يوسف الحربي يكتب:

لا يختلف أي مُثقّف أو مُعني بالثقافة والفنون على أهمية الدور الريادي، الذي تقوم به جمعية الثقافة والفنون بكل فروعها في المملكة وضرورة ما تقدّمه للمعنيين، حيث استطاعت منذ تأسيسها أن تكون منارة للثقافة الوطنية، وتحمل هذا الشعار بكل الخصوصية السعودية، التي قدّمتها عربيا ودوليا في كل المجالات، ومن عدّة رؤى وجوانب، فقد كانت الفضاء الذي ساهم في اكتشاف المواهب وفتح المنافذ لها للظهور عربيا ودوليا، وما تقدّمه واضح ومميّز حتى إنه يعدّ مفخرة وطنية.

وعلى ذلك لا يمكن التغاضي عن كل ما تقدّمه الجمعية بالتوازي مع المؤسسات الحكومية، والتواصل مع هيئات الثقافة ومع رؤى المملكة، ومع مبادرات وزارة الثقافة سواء على مستوى النشاط والبرمجة أو المبادرات والابتكارات، التي أسّست بدورها لروح التعاون وخلقت بوادر التطوّع بين كل الأجيال وبالخصوص تمكّنت من أن تستقطب الشباب، فركّزت من خلالهم على الإرشاد المعرفي ونشر الوعي الفني والثقافي، دون إغفال المجال الترفيهي والتعبيري لكل الأجيال وعلى اختلاف مستوياتهم وإمكاناتهم ومداركهم حتى يتمّ تجاوز الهوّة الفكرية والحسية بين كل الأجيال.

فلا يمكن لأي ذي شغف بالفنون والثقافة إلا الوقوف عند كل محطة من محطات الجمعية مقرونا بتفاعل واهتمام، يفسر القيمة، التي تقدمها في مناسبة تتبناها.

فالجمعية هي بيت الكل، وهي بيت الخبرة الذي استطاع طيلة سنوات بلغت أكثر من 45 سنة من العطاء الفني والفكري والثقافي أن تعكس الإنسان السعودي بأخلاقه وشموخه وإبداعه ومواهبه وكرمه وطموحه وإصراره واندفاعه الحقيقي نحو الأفضل ونحو التجريب والتعلم واكتساب الخبرات فنيا ثقافيا وأدبيا وجماليا وإداريا وتنظيميا ونقديا وفكريا، ليعمل الكل في هذا البيت على تحمّل المسؤولية الوطنية في بناء الوعي الثقافي وتقديم أجمل صورة عن المملكة في الداخل والخارج.

فجمعية الثقافة هي التاريخ الراسخ والحاضر المستمر بكل طاقات أبناء الوطن، استطاعت أن تكوّن نواة ثقافية متنوعة من خلال البرمجة والتنفيذ، الذي يحقّق سنويا أكثر من ثمانين بالمائة من مجموع الأنشطة المُبرمجة ويتفاعل بشكل مُحترف مع أصداء الثقافة السعودية في الداخل والخارج ومع الظروف والأحداث سواء، التي تعايشها المملكة أو التي تجتاح العالم.

إن الاعتراف لجمعية الثقافة والفنون كمؤسسة ثقافية وطنية بكل جهودها وكل ما قدّمته إنما هو اعتراف بثقافة حقيقية في الوطن بمسار أسّس للتاريخ الثقافي الوطني وبنى جسور تلاقٍ بين المبدعين والمثقفين، ومَنْ يخطون خطواتهم الأولى وتوافرت لهم فرص التلاقي والنهل من الخبرات عبر فضاءات الجمعية لعرض كل منجزاتهم، التي كانت لهم منافذ وعي وبريق أمل وثقة في الثقافة الوطنية والمتابعين لم تخيّب آمالهم، ولم تخفت بريق انتصارهم لثقافة الوطن.

yousifalharbi@