثم العلاجات الكثيرة التي هي في تطور مستمر وحتى في مجال الجراحة التركيز اليوم على وضع قواعد وأسس للعمليات لزيادة النجاح والأمان وتقليل المضاعفات، والاهتمام بتحويل العمليات لعمليات اليوم الواحد بتقليل الألم والآثار الجانبية من خلال برامج سرعة التشافي مثلا والذي تطبقه المراكز المتطورة والمنطقة الشرقية في مقدمتها.

المرضى أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات كورونا

أوضح مدير مركز جراحات وأمراض السمنة في شبكة الدمام الصحية بالتجمع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية د. مالك المطيري، أن مفهوم فقدان الوزن لدينا خاطئ تمامًا، فالغالبية ترى أن الرشاقة تأتي عبر إنقاص الوزن، وتناول سعرات حرارية أقل. ولكن بناء العضلات وحرق الدهون في الجسم هو المفهوم الصحيح للصحة والرشاقة. مبينا أن التمثيل الغذائي هو الذي يحدد مدى سرعة حرق السعرات الحرارية أثناء الراحة فالأشخاص الذين يعانون من عملية التمثيل الغذائي البطيء سيجدون صعوبة في فقدان الوزن. محذرا من أنه عندما تكون كمية السعرات الحرارية أعلى من برنامج الحمية المتبع سيؤدي إلى زيادة الوزن.

وقال د. المطيري إن تصنيف الشخص السمين عن غيره يتم عبر مقياس متفق عليه عالميا وهو ما يعرف بكتلة الجسم بالرغم من أن هذا المقياس لا يعطي نسبة الدهون في الجسم ولكنه يعتبر مقياسا مرضيا للسمنة، لافتا إلى أن أسباب السمنة تكمن في أنها ناتجة عن الداخل للجسم من السعرات الحرارية أكثر من الخارج عن طريق العمل والحركة والرياضة، وبذلك يصبح هناك توفير لهذه الطاقة في الجسم، يختزنها الجسم على شكل دهون تتراكم في أجزاء مختلفة، كما أن هناك عوامل وراثية تؤدى إليها، إلا أن أكثر الأسباب شيوعا هي العادات المكتسبة للأكل، وكذلك العادات الاجتماعية في المناسبات.

وأضاف إن طريقة الحمية الغذائية المتمثلة بإنقاص كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميا مع زيادة الحرق عن طريق الرياضة اليومية أهمها الحركة والسباحة، ورغم أن النسبة الكبيرة من متبعيها يستطيعون النزول بأوزانهم إلى مستويات مقبولة ولكن عودتهم لنظامهم السابق في الأكل والعمل يستعيدون أوزانهم السابقة، ولذلك يجب متابعة الوزن ومراقبته بشكل دائم.

ونصح من يشعرون بزيادة الوزن بمراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة والكشف عن أي مرض عضوي يسبب هذه الزيادة في الوزن. مضيفا إن مرضى السمنة أحد المعرضين لخطر الإصابة بفيروس كورونا وقد يصابون بمضاعفات خطيرة قد تؤدى إلى الوفاة، وكذلك فإن السمنة مدمرّة للصحة أكثر من التدخين، كما تشكل خطرا كبيرا على المرضى المصابين بالسكري من الدرجة الثانية وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والجلطات الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي والكتمة التنفسية أثناء النوم وكذلك أمراض السرطان وألم المفاصل. وخطورة هذه السمنة المفرطة أنها بالإضافة لما سبق أن ذكرناه من علاقتها ببعض الأمراض الخطيرة فهي تؤدي كذلك إلى أمراض نفسية واجتماعية وجنسية عديدة نتيجة لعدم تمكن الإنسان المفرط في السمنة بالقيام بعمله وحركته السليمة وحياته العائلية.

وبين أنه أجريت أكثر من ١٣٠ عملية جراحية خلال أول سنة منذ بداية افتتاح مركز جراحات وأمراض السمنة في شبكة الدمام الصحية، وتنوعت هذه العمليات ما بين تحويل مسار وتكميم معدة وتصحيح عمليات سابقة لمرضى السمنة، ومعظم هذه الحالات أحيلت من المراكز الصحية ومستشفيات أخرى، وكذلك تم استقبال بعض الحالات الطارئة وأجريت لهم عمليات جراحية عاجلة. كما أن المركز استقبل في العيادات ما يزيد على ٢٢٥٠ حالة منذ تدشينه في منتصف ٢٠١٩.

برامج إرشادية لتقوية الصلابة النفسية

أشار أستاذ العلاج والإرشاد النفسي ومدير مركز الإرشاد الجامعي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام د. عبدالعزيز المطوع، إلى أن الأشخاص ذوي السمنة قد يتعرضون للتهكم والسخرية، وهذا له تأثير نفسي عليهم مما يؤدي لديهم لأعراض انسحابية أو العكس وهو ما يسمى بالتعويض فيبدأ هذا الشخص بقبول التهكم ويعيده على أنه إنسان مرح وهذا يعرف بعلم النفس التعويضي وحتى يكون مقبولا من المجتمع.

وأضاف د. المطوع إن صورة الجسم لها تأثير على الحالة النفسية ومهمة، وهناك علاقة بين الحالة النفسية وزيادة الوزن حيث تنطبع صورة الجسم على الصورة الداخلية للشخص وبالتالي قد تكون مرحة أو مكتئبة وقد تكون هناك تنازلات يقدمها الشخص السمين حتى يكون مقبولا اجتماعيا.

وأضاف د. المطوع إن الأثر النفسي على مرضى السمنة بسبب تأخر العلاج أو عدم علاجهم تأثير كبير، فقد يصاب بالإحباط والاحتراق النفسي ومعلوم أن التكوين النفسي للبدناء يبين أنه ليس لديه قدرة على الصلابة النفسية أو التحكم بالأكل وخاصة السكريات والعلاج النفسي مهم من خلال عمل برامج إرشادية لإدارة اللهفة وتقوية النسيج النفسي لديهم والصلابة النفسية.

ارتفاع التكلفة والانتظار الطويل

قال أحد المتعافين من السمنة بندر عولقي: أجريت عملية التكميم في الأردن بسبب ارتفاع تكلفة العلاج داخل المملكة بشكل كبير، كما أن مرضى السمنة يعانون من المواعيد الطويلة التي تضطرهم للذهاب للمستشفيات الخاصة لتبدأ المعاناة من ارتفاع التكلفة والتأمين الذي لا يتم إجراء العملية إلا إذا تعدت الكتله ٤٥ وبمبلغ لا يتجاوز 20 ألف ريال وعن طريق عملية تكميم المعدة فقط. مضيفا إن معاناة مرضى السمنة تختلف من شخص لشخص فبعضهم يعاني من آلام الظهر وبعضهم يعاني في النوم وبعضهم من المشي مسافة طويلة، بالإضافة إلى أمراض القلب السكر والضغط والمفاصل وضيق التنفس.

مؤشر الكتلة يزيد من المعاناة

وأضاف عبدالله الزهراني «أحد الذين عانوا من السمنة»، إنه تخلص منها عن طريق التكميم بعد عدة محاولات بدون التدخل الجراحي، إلا أنها باءت بالفشل، مضيفا إنه أجرى العملية على حسابه الخاص داخل المملكة، وقال: عانيت كثيرا من السمنة لتسببها في ارتفاع ضغط الدم، حيث كان يصل إلى 200، وأضاف إن مرضى السمنة يعانون من المشاكل الصحية والنفسية، وإنه يفترض حل مشكلة السمنة من جذورها فعندما يتم علاج المرضى بشكل كامل فهذا يخفف من مراجعي العيادات المزمنة كالسكر والضغط وغيرها، وبذلك يتم توفير الكثير من المصروفات التي تتكبدها الدولة نتيجة الأمراض المزمنة.

وأوضح الزهراني أن شمولية التأمين لعمليات السمنة شيء إيجابيي لكن لابد أن تكون هناك شمولية أكثر وألا تكون هناك كتلة محددة فصاحب الكتلة 35 كجم/م2 يعاني نفس معاناة صاحب الكتلة 45 كجم/م2 واشتراط كتلة محددة يعتبر عائقا كبيرا، يجبر البعض على التحايل بحيث يضطرون لزيادة الوزن من أجل الحصول على التأمين، وهذا فيه خطر على صحة السمين، وحسب الآراء الطبية التي نعرفها فإن إجراء عملية لشخص كتلته 50 كجم/م2 أصعب بكثير من شخص كتلته 40 كجم/م2.

وزن الجسم بحاجة إلى قبول جماعي

لفتت الأخصائية الاجتماعية ريم العبيد إلى أن انتشار ظاهرة الخوف من البدانة وتحولها إلى أمر عادي في المجتمع ما هو إلا نتيجة اعتقادنا بأن الشخص البدين هو الذي فعل ذلك بنفسه؛ وأنه كسول ويفتقر إلى الإرادة وغير صحيح الجسم، وما نحن إلا نصحاء له نخبره بخطئه كي يعالجه. وبعد كل ذلك، يقولون لنا إن البدانة وباء. والبدناء عبء على هيئة الخدمات الصحية الوطنية. وأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. وهكذا لا يبدو التمييز ضدهم مقبولاً في نظر المجتمع فحسب، ولكن قد يبدو شكلاً من أشكال الحرص على المجتمع كذلك.

وأضافت: لا شك أن جميع هذه المفاهيم مخطئة. وقد أظهرت الأبحاث الصادرة حديثا أن النحافة ليست علامة جيدة أو صحية في الواقع، إنما مردها لدى غالبية الناس إلى الاستعداد الوراثي، مثلها مثل لون العين أو ملمس الشعر أو حجم القدمين. ولوضع حد لهذه الظاهرة والتمييز ضدهم، فإننا بحاجة إلى قبول جماعي لفكرة مفادها أنه ليس بالضرورة أن يكون لحجم الجسم أي تأثير في الصحة. وقد ثبت مرارًا أن مطالبة الأشخاص بإنقاص وزنهم كثيرًا ما تأتي بنتائج عكسية تمامًا، في حين أن مساعدتهم على حب أجسادهم وقبولها أفضل وسيلة لضمان حفاظهم على صحتها.

ما هي السمنة؟

مرض معقد يتضمن وجود زيادة مفرطة في كمية الدهون بالجسم.

حقائق:

أكثر من 1.9 مليار بالغ يعانون زيادة في الوزن.

وفيات فرط الوزن والسمنة تفوق وفيات نقص الوزن.

كتلة الجسم «BMI»:

حساب نسبة وزن الشخص بالكيلو جرام إلى مربع طوله بالمتر «كج/م2».

أسباب الإصابة:

1. تاريخ مرضي عائلي.

2. طبيعة النمط الغذائي للفرد أو الأسرة.

3. غياب أو قلة ممارسة الرياضة.

4. بعض الأمراض المؤدية لقلة الحركة.

5. بعض الأدوية.

6. اختلال نظام النوم.

7. التقدم بالعمر.

8. الحمل.

طرق الوقاية:

1. ممارسة الرياضة يوميًّا

2. اتباع نظام غذائي صحي متوازن

3. المتابعة طويلة الأجل لما تأكله أو تشربه.

أهداف اليوم العالمي:

رفع الوعي الصحي بأسباب ومخاطر السمنة، وطرق الوقاية منها.

التثقيف بأهمية اتباع نمط حياة صحي، وتشجيع الكشف المبكر.

دعوة الجهات ذات العلاقة؛ للمساهمة في إيجاد حلول.

التشجيع على مساعدة المستهلكين في تغيير الأنماط غير الصحية.