حذيفة القرشي - جدة

المملكة حريصة على تصفير الخلافات وعدم التدخل في شؤون الجوار

أكد مختصون أن العلاقات السعودية العراقية تشهد تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، ويحرص قادة البلدين على تمتين العلاقات الثنائية، التي تتسم بأهمية كبرى على صعيد التعاون الثنائي وقضايا الأمة العربية وتحصين المنطقة من التدخلات الخارجية. مبينين أن المجال الأمني يعد من الملفات الرئيسية في التنسيق المشترك بين البلدين، وحقق التعاون في هذا المجال نجاحات مشهودة، ووصلنا بفضل الله ثم بالتعاون المثمر إلى نسبة صفر عمليات تهريب أو دخول غير نظامي على طول الحدود بين البلدين.

تنسيق وتحفيز

وأوضحوا أن زيارة وزير داخلية العراق تستكمل ما يحققه التنسيق رفيع المستوى بين القيادتين، مشيرين إلى أن الرياض تتطلع لتكثيف العمل مع بغداد بشكل وطيد خدمة لمصالح البلدين والشعبين الشقيقين. لافتين إلى أن الاجتماع الأخير برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ورئيس الوزراء العراقي دفع عجلة التعاون وعزز مسار التنسيق وحفز التعاون الأمني ليرتقي إلى الأعلى. مشيرين إلى أن المملكة تعتبر زيارة الوفد العراقي برئاسة وزير الداخلية زيارة مهمة وتحمل لها تقديرا واهتماما كبيرين وتحرص على إتمامها وفق التقدير الذي يستحقه العراق الشقيق حكومةً وشعبًا.

تنمية حقيقية

وقال أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، د. عادل عبدالقادر، إننا نعيش في منطقة ملتهبة والإرهاب يحاول أن يزرع في الأرض العربية من خلال الأذرع والأطماع الإيرانية، والمفترض أن تكون العلاقات في أعلى المستويات بين الحكومات لتعمل على تنمية دولها وشعوبها، كما يحتاج العراق إلى الكثير على مستوى البنية التحتية، ولذلك يتطلع لعلاقة مستدامة وتطور العلاقات مع دول الجوار سيؤثر على التنمية الحقيقية التي ينشدها الإنسان العراقي.

طموحات عالية

وأوضح أن العراق يبحث عن تنويع علاقاته في المحيط العربي والإسلامي مما يحقق مصالحه، مبينا أن السياسة العراقية اليوم اختلفت عنها في الأمس، فهو اليوم ينشد التطور ويحتاج إلى قفزات ليواكب التطور، وأي حركة لتفعيل عجلة التنمية هي حركة إيجابية ولصالح الإنسان العراقي، مشيرا إلى أن حركة البضائع على الحدود يستفيد منها الكثير، كما أن قضايا السفر انتهت، وبدأ العراق يتعافى والطموحات عالية لتحقيق التطور، وتراجعت خطابات التشنج التي أصبحت منبوذة بالداخل ومن قبل المنصات السياسية، وكل ذلك نتج عنه أرضية ومنصة للانطلاق نحو مستقبل مشرق.

تاريخ جديد

ولفت إلى أن الشعب العراقي لم يعد يقبل أي بديل، ويسعى لكتابة تاريخ جديد، وتعد الرياض هي بوابة العبور لتحقيق الطموحات، خصوصا أن الرياض تسعى لأن تعود بغداد قوية منيعة، كما أن هناك رغبة صادقة من السعودية ومستمرة، وتمد يدها دوماً للإخوة في العراق، وأرى أن الظروف نضجت لفتح صفحة جديدة تساعد على انتشال الواقع العراقي وأن يعود إلى مكانته ولدوره العروبي.

تكامل اقتصادي

وبين أن العراق بدأ مرحلة جديدة في الانفتاح العالمي العربي بشكل عام، ومع السعودية بشكل خاص، واليوم مهيأ على المستوى الحكومي والشعبي، وهناك مجلس التنسيق الذي تشكل منذ عام 2017، والذي يسعى لتعزيز التعاون الأمني والعسكري إلى جانب التكامل الاقتصادي، وهناك 180 فرصة استثمارية سيستفيد منها السوق العراقي، وهناك فرق تجتمع بشكل منتظم لتنفيذ أكثر من 20 مشروعا، إضافة إلى عشرات المذكرات وبروتوكولات تعزيز التعاون في مجالا الطاقة والكهرباء والزراعة والصناعة، والبلدان يأتيان في المقدمة بمنظمة أوبيك، لذا تم طرح الاستثمار بالطاقة والبتروكيماويات والغاز المصاحب وتوجد شركات سعودية دخلت في المجال الصناعي وفي التعدين والفوسفات.

فتح الأفق

وقال الخبير الاقتصادي بالعلاقات الدولية د. لؤي الطيار، إن البلدين تربطهما علاقات وثيقة وأخوية، والشقيقة العراق هي البوابة الأمنية الشمالية للمملكة، وهي الحارس الأمني لمنطقة الخليج، وتمتلك مقومات نفطية واقتصادية تتكامل مع المملكة في الكثير من الأسس الاقتصادية والتجارية، والعلاقات أصبحت في نمو متصاعد بعد فتح السفارة والمعبر البري، وأخذت منحنى اقتصاديا كبيرا أيضا بعد زيارة وزير التجارة د. ماجد القصبي مع عدد من رجال الأعمال السعوديين للعراق لفتح أفق التعاون والاستثمار بين البلدين، كما أن زيارة الوفد العراقي ستوفر فرصا استثمارية متاحة في المملكة.

المحيط العربي

وبين الخبير الأمني اللواء المتقاعد مسفر الغامدي أن المملكة دائما حريصة على عدم تدخلها في السياسات الداخلية للدول الأخرى، وهو نهج ثابت لسياستها كما أنها حريصة جدا على استقرار العراق وانتماؤها العربي يهمها كثيرا، ونحن على علم كامل بمحاولة بعض الدول الإقليمية التي تحاول قدر الإمكان إبعاد العراق عن محيطه العربي، ولكن العراقيين بجميع انتماءاتهم ومشاربهم يدركون ذلك جيدا ولن يسمحوا بحدوثه أبدا.

تجاوز السلبيات

وأكد أن المملكة والعراق أحوج من أي دول أخرى لتكون علاقاتهما مميزة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، كما يمكن لبغداد الاستفادة من خبرات الرياض في جميع المجالات، وسبق أن عرضت المملكة قدراتها سابقا للإخوة العراقيين ولكن اعترض ذلك بعض السلبيات ونأمل أن يكون الجانب العراقي قد تجاوزها الآن، ويساهم ذلك في استقرار المنطقة.

تطور كبير

وأوضح الخبير الاقتصادي د. إياس آل بارود أن العلاقات العراقية السعودية شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة تمثلت في تبادل الوفود بين الجانبين، وتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون، فضلاً عن تأسيس مجلس التعاون التنسيقي المشترك. وتوجت العلاقات المتصاعدة بين البلدين في جملة من أطر التعاون المشترك، بينها إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي بعد إغلاق دام نحو 3 عقود.

تبادل تجاري

ويذكر أن المجلس التنسيقي، الذي تأسس عام 2017م، كان من أهم أهدافه فتح القنصلية السعودية في بغداد، وعودة التبادل التجاري، والرحلات الجوية، وفتح منفذ عرعر الحدودي وإنشاء منطقة تجارة حرة. كما كان لهدية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان «مشروع المدينة الرياضية» الأثر الكبير في نفوس الشعب العراقي، وأيضا استجابة المملكة لمكافحة جائحة كورونا، ودعم العراق بالمستلزمات الطبية، والأدوية الضرورية، الذي زاد من قوة العلاقات السعودية العراقية، التي تشهد نموًا اقتصاديا، وماليا في الاستثمار، والتبادل التجاري بنسبة 100 %.

تعاون وتنسيق

وتأتي هذه التطورات في ظل اجتماعات المجلس التنسيقي السعودي العراقي بين وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد حسين وبحضور أعضاء اللجان، حيث تم الاتفاق على التعاون، والتنسيق في مختلف المجالات، وبما يعزز التعاون الثنائي، ويحقق الأهداف. وأيضا اجتماعات وزير التجارة السعودي د. ماجد القصبي، ووزير التجارة العراقي د. سليمان الجميلي، وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق نحو 23 مليار ريال.

نهضة شاملة

ومن المتوقع أن يرتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات عالية، وهناك قنوات استثمارية جديدة، وجاذبة لرؤوس الأموال في جميع القطاعات. وستخلق مزيدًا من فرص العمل، وزيادة في حركة النقل، وتوفر السلع في الأسواق، حيث كان لمعرض بغداد الدولي نهضة شاملة للعراق، وتميزت مشاركة المملكة فيه بجناح كبير، والذي ضم أكثر من 60 شركة سعودية في الاستثمار، والطاقة والزراعة، والنفط والغاز، والبتروكيماويات والصناعة، والتجارة والزراعة.

دعم الاستثمار

وتعد علاقة المملكة مع العراق تاريخية، وفي تطور مستمر، ولكن في ظل الظروف الصعبة من جائحة كورونا، وهبوط أسعار النفط، يسعى البلدان لتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي، والجميع يرحبون بعودة العلاقات السعودية العراقية، ودعم شركات الاستثمار لإعمار العراق، وخلق مزيد من فرص العمل.