منيرة السبيت

إنه من قصر النظر أننا نعتقد أن قائد أي منظمة لديه كل الحلول لما تخوضه المنظمة من النزاعات الصغيرة حتى الصراعات الكبيرة. بالرغم من أن القادة اعتادوا على حل المشاكل فوراً بمجرد ظهورها، إلا أنه غير منطقي أننا نتوقع من أي شخص أن يعرف الإجابة عن كل شيء. كلنا نفهم ذلك في حياتنا اليومية. ومع ذلك، عندما يتم طرح الأسئلة في أماكن العمل، يشعر العديد من القادة بأنهم مضطرون للحصول على إجابات فورية. عندما يجيب القادة بسرعة كبيرة، يحصل المرؤوسون على مثال غير واقعي للقيادة الجيدة. هناك أيضا احتمال كبير بأن تكون الإجابة الفورية خاطئة. وفي نفس الوقت، عندما يختلف المرؤوس مع قائده على إجابة معينة أو يشاركه حلاً آخر، يصبح الوضع غير مريح للقائد أو المرؤوس أو كلاهما، وقد يفشل واحد منهما في فهم الآخر فيحصل الخلاف، ويؤثر ذلك على الجميع والمنظمة بأكملها.

ربما يرى بعض القادة أنفسهم أنهم يتواصلون بشكل جيد مع الآخرين، ويفشلون في تحديد العلاقات الإشكالية. ربما يعتقدون أنهم يجرون اجتماعات رائعة، بينما يشعر المرؤوسون بعدم الانخراط أو الانسجام الكافي. بغض النظر عن المشكلة، التوقف والتساؤل عما يختلف فيه الموظفون في أي منظمة يعطي مثالًا على أن القيادة تعني معرفة ما تعرفه وما لا يعرفه القادة.

إذاً لماذا يحصل هذا النوع من الخلاف؟

يتفق معظم خبراء القيادة على أن السمة الأساسية للقادة الفعالين هي أنهم يعرفون مَنْ هم، وما الذي يمثلونه. وأن أهم قدرة للقادة تكمن في تطوير الوعي الذاتي لديهم. عندما يفهم القائد نفسه بعمق، فإنه يظل راسخا وثابتا، حتى يعرف الناس ما يمكن توقعه منه. أن يكون القائد واعيا، هو أن يدرك الجوانب الداخلية لطبيعته، مثل سماته الشخصية والعواطف والقيم والمواقف والتصورات، وتقدير كيفية تأثير سلوكه على الآخرين. ويشمل الوعي الذاتي التعامل مع النزاعات والتغلب عليها، وتقبّل النقد البنّاء من الآخرين والعمل به. عندما يكون القائد مدركاً بذلك، فإنه يعرف نفسه جيداً، وبذلك يعتبر الاختلاف في صالح دعم الموظفين ونجاح المنظمة بأكملها. عندما أصبحت شارلوت بيرز، الرئيسة السابقة والرئيسة التنفيذية لشركة Ogilvy & Mather Worldwide، مشرفاً إدارياً لأول مرة، اعتبرت نفسها قائدة ودودة ومتفهمة. صُدمت عندما أخبرها أحد أصدقائها أن أحد زملائها وصف أسلوب إدارتها بأنه «تهديد». كان هذا التعليق مدمراً لبيرز؛ لأنه كان عكس الطريقة، التي كانت تفكر بها عن نفسها تماماً. كثير من القادة مثل شارلوت بيرز، لديهم نقاط عمياء تمنعهم من رؤية ما هم عليه بالفعل وتأثير أسلوب تفكيرهم وسلوكهم على الآخرين. والنقاط العمياء بشكل عام هي الأشياء، التي لا يدركها القائد أو لا يدرك أنها مشاكل، وهي التي تحد من فاعليته وتعيق نجاحه الوظيفي، بغض النظر عن مواهبه ونجاحاته القوية. تعقد شارلوت بيرز الآن ندوات للقيادات النسائية، وأحد الأشياء التي تخبرهن بها هو أهمية فهم أنفسهن بوضوح.

نحتاج أن نضع في اعتبارنا أن معظم الناس لا يتوقعون الكمال من قادتهم. فإنهم يتوقعون قائداً مدركاً، معترفاً بما هو عليه، وقادراً على فهم نفسه أولاً ليسهل عليه فهم الآخرين، حتى يحظى بمنظمة تعكس فعاليته. من خلال هذا التفكير الذاتي الصريح يمكن للقادة أن يصبحوا الأصول الاستثنائية، التي من المتوقع أن يكونوها في المنظمة.

@Olla_M