عبدالكريم الفالح

لو سئلت عن أفضل كتاب قرأته في حياتي لقلت وبلا تردد هو «فن الحرب» لصن زو أو تزو، برغم أنني لم أقرأه كله، بل أجزاء منه، فلم أجده كاملا في المملكة، فهو سفر ضخم جدا كما ذكر لي الدكتور إبراهيم الصيني الخبير في شؤون التطوير وبناء وصناعة الإنسان.

اقتطفت أجزاء من عدة كتب منها «فن الحرب من جانبه الإداري» وغيره، وألفت كتابي الموسوم بـ «فن الحرب من جانبه الرياضي».

«زو» ولد عام 551 قبل الميلاد، وتوفي عام 496 قبل الميلاد، وهو جنرال صيني وخبير عسكري وفيلسوف، اشتهر بسبب عبقريته العسكرية، وكثرت في عهده الحروب، التي زادت من خبرته العسكرية، وعمدت إلى صقل مواهبه وحكمته.

والحكمة إذا اجتمعت مع المواهب والخبرة تزيد من قوة الشخص أو الدولة.

عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت النَّبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها».

نعود إلى «فن الحرب»، الذي يعتبر من أفضل 100 كتاب في تاريخ البشرية، ووزعه الجيش الأمريكي على قادته وجنوده في عملية «عاصفة الصحراء» عام 1990 كما استفاد منه نابليون أيضا، وقادة عسكريون وإداريون، وكذلك مدربون للألعاب الرياضية في أكثر من دورة وبطولة، وطبقه اليابانيون في الهجوم على ميناء «بيرل هاربر» ووزعه الطيران الملكي البريطاني بعد تبسيطه على ضباطه خلال الحرب العالمية الثانية.

وهكذا يمكن الاستفادة من خطط «زو» في عدة مجالات إدارية أو سياسية أو اقتصادية أو رياضية. الاستفادة شاملة من هذا الفيلسوف في شتى نواحي الحياة.

يقول في إطار الخدعة: «الحرب لا تكسب بالقوة، بل بالخداع وعدم الاستعجال».

لقد رمى القوة، وهي مهمة جانبا، وذهب إلى الخدعة وعدم الاستعجال؛ لأن الاستعجال يربك المحارب ويقلب عليه الطاولة.

أين القمر؟!

يذكر هذا الجنرال الشمس والقمر، فيقول: «أن تستطيع رؤية الشمس والقمر لا يعني أن بصرك ثاقب».

ويمكن أن نطبق ذلك في المجال الرياضي مثلا، فإذا رأيت ذلك اللاعب البارز أو الفريق القوي (القمر) بوضوح، فلا يعني أنك ستحقق الانتصار.

هناك نجوم آخرون عدم رؤيتهم لا يضمن لك الفوز.

ويوجه «زو» نصائح مهمة منها انتبه... لا تتحرك، ومن المهم جدا الوصول إلى عقل العدو، ولا تكرر التكتيك الذي فزت به، والمنافس يخشى الغموض، ولا للجبهات المتعددة، وتظاهر بالفوضى، ولا تعبر النهر، وكن كالنار وكالجبل، ولا تطاردهم، وغيرها من النصائح الذهبية.

لكن ما أحزنني بعد تأليف كتابي هو أنني قابلت كاتبا فسألني عن أحوالي. قلت له إنني انتهيت من إصدار كتاب عن صن زو، فأبدى استغرابه متسائلا عن من هو صن هذا؟

بعدها بأشهر سافرت إلى لندن، وفي «المترو» قابلت رجلا إنجليزيا سألني السؤالين المعتادين من أين أنت؟ وماذا تعمل؟. قلت له إنني كاتب، وبادرته بالسؤال: هل تعرف صن تزو، فقال نعم. هل هو صاحب كتاب «فن الحرب»؟

.. نهاية

لماذا يعرفون، ونحن لا نعرف؟!

يقرأون ولا نقرأ؟!

@Karimalfaleh