مشعل أبا الودع يكتب:

الانطباعات الأولى أو اللقاءات الأولى، هي تلك اللحظة التي يلتقي فيها شخصان لأول مرة فيحدث أن يستنتج على إثرها شخصية الطرف الآخر بشكل عام. هي صورة ذهنية تتشكل بشكل لحظي وفي وقت شبه منعدم تحدث غالبا بناء على خلفيتنا الاجتماعية والثقافية وظروف تنشئتنا، لذلك تختلف من شخص لآخر ولكن غالبا ما نرى في الطرف الثاني ما يتخلل أعماقها إذا انطلقنا من فكرة أن الآخر في كل تجليانه مرآة لنا...

أثبتت العديد من الدراسات أن الانطباع الأول يكون مبنيا على لغة الجسد، هذا الحوار الذي يعتبر حاسما في تحديد الطريقة التي علينا التعامل بها مع الطرف الآخر، أو بصيغة أخرى إدراجه في الخانة التي نرى أنها تناسبه، قبل استيعابنا الكلي لما تقدمه شخصيته...

يجعلنا الانطباع الأول نتأرجح بين أفكارنا، فهو بمثابة محاولة الإبحار في نوايا الآخر انطلاقا مما يظهر عليه أمام أعيننا، أو إسقاطاتنا اللاواعية التي تنكب على تفكيرنا ونظن أنها حقيقة الأمور التي نراها بعيننا المجردة، والواقع قد يكون العكس تماما.

وكذا فالانطباع الأول هو بمثابة دوامة من المشاعر التي لا نهاية لها والصادرة أيضا من نزعتنا القوية في البقاء، كأننا نتحسس ونتجسس على الآخر في نفس الوقت محاولين أن نعرف ما إذا كان ذلك الشخص يشكل تهديدا أو يبعث للاطمئنان...

وعليه، يمكننا أن نقول بأن الانطباع الذي نتركه من خلال لقائنا الأول هو بمثابة سيف ذي حدين، وفي بعض الحالات يكون تحديا علينا تجاوزه بنجاح، عندما يتعلق الأمر بمقابلة عمل مثلا أو عند أول موعد مدبر... ولأن كل شيء فينا يعبر عن رسالة معينة سيقرأُها الطرف الثاني، علينا أن نكون حريصين على هذه المسألة ونحاول ترك انطباعات جميلة على أنفسنا...

وفي المقابل، الانطباع الأول عليه أن يندرج في نطاق الوعي والتريث، لأنه كثيرا ما أخطأنا الهدف بخصوص أشخاص شكلوا في مخيلتنا صورة زائفة عن شخصيتهم الحقيقية...

لهذا تبقى التجربة هي التي تبرهن عن مدى صحة انطباعاتنا، ثم لا ننسى بأننا بدورنا نصدر انطباعا لدى الطرف الآخر فلربما كان تعامله معنا وفقا لما صدر عنا... لهذا تبقى المواقف وحدها هي الحاسمة أمام أعيننا...

alharby0111@