أحمد المسري - الدمام

روائح كريهة تزعج المتنزهين والصيادين.. والمياه «سوداء»

تفاعل عدد من الجهات الحكومية، مع ما أثارته «اليوم»، حول المصبات، ومكبات الصرف الصحي، والمياه ذات الرائحة الكريهة، على سواحل الدمام وسيهات، والتي أزعجت المتنزهين والصيادين والمراقبين على حد سواء.

وأكد الصيادون أن مياه الصرف الصحي لوثت مواقع عديدة من السواحل، والحياة البيئية، وسببت أضرارًا عديدة، وروائح مزعجة انتشرت في مواقع عديدة من سواحل الدمام وسيهات؛ نتيجة القاء الصرف الصحي في السواحل البحرية التي تحولت مياهها إلى اللون الأسود.

أضرار واضحة.. ومنطقة طاردة للطيور

قال عضو اللجنة الزراعية بغرفة الشرقية محمد المرخان، إن ما يحدث من صب مياه الصرف الصحي، ليس بالجديد على سواحل الدمام، ونكاد نقول إن هذه المياه غير معالجة، ما سبب أضرارًا كبيرة بتلويث البيئة، وأضرارًا واضحة من تغير لون البيئة البحرية وخاصة بسواحل الدمام.

وأشار إلى تواجد مكبات للصرف الصحي بسواحل الدمام عند منطقة الجوهرة بجانب الحمراء، وعند سيهات، خاصة عند كورنيش سيهات عند المنتجع، وتتواجد مواسير 2 أو 3، تصب منها مياه الصرف الصحي ذات الروائح الكريهة، والتي جعلت المنطقة والحصى والأرض سوداء اللون.

وأكمل: «هذا الأمر منذ أكثر من 30 سنة، والأسماك في هذه المنطقة لا تصلح للطعام، والمنطقة أصبحت طاردة للطيور، بسبب التلوث، فقليلا ما تتواجد بقرب المصبات، وتحدثنا عن ذلك من قبل»، متابعًا: تطرقت «اليوم» للتلوث الوردي وغيره عدة مرات في هذه المنطقة.

ولفت المرخان إلى أن المياه التي ترمى وتكب من المفترض أن تعالج ثلاثيًا، وعلى أقل تقدير «ثنائيًا»، فالأضرار المترتبة على ما يرمى، كبيرة جدًا، فالمياه تنتقل إلى الأعماق وكذلك الأسماك، ما يتسبب في ضرر لأعماق البحر.

وبين كبير الصيادين أنه في عام 1392هـ، كان يعمل في منطقة التجمع الصرف الصحي، في «مخطط 91» بجانب محطة التلفزيون، وتتواجد الأحواض «اللاجون» الكبيرة، وعددها 8 أحواض، تعالج الصرف الصحي، وهي مسؤولة عن الدمام فقط؛ لتكب بعدها في البحر.

وتابع: «هذه المنطقة اليوم حتما توسعت نتيجة لكثرة السكان والزحف العمراني، لذلك يمكن أن تبلغ الأحواض أكثر من 16 حوضًا، ولكن قد يكون هذا العدد لا يكفي في معالجة ما يصل من مياه الصرف، فيرمى بعض من مياه الصرف الصحي دون معالجة، ما يسبب أضرارا بالبيئة برمتها، ومن المفترض أن يعالج ويستفاد منه في ري المزروعات، ففي البحرين يعالجون مياه الصرف بشكل ثلاثي وأغلب الدول المعالجة ثلاثية، وتستغل المياه بعد المعالجة للزراعة ولا ترمى في البحر بتاتا، ونحن هنا تكب في البحر بمشاكلها العديدة من الملوثات الكيميائية التي تقضي على البيئة الساحلية خاصة وعمق البحار بشكل عام».

توفير الإمكانات «في حدود الاختصاص»

أشار مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة الشرقية م. عامر المطيري، إلى أن فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة الشرقية يهتم بكل ما من شأنه الحفاظ على البيئة البحرية والبيئات الأخرى، وفق ما يتاح له من إمكانات في حدود الاختصاص.

وأضاف م. المطيري: حول مياه الصرف الصحي بسواحل الدمام، هناك جهات لها علاقة مباشرة بالموضوع، على سبيل المثال، المركز الوطني للأرصاد وحماية البيئة، والقطاع الشرقي للمياه، وأمانة المنطقة الشرقية، كما توجد عدة لجان من شأنها متابعة التعديات البيئية كاللجنة الدائمة لحماية الشواطئ.

واختتم: «نرى أن يتم توجيه الأسئلة لهم كجهة معنية، ونحن في فرع الوزارة على أتم الاستعداد للقيام بما يمكن القيام به من أجل رفع الضرر عن البيئة البحرية؛ حفاظا على التنوع الأحيائي والحياة البحرية».

مصبات غير مرخصة.. وجولات مستمرة

أكد مدير عام المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي بالمنطقة الشرقية عبدالرحمن الشهري، أن فرق التفتيش البيئي بالمنطقة الشرقية، أجرت مسحًا بيئيًا على موقع مصارف نواتج مياه الصرف الصحي، ومصارف مياه الأمطار بكورنيش الدمام، وتم رصد عدد من المصبات غير المرخصة، تنبعث منها روائح كريهة، مرجعًا السبب إلى تصريف مياه صرف صحي مختلطة بملوثات عبر تلك المصارف.

وأكد الشهري أنه سيتم تنفيذ إجراءات التقصي عن المتسببين، وتطبيق النظام العام للبيئة بحقهم، موضحًا أن الجولات الرقابية لا تزال مستمرة على الموقع المشار إليه، وعلى كافة المصارف المباشرة على البحر؛ للتأكد من خلوها من أي ملوثات تؤثر على سلامة البيئة البحرية.
تغيرات تؤدي لتقليص الكائنات البحرية
تغيرات تؤدي لتقليص الكائنات البحرية
ذكر عضو لجنة الشؤون الصحية والبيئية في مجلس الشورى سابقا، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية بجامعة الملك فيصل د. جميل آل خيري، أن البحار والمحيطات تعمل على امتصاص الأشعة الكونية، وتخفيف درجة الحرارة، وعلاوة على ذلك تعد أكبر مستودع طويل الأجل للكربون، حيث تختزن نحو 93 % من ثاني أكسيد الكربون في الكرة الأرضية، بينما بيئتنا البحرية تتعرض لتحديات عديدة، منها: الصرف الصحي غير المعالج بالطريقة الصحيحة، وهناك مكبات في منطقتنا سببت روائح وتلوثا ملحوظا، ونلاحظ ذلك جليا في سواحل الدمام وسيهات، حيث تغزوها الملوثات مثل: المخلفات الصلبة، ومبيدات الكيماويات الصناعية، والتسربات البترولية، وكل ذلك خطر على البيئة، وهذه التغيرات تؤدي لتقليص الكائنات البحرية.

وأكد أن خطر الصرف الصحي يبرز كثيرا في السواحل، التي تضم كثيرا من الكائنات البحرية، وشجر القرم «المانجروف»، الذي يعتبر الحاضن الأول للبيئة البحرية، الذي يستطيع امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون 6 أضعاف الغابات الاستوائية، وأشار إلى أنه بحسب إحصائيات «منظمة الأغذية والزراعة» FAO، فإن مساحة الغابات في العالم تقدر بحوالي 3454 مليون هكتار، وهناك دراسات عالمية تحذر من فقدان أشجار المانجروف في مطلع عام 2030 من العالم إن بقي الوضع على ما هو عليه.

وأضاف إن التلوث البحري متنوع ومتشكل، فهو النشاط السلبي، الذي يقوم به الإنسان في البيئة البحرية، والذي يتسبب في اختلال توازن بالنظام البيئي والإضرار بالكائنات البحرية المتعددة في البيئة البحرية، ومن هنا يجب ممارسة الطرق العلمية الصحيحة لإدارة البيئة الساحلية لتضمن التنمية المستدامة، التي تكفل الحفاظ على مكونات البيئة من دون تغير مع الاستفادة من مواردها للأغراض التنموية لخدمة الإنسان، فهذه ثروة يجب الحفاظ عليها لتبقى للأجيال القادمة.

وقال إن مياه الصرف الصحي لها تأثير مباشر على السواحل، من تغيير لون السواحل إلى اللون الأسود، وانبعاث الروائح الكريهة، وتوغل ضررها في الأعماق أيضا، وخطرها كبير للغاية على البيئة والأحياء البحرية برمتها، ومنها الأسماك والقشريات، كما يؤدي تركيز مياه الصرف الصحي إلى زيادة المواد العضوية بالمنطقة وانتشار الطحالب، التي تؤدي إلى قلة الإضاءة التي تصل إلى المرجان أو الحشائش البحرية، والتي تعتمد عليها الأسماك والقشريات، مما يؤدي إلى اختفائها، وهذا بالطبع يؤثر على البيئة البحرية برمتها.