عيسى الجوكم يكتب:

هل تتصور يومك دون أن تعرج على قصرها القديم الجديد، ذاك الذي يحتوي في غرفها ومجالسها القديمة رائحة الحبر، وفي صالوناتها وحديقتها الجدية (دسك الكيبورد).

قالوا انتهت.. جنازة تنتظر الدفن.. ماتت.. لكنهم ما زالوا يغازلونها.. ويكتبونها مرارًا عبر أجهزتهم الصغيرة.

أجنحتها طائرة.. تجوب موكب العرس مغردة، وجنازة الموتى باكية، لا مدرج يحنو عليها لإراحة أجنحتها من التحليق هنا وهناك، ولا مرسى لمجاديفها تحت وطأة الأمواج المتلاطمة من كل حدب وصوب.

عاجزة وحائرة.. تقرأ في ضباب المسير (قارئة الفنجان) وتخاف من أغنية (إني أغرق تحت الماء)، ربما لأنها لم تعتد فن العوم، فهي الحمامة التي لفتها الغيوم، وصاحبت السحاب، وسكنت مع قطرات الندى، وتسارعت مع زخات المطر.

منفية هي.. أعياها الزمن، الذي خلع عن أيامه ودفاتره مدفأة البرد القارس، ونسمة الحر اللفاح، فلم تعد تهوى المنظر الخلاب في تحليقها، ولا القارب السياح في بحرها.

منكسرة هي.. تخلى عنها مَنْ كان يخطب ودها مع قهوة الصباح، ولا يعرف النوم إلا بعد أن يشم رائحتها، يرتشفها الكثير منا صباحا ويلفها مساء.

ستعودين.. نعم يا أيتها الفاتنة الساحرة النابغة، وسيعود لك العشاق، حتى أولئك الذين حاربوك سيتراجعون في ساحة المعركة، فقد ضجوا من الصخب عبر المنصات، التي يدخلها المحارب وغير المحارب في معركة الحرف والكلمة.

سيشتاق الكثير لرائحة حبرك، وعناوينك، وصورك، وأناقتك، حتى أولئك الصغار الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة (الجوال) وتوابعه وبرامجه، سيكبرون ويعودون إلى تاريخك.

نعم.. رغم الطوفان (الإلكتروني) والقفزة (التقنية) إلا أنك يا معشوقة (زمن الطيبين) وقفت شامخة أمام السهام الماطرة على الجيل الجديد، صامدة في وجه التغيرات، أما لماذا؟ فقد عجزت كل المتغيرات في الإعلام أن تحمل (مصداقيتك).. وكفى..!!

رغم كل العشق يا سيدتي.. أنت بحاجة للطيران من الورق إلى مرتفعات (التطبيق) ومناطق (المنصات) لتقديم الماضي الجميل وعراقته بالثوب، الذي يلائم عصر الألفية الثالثة.

أتعبتنا الحروف.. وسبحنا بها في بحر الكلمات والجمل، ركضنا في مضمارها دون كلل أو ملل، سهرنا في حضرة جمالها، وأحرقتنا ولم تحترق، وأخذت منا ولم ننل منها، فهي كما البحر كل ما رميت فيه يغرق إلا ما ندر، وما زلنا نسبح ولكن هذه المرة وسط التحديات الكبيرة.. وأراهن أن محبوبتي ستنتصر.

EssaAljokm@