دنيا الجبر

مبهرة هي الطبيعة عندما تفاجئك أكثر من توقعاتك، ومستحيلة هي الحياة عندما يخطفك العمر بعيدا عن الجمال ثم تعيدك الظروف لتعلم أن القدر جاء ليصحح مفاهيمك. هذا بالضبط ما حصل أثناء زيارة عسير عندما كانت الجنوب الملاذ الآمن للترويح والاستجمام في ظل الجائحة، فكان القرار صائبا.

عندما وصلت إلى ممر السعادة في مطار الدمام وصولا إلى مطار أبها الصغير الكبير بأهله لم تكن لدي نية في حب أبها البهية إلا أن ما واجهني أجبرني على الحب. كان بالاستقبال شاب من شباب الوطن ممتزج الملامح بين المستقبل المشرق وثقة ممتدة من الأجداد، درجة الحرارة المنخفضة، الأجواء الساحرة، والمكان الممتلئ بالأحاديث، التي تشي بها الطبيعة أشتريت طوق الورد، وحلقت في سماءات حالمة، عدت طفلة صغيرة ترتع بين الخضرة والجمال، تفاجأت بأقفال (الهوتيل) وكيف حملت عراقة وأصالة، السودة وما تحمله من إرث تاريخي، تجربة الهايكنج في عقبة قرون شيء مختلف، وكنت بطلة كعادتي أحب المغامرات.

غمرني اللطف وآسرني الذوق، ولبستني السعادة، عبارات بسيطة وعفوية تلامس القلب (الله يسعدك، ومرحبا ألف، ومرحبا ملايين) كمية جمال زادت جمالا بأهل المكان يالروعة شارع الفن، المفتاحة، ثقافة أصيلة وفن طاغٍ وتراث حقيقي، بيئة خصبة للإبداع والحب والجمال، حتى ضاع قلبي في رجال ألمع، النهار قصص للكفاح، والليل حكايات للشجن والأغنية، كان محقا الأمير خالد الفيصل عندما تغنى بجمال الجنوب، وأفرد له الشعر وأعذب الكلمات. تناولت الحنيذ، وأكلته على الأرض لكن اعتذر بالملعقة، وتعمقت بالعريكة الدسمة، واستودعت الله وزني، لبست الثوب العسيري بحشمته وفخامته وأنوثته الطاغية، وفن القط مدرسة أخرى تخبرك بأن النساء لم يبتكرن فنا فقط، بل احترفن صنعة تدرّس للأجيال، عدت محملة بالعسل والذكريات وثروة وطنية يجب استغلالها، خجلت من نفسي وأنا مَنْ يحمل (الشنقل) وأزورها لأول مرة، مازلت انتظر الكثير من رواد ورائدات الأعمال للالتفات الجاد لها والسعي الحثيث لجلب صناع للاستثمار قادرين على إخراج الصورة الحقيقية للمكان، وجلب مشاريع كبيرة وفنادق عالمية لاستغلال المناظر الطبيعية والمطلات الأروع، فخورة جدا بجمالك بتفاصيلك في اختلافك.. دمت لي يا وطني ودامت لنا ربوعك.

@DoniaJabr