محمد بن مفلح - الدمام

دعم وخدمات متكاملة لمتلقي التطعيم في «لقاحات الدمام»

لا تكتمل الصورة إلا بهم، ينشطون بين إيقاع العمل اليومي لمركز اللقاحات، مكونين صدى أخاذا لمعزوفة قديمة جديدة، يتردد صداها في آفاق الإنسان بجهاته الأربع، «سيمفونية» أعيدت صياغتها لتشكل نمطا عصريا ومفهوما أكثر حداثة وشريانا حيويا في جسد الأمل. يرابط هذا النموذج في تسلسل فريد؛ راسما نقاطا مضيئة، في دفتر أحوال العمل التطوعي، الهادف لحماية المناعة الإنسانية للمجتمع، من الإفراط في الذاتية، أو تسلط المصلحة الشخصية. قدمت المملكة نموذجا فريدا في العمل الإنساني، ظهرت آثاره جلية واضحة للعالم، خلال الجائحة، وصار العمل التطوعي جزءا لا يتجزأ من ثقافة البلاد، لخدمة الإنسان أيا كان جنسه أو لونه، ووسط هذه المنظومة الرائدة، تتناثر قصص المتطوعين من الشباب والشابات، لترسم ملامح أكثر وضوحا لطبيعة المرحلة، وتعكس دور المبادرات المجتمعية في صياغة المفهوم الإنساني وتحديد أولويات العمل الأهلي، لرسم مستقبل أكثر تفاؤلا وجمالا.

4500 متطوع منذ بداية الجائحة

يواصل التجمّع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية تفعيل النشاط التطوعي بالقطاع الصحي عبر كوادر سعودية أبهرت العالم في العطاء والعمل التطوعي، وتُعد مبادرة دعم مركز لقاح «كوفيد ـ 19»، امتدادًا للمبادرات السابقة التي شارك بها المتطوعون في فترة الحجر، وما تبعها بمشاركة من الكادر الطبي والتمريض والفنيين والإداريين.

وتمثلت المبادرة في مساعدة زوار مركز التطعيم من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة من المواطنين والمقيمين على حد سواء، وتوجيه القادمين إلى المركز للوصول إلى مواقع الحصول على الخدمة، كما شاركت في هذه المبادرة التي ضمت 70 متطوعًا فرقًا تطوعية مثل فرق إعزاز التطوعي.

وعمدت إدارة التجمع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية مع بداية الجائحة، إلى تدريب أكثر من 4500 متطوع ومتطوعة في عدد من التخصصات الطبية، وفق اشتراطات صحية محددة في هذا الخصوص، وهم من الكوادر الصحية في السنة الرابعة في مختلف التخصصات الطبية أو سنة الامتياز، وتمت عملية اختيار المتطوعين عبر التطوع المؤسسي من خلال 4 جهات تمثلت في كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية، وجمعية السلام للإغاثة والطوارئ، ومكتب هداية التوعوي للدعوة والإرشاد للجاليات، إضافة إلى الأكاديمية الطبية الافتراضية التي تُخضع المتطوعين للتدريب حول طرق مكافحة العدوى، والحد من انتشار فيروس كورونا، وذلك للتأكد من اجتياز المتطوع المعايير المطلوبة للتطوع، وقد وصلت خدمة المتطوعين والمتطوعات خلال العام الماضي إلى ما يقارب مليون مستفيد.

5 مهام لدعم المراجعين

ذكر المتطوع زهير بوصالح أنه انضم عن طريق فريق إعزاز التطوعي والمندرج تحت منصة التجمع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية، مشيرًا إلى أن ساعات العمل في مركز اللقاحات بالدمام لا تتجاوز أربع ساعات في الفترة الواحدة، الأولى من التاسعة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، والثانية من الواحدة ظهرًا حتى الخامسة عصرًا، والثالثة من الخامسة عصرًا حتى التاسعة مساءً.

وأضاف «بوصالح» إن اختيار الوقت يكون بحسب المتطوع نفسه، الذي يختار الفترة المناسبة له، موضحًا أن مهام المتطوعين المركزية تشمل توجيه المستفيدين وإرشادهم ومساعدة كبار السن، بالإضافة إلى التأكد من وجود موعد مسبق للمستفيد في نفس اليوم، وكذلك متابعة هويته الوطنية.

وأوضح أن أماكن عمل المتطوعين تكون خارج المبنى بهدف استقبال المراجعين وتوجيههم، معبّرًا عن مدى سعادته في التجربة بمساعدة المستفيدين؛ كون هذا العمل إنسانيًا ووطنيًا، والأهم من ذلك هو الطمع في نيل الأجر والثواب من الله تعالى.

وأكمل «بوصالح» إن المتطوع سيحصل على شهادات محدد بها عدد ساعات التطوع، دون أي مقابل مالي، ووجّه رسالة للجميع بأن التطوع لا ينحصر في عمر معيّن أو جنسية أو عرق أو لون، بل يشكّل الجميع، مشيرًا إلى أنه يبلغ من العمر 46 عامًا، ويجد في هذا العمل العطاء الإنساني الكبير.

تجربة ثرية تستحق المشاركة

المتطوعة دلال القضيب، بيّنت أن تجربتها في هذا العمل كانت مميزة جدًا، ولم تشعر بأي إرهاق جراء هذا العمل، رغم أنها التجربة الأولى لها في مجال العمل التطوعي.

وأضافت إن المهام الموكلة لها في مركز اللقاحات تشمل مساعدة كبار السن وتنظيم دخول المستفيدين، مشيرة إلى أن هذا العمل ينعكس بشكل إيجابي على المراجعين، وهو ما يدفع الفريق للمزيد من العطاء والعمل والجهد.

وقالت «القضيب» إنها اختارت فترة تطوعها من الواحدة ظهرًا حتى الخامسة عصرًا على مدار الأسبوع، مشيرة إلى أن التسجيل سهل ومرن، ويستطيع أي شخص أن يتطوع ويشارك ويساهم في مساعدة المراجعين بالمركز.

تجربة ملهمة لمستقبل مشرق

قالت المتطوعة سارة عيتاني، وتحمل الجنسية اللبنانية، إن تجربتها ملهمة كونها مهمة إنسانية من الدرجة الأولى. وأوضحت أنها عملت كمتطوعة بعد تسجيلها في منصة التطوع.

وذكرت أن مهام المتطوع تشمل تنظيم السير الخاص بالمراجعين ومساعدة كبار السن من خلال توفير الكراسي الخاصة بهم، موجهة رسالة للشباب والشابات على حد سواء، بالمبادرة للعمل التطوعي، والذي يهدف لخدمة الإنسان ومساعدته.

علامة مجتمعية مميزة

قال المتطوع ريان الدوسري إن له العديد من التجارب في التطوع، إلا أن تجربة مركز اللقاحات بالدمام «فريدة من نوعها»، كونها تأتي في وقت استثنائي وهام؛ فترة الجائحة، التي تتطلب تضافر جهود الجميع، لخدمة الإنسانية. وأضاف إن المراجعين استفادوا كثيرًا من الفرق الشبابية المنتشرة في الإرشاد والدعم بشتى الوسائل الممكنة والمتاحة، كما أن العمل التطوعي مثّل علامة مميزة في مركز اللقاحات.

توظيف الخبرات العالمية

أوضح المتطوع إبراهيم الرميحي أن التطوع يمثل تجربة ممتعة، لمساندة إخواننا وأهلنا في المنطقة الشرقية، وبيّن أن مهام عمله بالمركز تشمل إدخال بيانات المرضى وتحليلها بالتعاون مع قسم الـ «آي تي»، والتي تشمل أيضًا متابعة رسائل التأكيد على موعد أخذ اللقاح عقب التسجيل، وكذلك الاتصال هاتفيًا بالمستفيدين.

وأضاف إن تخصصه «هندسة صناعية» وعمل بمستشفى في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، كمحلل بيانات، ومن خلال هذه الخبرة استطاع تقديم المساعدة والدعم للمركز من خلال عمله التطوعي.

وقال إن أغلب المتطوعين عندما يبدؤون يكون مهام أعمالهم تندرج حول تنظيم بوابات الدخول، وتنظيم الحشود، وعندما يكون هناك احتياج معيّن في تخصص ما تتم الاستفادة من المتطوع، ووجّه الرميحي رسالة للشباب بأن التطوع خدمة مجتمعية وإنسانية، وليس فقط تقضية وقت أو أسباب دنيوية معينة.

انعكاس إيجابي على المستفيدين

أكدت المتطوعة طيف العتيبي أن مهام عملها في مركز اللقاحات يشمل مساعدة المراجعين وتوصيلهم إلى المكان المناسب لهم، مشيرة إلى أن العمل التطوعي تجربة مميزة؛ كونها تمثل صميم العمل الإنساني.

وأضافت إنها توفر الكراسي المتحركة للمستفيدين الذين يحتاجون لها، مشيرة إلى أن التعاون والمحبة متبادلان بين المراجعين والمتطوعين، ودائمًا ما تقابل أعمالهم بمزيد من الإعجاب، وهو ما يلقي بظلاله على تحسن نفسية المراجعين.

ووجهّت «العتيبي» رسالة للجميع بأن التطوع مهم في المجتمع ومفيد للشباب، مؤكدة أنه عمل استثنائي في حياة أي شخص، ويمنح الإنسان مزيدًا من الثقة والراحة والاطمئنان.