سعود القصيبي

قرأت خبرا منذ ما يزيد على أسبوع مفاده إتلاف 2400 كجم أسماكا فاسدة في السوق المركزي بالقطيف. وقد نفذت بلدية محافظة القطيف مشكورة بالتعاون مع عدة جهات جولات رقابية، وذلك لضمان سلامة الأسماك المتداولة وسلامة العاملين. وسوق القطيف المركزي هو أحد أهم أسواق الأسماك في الساحل الشرقي، حيث إنه يغذي المنطقة الشرقية بكاملها ويورد للمنطقة الوسطي، كما تأتيه أسماك الخليج العربي، خاصة من سلطنة عُمان.

إلا أن الخبر لا يتوقف هنا، ففي العام الماضي أيضا ظهر خبر أيضا عن إتلاف عدد 595 كجم من الأسماك في السوق المركزي، الذي ظهر عليها التلف والفساد، وتم تطبيق لائحة الغرامات والجزاءات، فهل هي ظاهرة أم شيء عابر؟ إلا أنه ترد الأخبار المتداولة سنة بعد سنة في الصحف من جازان ومكة وتبوك وجدة ومناطق ومدن أخرى عن مخالفات مشابهة مما يجعلنا نقول إنها ليست حالة فردية إنما ظاهرة متكررة يجب الالتفات لها ومعرفة الخلل وطرق علاجه.

وقطاع الأسماك تشترك فيه عدد من الوزارات لتبدأ رحلتها وتجاراتها مع وزارة التجارة، حيث السجلات، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، والبرامج المعدة للقطاع والتراخيص والأراضي في حالة الاستزراع والتمويل للقطاع، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لصدور التأشيرات، والمديرية العامة لقوات حرس الحدود لأذونات وضوابط الإبحار عبر الموانئ المخصصة. ثم وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، حيث تباع تلك الأسماك في السوق المركزي وفي المحلات التجارية. ثم أخيرا مصلحة الزكاة والدخل، حيث الرسوم والضرائب والمعاملات الزكوية.

وربما أن أحد أهم الأسباب باستمرار المخالفات للأسماك الفاسدة سنة بعد سنة هو سيطرة العمالة الوافدة على القطاع، فحسب آخر إحصائيات متوافرة بموقع الوزارة، فإن مَنْ يعمل في القطاع لا يقل عن 30 ألف عامل، منهم فقط نحو 11% من العمالة السعودية أو نحو 10.700 عامل. ولا ينتهي الأمر هنا فبرحلة إلى أسواق الأسماك كما في القطيف، فإنك ستفاجأ بأن السيطرة للوافدين كبيرة وواضحة على معطيات العرض والشراء. وإن أيضا ألقيت نظرة كما في مدينة جازان عند خروج الصيادين من الميناء بنهاية عملهم، فإنك تكاد لا تجد أي سعودي. وعندما تتحدث مع عمالة تلك المراكب لصيد الربيان كما في مدينة الخبر، فإنك تجد المركب مؤجرا للعمالة الوافدة كما ذكر أحدهم ولا أي سعودي بها. وإن ذهبت إلى أحد محلات بيع الأسماك، فإنك حتما ستجد أن وافدا يمارس تلك المهنة.

إننا نقف أمام تحدٍ كبير وهو رؤية المملكة العربية السعودية لعام 2030، الذي ومن خلال البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة السمكية وضع عددا من الأهداف لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مساهمة قطاع الثروة السمكية والاستزراع المائي في الناتج الإجمالي الوطني. ومن أهداف البرنامج إيجاد فرص عمل تصل إلى مائتي ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، والوصول إلى نسبة السعودة خمسين بالمائة بقطاع الثروة السمكية حتى عام 2030. بمعنى رفع أعداد السعوديين بالقطاع بزيادة نحو 90 ألف فرصة عمل ووظيفة جديدة.

في رأينا أن سعودة القطاع كما في الرؤية لعام 2030 ليس بعيد المنال. كما أننا لا نعتقد أن مهنة صيد الأسماك بحاجة إلى علوم قدر الخبرة. ولا نعتقد أيضا في عدم قدرة المواطن السعودي على تأجير وتشغيل بنفسه تلك المراكب أو مَنْ تولى عمليات البيع والشراء من الأسواق المركزية أو تلك للبيع في المحلات التجارية. ونكاد نجزم بأن سعودة القطاع ليست بالأمر الصعب، ففي الماضي قبل فتح الباب أمام فيز العمالة كان المواطن السعودي هو مَنْ يقوم ويتولى قطاع الثروة السمكية بالكامل. وما علينا إلا القبول بالتحدي والهمة لنصل إلى سعودة وحتى كامل القطاع إن أردنا.

@SaudAlgosaibi