عبدالله الحمدان



لم يكن السيد غولييلمو ماركوني مخترع جهاز الراديو يعرف أن هذا الاختراع سيغير شكل البشرية ويغير السرعة التي يتلقى بها الناس أخبارهم وهو الذي اكتشف إمكانية استخدام الموجات الكهرومغناطيسية في إنتاج الإشارات الصوتية لمسافات بعيدة.

وتعد الإذاعة واحدة من أعرق وسائل الإعلام منذ ظهورها، حيث مثّل اكتشاف الراديو قفزة هائلة في مجال الإعلام والاتصال.

الصوت الإذاعي كان له العديد من الفوائد حيث ساهم في سرعة نقل المراسلات، بعد أن كان الاعتماد دائما على الجرائد الورقية فقط في ذاك الزمان وساعد أيضا بتسهيل نقل رسائل الاستغاثة بشكل عام آنذاك، وصولًا للعديد من الجوانب الترفيهية الحياتية الأخرى مثل سماع الأغاني والبرامج الكوميدية والمسلسلات الإذاعية المسلية.

اليوم بعد مرور قرابة الـ ١٠٠ عام على اختراع ماركوني وفي ظل زحمة التكنولوجيا وتطور تقنيات وسائل التواصل، تشير إحصاءات «يونسكو» إلى أن عدد مستمعي الإذاعة في العالم يفوق عدد مشاهدي التلفزيون ومستخدمي الهواتف الذكية، وأن نصف سكان العالم تقريبا أي نحو 3.9 بليون شخص ما زالوا غير متصلين بشبكة الإنترنت، لكنهم متصلون بأثير الإذاعة.

ومن الاختراع إلى الانتشار، عربيا كانت الإذاعة المصرية تحتل واجهة الصدارة بين باقي الإذاعات العربية، فكان المذيع «أحمد سالم» أحد أشهر الأصوات العربية وهو أول من نطق بجملته الشهيرة «هنا القاهرة» والتي أصبحت أشهر جملة فى تاريخ الإذاعة المصرية حتى يومنا هذا والتي ما زالت الإذاعات المصرية تستعين بجملته الشهيرة فى فواصلها الإعلانية والإخبارية.

أما على المستوى الخليجي فكان الانطلاق الرسمي لبث الإذاعة السعودية في شهر أكتوبر من العام 1949 واستمر البث الإذاعي في السعودية منذ بدايته ولمدة 16 عامًا من استوديوهات جدة فقط، وخلال عام 1979 تم توحيد البث الإذاعي من محطتي جدة والرياض تحت اسم «إذاعة المملكة العربية السعودية» والتي استطاعت أن تقوم بدورها الحضاري على أكمل وجه في صناعة الوجدان المعرفي والثقافي للجمهور إلى جانب كونها وسيلة مهمة للأخبار.

ونظرًا لأهمية الإذاعات يحتفل العالم في الثالث عشر من فبراير من كل عام باليوم العالمي للإذاعة، وهي ذكرى إطلاق إذاعة الأمم المتحدة للمرة الأولى عام ١٩٤٦، الإذاعة التي جاء تأسيسها لنشر السلام وتعزيز أواصر التواصل بين شعوب الأرض، التي خرجت -قبل حوالي عام واحد- من الحرب العالمية الثانية.

وربما لا يعطي البعض أهمية كبيرة اليوم للإذاعة. لكن إذا كنتم ممن حضروا الزمن الجميل حيث كانت تلتف الأسرة حول جهاز الراديو لسماع أحدث الأغاني والمسلسلات وحتى نشرات الأخبار، أبناء ذلك الجيل يعلمون جيدًا حجم التغيير الذي أحدثه البث الإذاعي في عالمنا اليوم.

مع تطور وسائل التكنولوجيا في عصرنا الحالي، لا تزال المحطات الإذاعية منتشرة ومرغوبة ومؤثرة. سواء بشكلها التقليدي عبر أجهزة الراديو في المنازل أو السيارات، أو حتى بشكلها الإلكتروني الحديث من خلال مواقع الويب وتطبيقات الراديو والبودكاست، والذي يعد الشكل الأحدث للبرامج الإذاعية.

وخلال عقود من الزمان تميزت الإذاعة بقدرتها على تحديث نفسها، فحتى اليوم لا يزال أباطرة البث الإذاعي يعملون على مدار الساعة ليقدموا لمستمعيهم أفضل البرامج والأعمال الإذاعية.

@Abdul_85