صفاء قره محمد ـ بيروت

النائب السابق مروان حمادة لـ «اليوم»: رأس سلطة لبنان «نفسيته بوليسية»

يرى النائب السابق مروان حمادة أن لبنان أصبح إلى حدّ بعيد جمهورية «حزب الله» عبر توغله وتسلله إلى مؤسسات الدولة، معتبرا أن «انفجار بيروت يجب أن يكون البركان الذي يستيقظ عليه اللبنانيون وينفضوا عنه الديكتاتورية الميليشياوية المسيطرة على البلد».

ويشدد على أن «هنالك» شبهة على «حزب الله» وعلى استخدام نظام الأسد لمتفجرات نيترات الأمونيوم في القنابل والبراميل المتفجرّة التي كان يقمع فيها الشعب السوري والثورة السورية.

وفي حوار خص به «اليوم»، يؤكد حمادة أن «حزب الله من اغتال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري»، لافتا إلى أن «اغتيال الحريري مؤامرة كبيرة لم تستهدفه فحسب، بل استهدفت لبنان والمنطقة العربية»، ويعتبر أن «الثورة اللبنانية ضعفت الأحزاب، إلا أنها قمعت أو شتتت من قبل من كان يحمل السلاح الشرعي أو غير الشرعي».. وهنا نص الحوار:

«حزب الله» يحتل لبنان

* هنالك مَن يتعامل مع لبنان على أنه جمهورية «حزب الله».. ماذا تقول لهم؟

ـ لقد أصبح إلى حدّ بعيد جمهورية «حزب الله» وبدأ يتوغل ويتسلل إلى المؤسسات منها بشكل واضح ومفضوح وبعضها بشكل التسلل الخفيّ، أخشى ما أخشاه أن يقبض «حزب الله» على ما تبقى من أمان في البلد حتى يصبح الأمن الشرعي وغير الشرعي في يد «حزب الله»، عندها تصبح الجمهورية فعلًا جمهورية «حزب الله»، لهذا، كنتُ أول من استعمل مصطلح «الانقلاب الزاحف» الذي زحف إلى درجة أنه احتل أغلبية المساحة اللبنانية مؤسسة وأرضًا.

* تزداد اللوائح التي تصنف «حزب الله» على لوائح الإرهاب، في الوقت الذي تشتد العقوبات الأمريكية عليه أيضًا.. فهل تمكّنت من تقليص دوره في الداخل والخارج؟

ـ حتى الآن لا، فقد زادته شراسة في ردود أفعاله، الأوامر لا تأتي من بيروت أو من الضاحية، بل تأتي من ولاية الفقيه، أي من طهران، ومن مشروع التوسع الإيراني المرتبط بفكر إمبريالي ـ فارسي من جهة، أو مذهبي إلى حدّ ما.

* هل تعتقد أن العقوبات الأمريكية ستطال المزيد من الشخصيات في «حزب الله» أو حلفائه؟

ـ «حزب الله» بكامله مشمول بالعقوبات، طالما أن إيران مشمولة أيضًا، كما أن الحزب مصنف من أغلبية الدول على لائحة الإرهاب، مَن يعرض نفسه اليوم للعقوبات هم الساكتون على تسليم لبنان بعد سوريا والعراق إلى إيران.

انتفاضة الاستيقاظ

* شكّل انفجار مرفأ بيروت الضربة القاضية للبنان واللبنانيين، وبعد خمسة أشهر على جريمة العصر.. كيف تصف المراوغة والتعنت في التحقيقات؟

ـ يجب ألا يكون الضربة القاضية، يجب أن يكون البركان الذي يستيقظ عليه اللبنانيون وينفضوا عنه الحكم القائم، والديكتاتورية الميليشياوية المسيطرة على البلد.

* هل تتخوف من انفجار مماثل قد يقع في مرفق اقتصادي آخر؟

ـ لا أعلم حتى الآن ما هي الأسباب الحقيقية وراء انفجار بيروت، غير أن هنالك قنبلة موقوتة سكتت عليها الأجهزة اللبنانية والسلطة، لغرض ما أو بضغط من أحد، فجّرت أم انفجرت لا أعلم، السؤال الكبير، مَن استقدم نيترات الأمونيوم ولمن؟، إذا كانت هنالك أمور أخرى موضوعة بأماكن أخرى في لبنان من قِبل الميليشيا أم من خلال قوى أخرى خارجية أو داخلية، جميعها احتمالات مفتوحة على انفجارات أخرى.

مروان حمادة يستمع لأسئلة الزميلة صفاء قره (اليوم)


نيترات الأمونيوم

* حمّل كثيرون مسؤولية الانفجار إلى «حزب الله» وأن نيترات الأمونيوم تعود إليه.. ما رأيك في ذلك؟

ـ هو يلاحق جزائيًا كل مَن يتهمه بذلك، ولقد ادعى مؤخرًا على اللواء أشرف ريفي وقبل ذلك ادعى على النائب السابق فارس سعيد، هنالك شبهة عليه ويريد أن يدحضها، قد تكون إسرائيل من قصفت المرفأ، وإذا كانت هي فلماذا قامت بذلك؟، لا أتمكن من أن أجزم قبل أن يكون لدي إطلاع على التحقيق، إلا أنه مما لا شك فيه أن هنالك شبهة على «حزب الله» وعلى استعمال نظام بشار الأسد لهذه المتفجرات في القنابل والبراميل المتفجرّة التي كان يقمع فيها الشعب السوري والثورة السورية.

* ألا تعتقد أن الدولة اللبنانية تحوّلت إلى دولة بوليسية بشأن الادعاءات التي يقوم بها «حزب الله» والتهديدات التي تطال كل مَن يعلو صوته بوجهه؟

- تحوّلنا إلى دولة بوليسية، لكننا لا نقبل بذلك، ولن نتركهم للاستمرار في هذا المسار، الدولة البوليسية سببها أمران، مَن يريد أن يقمع ومن يقبل أن يكون ضحية، لهذا نحن لا ننتظر شيئا من ميشال عون فلقد سبق له سوابق في حروب التحرير الوهمية وحروب الإلغاء ضد حلفاء له وأفرقاء في المكوّن المسيحي منذ 30 سنة، وبالتالي هناك أناس نفسياتهم بوليسية، ومَن يجلس على رأس السلطة نفسيته بوليسية.

الثورة اللبنانية تضعف الأحزاب

* بعد مرور عام على انطلاق الثورة اللبنانية، ما الذي تغيّر في موازين القوى السياسية؟

ـ ضعُفت الأحزاب، لكن الثورة لم تقوَ، وبالتالي هنالك نوع من فراغ على الساحة اللبنانية، والتي لا يستفيد منها إلا مَن يملك السلاح، لكن مَن قمع الثورة أو شتتها هو مَن كان يحمل السلاح الشرعي أو غير الشرعي.

* هل يعني ذلك أن الثورة توقفت أم أوقفت؟

ـ توقفت بمعنى أنه كان ينقص هذه الثورة، قيادة تنسّق بين بعضها البعض، وترك المجال لقوى مضادة للثورة بعناوين مختلفة، تأتي من الشيوعيين إلى «حزب الله»، وسائر الأحزاب التي أرادت الاندماج بهذه الثورة، الأمر الذي جعل من الثورة، ثورة جميلة وتحمل راية وصورة لبنان، إلى ثورة ممزقة وازداد فيها تمزيق لبنان، وعجّلت بالانهيار الاقتصادي في البلد.

اتهام «حزب الله»

* في قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري، ماذا تقول في الحكم الصادر بحق سليم عياش؟

ـ بالقراءة الأولى للحكم الذي صدر في 18 أغسطس، والذي أتى بمثابة الصدمة لورثة وأصدقاء الحريري، وللفريق الذي كان متأذيًا من مسلسل الاغتيالات، سليم عياش جزء من منظومة وهو في قرار العقوبة لم يعُد مساندًا لـ «حزب الله» بل أصبح عضوًا فيه، وتمركزت التهمة في موقع حزبي واضح، أما بالنسبة إلى شركاء عياش في عملية الاغتيال، فكل شركائه قتلوا، صفوا، نحروا، اغتيلوا، من فئات مختلفة على مدى 15 عامًا، كعماد مغنية ومصطفى بدر الدين، ومعاونيهم السوريين مثل، رستم غزالي، جامع جامع، وغيرهم، كل الأسماء التي ارتبطت بلجان التحقيقات الدولية لم تعُد موجودة، وبحسب القانون الدولي لا يمكن ملاحقة أموات، وبالتالي انحصرت القصة بشخص يمكن لا يعني الكثير، ولكنه يعني بالتحديد أنه صلة الوصل بين القتل ومن أمر بالقتل.

* هل الحكم يعني أن «حزب الله» مَن اغتال الحريري؟

ـ بالتأكيد، لقد طالب القاضي ديفيد راي منذ أيام من الذين يحمون القاتل وجعلوا منه قديسًا، أن يسلموه، وهذا إقرار أخير من المحكمة بأن «حزب الله» هو مَن اغتال الحريري، أما لناحية الدور السوري فهو بالتأكيد كبير، وأين اتخذ القرار في طهران أم دمشق أو في بيروت، لا أحد يعلم، مما لا شك فيه أنها مؤامرة كبيرة لم تستهدف رفيق الحريري ولبنان فحسب، بل استهدفت المنطقة العربية كلها، وكانت بداية الهجوم على العراق وسوريا للوصول إلى المتوسط من قبل القيادة الإيرانية.

احتجاج بطرابلس على الأوضاع الاقتصادية في لبنان وسط إغلاق «كورونا» (د ب أ)


الحاضنة العربية

* كم يحتاج لبنان للنهوض مجددًا.. ومتى سيعود إلى الحاضنة العربية؟

ـ يحتاج العودة إلى الحاضنة العربية لكي ينهض مجددًا، لا يمكن معرفة كم من الوقت يحتاج، إذا عاد لبنان إلى موقع الشريك، المحب لكل مَن أغدق عليه بالسياسة والمال على مدى عقود طويلة، عندها سينهض لبنان، ما يحتاجه لبنان هو عودة الثقة به، وهذا لا يحصل إلا بعودة الثقة مع المجتمع العربي واستطرادًا مع المجتمع الدولي.

* في الملف الحكومي، ألا تعتقد أن عودة الثقة تتطلب تأليف حكومة المهمة التي ستتمكّن من إعادة ثقة المجتمعَين العربي والدولي بلبنان؟

ـ أعتقد أن لقاء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي والرئيس سعد الحريري فيما خصّ اطلاع الأخير على التطورات في هذا الملف كان إيجابيًا، حيث أبلغ الراعي الحريري بعد إطلاعه على التشكيلة الوزارية الأخيرة التي سلّمها الحريري لعون أنها الأنجع حتى الآن، وبالتالي هذه حكومة المهمة تدخل البلاد في مرحلة الإصلاح وتُعد مفتاح بداية الحل.

عودة الاغتيالات تهويل

* يكثر في الآونة الأخيرة الحديث عن عودة الاغتيالات السياسية في لبنان، هل تعتقد أنها جديّة؟

ـ هي تهويل بالدرجة الأولى، ولكن بين التهويل والتنفيذ هنالك أناس قادرون على الاغتيال، وآخرون لا يريدون ذلك، فالقادر له سوابق كثيرة منها تلاحق عليها، أو هرب منها وإما رفض تسليم القاتل، وأرى أن هذا الكلام جزء من حملة ترويع البلد ومنعا من تشكيل حكومة مهمة، والعودة إلى موقف الحياد من المحاور التي ينادي بها البطريرك الماروني.

* لمصلحة مَن الحديث عن عودة الاغتيالات وبث الرعب في نفوس اللبنانيين؟

ـ تقع في مصلحة مَن يستطيع أن يُرعب اللبنانيين، هنالك طرفان، الأول إسرائيل وهنالك طرف داخلي يلعب اللعبة ذاتها لحساب إيران.