إسلام فرج

حالة الناقلة تتدهور بشكل سريع.. ومليون برميل سيدمر الحياة في البحر الأحمر

حذر موقع مجلة «نيو لاينز» من كارثة تنتظر اليمن على غرار ما حدث في مرفأ بيروت قبل شهور.

وبحسب مقال الباحثة المتخصصة في مجال البيانات «ليلى يونس»، وتعمل لدى مؤسسة «برو ببليكا»، فإن الكارثة مرجحة مع استمرار الميليشيات الحوثية في تأجيل صيانة سفينة «صافر» واستخدامها وسيلة ضغط على الولايات المتحدة لإلغاء تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.

وأشارت إلى أن مخاطر التسرب النفطي من «صافر» تهدد سواحل اليمن بتلوث نفطي يمكن أن يحدث تغييرات هائلة في الأنظمة الاجتماعية والبيئية الهشة لهذا البلد.

وأوضحت أن المخاطر تمتد من الإضرار بمخزونات الأسماك الوفيرة، وكذلك بتعطيل أكبر ميناء في الحديدة، الذي تصل عبره جميع المساعدات الإنسانية إلى البلاد.

ولفتت إلى أن بعض الدول الأخرى ستتأثر، وإن كانت بدرجة أقل من اليمن، حيث إنه في حالة حدوث تسرب كبير للنفط، يمكن أن تنتقل البقع عبر سواحل الدول على البحر الأحمر، وسيؤثر في السياحة البحرية في مصر.

ونوهت بتحذير بعض الخبراء من أن النفط يمكن أن ينتقل حتى خليج العقبة، ليدمر الشعاب المرجانية الوحيدة في العالم التي يتوقع أن تبقى على قيد الحياة بعد منتصف القرن الـ 21.

مأزق صافر

ومضت تقول: على الرغم من تلك المخاطر، أدى المناخ السياسي الصعب في المنطقة إلى سنوات من التقاعس عن العمل مع انزلاق السفينة نحو الأسوأ.

وأردفت تقول: سيتذكر كثير من الناس مشهد الدخان الأسود المتصاعد من الصحراء عام 1991 عندما أمر صدام حسين قواته المنسحبة بإشعال النار في حقول النفط الكويتية، حيث تسبب الدخان المنبعث من الحرائق في تفشي أمراض الجهاز التنفسي والجلد في الكويت وأماكن أخرى.

وأوضحت الكاتبة أن المأزق الذي تجسده «صافر» يتشابه بشكل سافر مع الوضع قبل انفجار بيروت، حيث كانت يوجد الكثير من التحذيرات من العلماء والجمهور للتحرك بسرعة قبل الكارثة الحتمية.

وأردفت تقول: ظل النفط الموجود على ظهر السفينة، مثل نترات الأمونيوم في الحظيرة، خاملًا لأكثر من 5 سنوات، وهو قادر في أي لحظة على إشعال انفجار هائل.

تكرار المشهد

وأضافت: العالم الذي تابع مشهد انفجار بيروت، قد يشهد تكرار آخر له في اليمن قريبًا.

ومضت «يونس» بقولها: وفقًا للجيولوجي اليمني عبدالغني عبدالله جغمان، قبل التخلي عن صافر في 2015، كانت السفينة قد تجاوزت متوسط العمر المتوقع لناقلة تخزين النفط بـ20 عامًا.

وأشار جغمان إلى أن البيئة شديدة الحرارة والرطوبة على الساحل اليمني عجلت من تدهور حالة السفينة.

وأردفت الكاتبة: دفع عمر السفينة، إلى جانب تكاليف الصيانة والتشغيل المرتفعة وموقعها غير المستقر في البحر الأحمر، الحكومة اليمنية في 2006 إلى البدء في التخطيط لإنشاء صهاريج تخزين نفط على الأرض في ميناء رأس عيسى، ومع ذلك لم يتجاوز المشروع مرحلته التأسيسية.

وأضافت: وفقًا لجغمان، عندما اندلعت حرب اليمن في 2015، طلب من العمال ترك صافر. ومنذ ذلك الحين، أصبح مصير السفينة تحت رحمة الله والبحر.

وتابعت: يعتبر تخزين ونقل النفط في أعالي البحار عملًا محفوفًا بالمخاطر، ما يعزز احتمالية التسرب، وبالتالي يصعب التنبؤ بالآثار المدمرة لهكذا تسريب على حياة البشر والبيئة.

عواقب وخيمة

وأردفت تقول: يتم نقل نحو 3.4 مليون برميل من النفط التجاري عبر البحر الأحمر يوميًّا. وتؤكد السوابق التاريخية أن غرقًا أو عطلًا في أي من السفن التي تحمل هذا النفط، ستكون له عواقب وخيمة على المدى القصير والطويل.

ومضت تقول: عندما جنحت السفينة «إكسون فالديز» على الشعاب المرجانية قبالة ساحل ألاسكا في عام 1989، أثرت في أكثر من 1200 ميل من الخط الساحلي.

وأردفت: على الرغم من ضخ ملايين الدولارات آنذاك للتنظيف، تمت إزالة نحو 10% فقط من النفط. وبعد أكثر من 30 عامًا، لم يتعافَ العديد من مجموعات الحياة البرية في المنطقة بعد، ولا تزال مصايد الأسماك الرئيسية مغلقة.

وبحسب «يونس»، لا تستطيع المجتمعات الساحلية في اليمن تحمل حتى جزء بسيط من هذا الدمار.

وأضافت: لعقود من الزمان، كان صيد الأسماك واحدًا من أكثر القطاعات إنتاجية في الاقتصاد اليمني الهش. قبل حرب 2015، كانت الأسماك هي ثاني أكبر صادرات البلاد. ويوفر هذا القطاع فرص عمل لأكثر من نصف مليون فرد يدعمون بدورهم 1.7 مليون شخص، ويمثلون 18٪ من سكان المجتمعات الساحلية.

وكالة حماية البيئة

وتابعت: باستخدام بيانات من وكالة حماية البيئة اليمنية والمكتب المركزي للإحصاء، توقعت منظمة البيئة اليمنية «الحلم الأخضر» أن يتسبب أي تسرب نفطي ضخم بالقرب من رأس عيسى في تدمير أكثر من 800 ألف طن من المخزون السمكي في مياه اليمن، وأن النظام البيئي البحري قد يستغرق أكثر من 25 عامًا للتعافي.

وأشارت إلى أن بعض الخبراء يحذرون من عواقب تتجاوز الموت الجماعي للحياة البحرية.

وأضافت الكاتبة: رجحت شركة تحليل المخاطر البريطانية «ريسكوير» أن يؤدي تسرب النفط من صافر إلى فرض إغلاق كبير في ميناء الحديدة لمدة تتراوح بين 5 و6 أشهر، ما قد يتسبب في ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 200% وتعطيل خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي.

وتابعت: كما يمكن أن يؤدي نشوب حريق كبير على متن السفينة، إلى تلوث شديد للهواء قد يتسبب في تغطية الأراضي الزراعية بالرماد وتدمير المحاصيل لأكثر من 3 ملايين مزارع.

وأشارت إلى أن الخرائط التي وضعها باحثون بقيادة كارين كلاينهاوس، الباحثة في العلوم البحرية في جامعة ستوني بروك في نيويورك، لوضع نموذج حول انتشار النفط عن تسرب محتمل لـ«صافر»، توضح أنه في حالة حدوث تسرب في أشهر الشتاء يمكن أن يؤدي إلى انتشار النفط في أقصى الشمال وفي وسط البحر الأحمر، بحيث يمكن أن يكون محاصرًا إلى أجل غير مسمى.

وردًّا على تهكم الحوثيين على مخاوف علماء البيئة حيال هذا الخطر، نقلت عن كلاينهاوس، قولها: الشعاب المرجانية والحياة البحرية في البحر الأحمر ضرورية للصيادين في المدن الساحلية اليمنية. الأسماك في الواقع هي التي تغذي الشعب اليمني. ومضت تقول: في يونيو 2020، كانت هناك تقارير عن تسرب مياه البحر إلى غرفة المحرك الرئيس للسفينة. أرسلت الشركة المالكة للسفينة فريقًا من الغواصين لإيجاد حل سريع للتسرب، لكن الأدلة على التدهور العميق عززت الاعتقاد بقرب وقوع كارثة كبرى.

وأضافت: بعد 6 أشهر من إفادة المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسون أمام مجلس الأمن، والتي حذر فيها من الحالة غير المستقرة للسفينة والعواقب الوخيمة لعدم اتخاذ أي إجراء، لا تزال الناقلة ترسو في البحر وعلى متنها أكثر من مليون برميل من النفط الخام. وقبل أيام، عرقل قادة الحوثي مرة أخرى مهمة للأمم المتحدة لتفقد السفينة.

ورأت الكاتبة أن هذا الإجراء من قبل الحوثيين بمثابة استراتيجية للضغط على الولايات المتحدة لإلغاء تصنيف الجماعة منظمة إرهابية.