عبدالله إبراهيم العزمان

في دائرة حكومية تدخل امرأة ضعيفة لتجد أمامها طابورا طويلا من المراجعين، فيتقدم لها أحد موظفي الدائرة ليطلب منها أن تستريح حتى ينهي لها معاملتها، ويدخل رجل كبير السن إلى فرع بنك فيستقبله مدير الفرع ليجلسه لديه وينهي له طلبه، وتقف أنت وعائلتك حائرا في أحد المطارات تضرب أخماسا وأسداسا بعد أن فاتتك رحلتك فيتقدم لك أحد موظفي المطار ليقدم لك خدماته ويساعدك في تجاوز محنتك.

تلك المواقف المشرفة تدفع أصحابها ليقرروا أن يساهموا تبعا في خدمة غيرهم كل بحسبه فمنهم بالدعاء أو ببذل المساعده البسيطة لشخص آخر كمساعدة ذوي الإعاقة على اجتياز عقبة ما أو إرشاد من ضل الطريق، ومن هنا تبدأ دائرة الخير!

فلنبدأ بالقليل ولا نحقر من المعروف شيئا ونهدف من ذلك أن نتعاون في جعل حياة الناس أسهل وفي إعانة من يحتاج إلى المساعدة، ولنجعل نصب أعيننا الأجر من الله سبحانه وتعالى، ثم لنعلم أن ثمرة عمل الخير ستعود على صاحبها، وهنا تكتمل دائرة الخير، فهي في الحقيقة تبدأ مني ومنك وتعود علينا بالنفع والخير.

أعمال الخير كثيرة منها ما تمتلك القدرة على إنجازه فلا تتأخر عنه، ومنها ما لا تملك القدرة عليه فتتواصى مع غيرك للقيام بهذا الدور معك أو نيابة عنك،

ومن ذلك أنك تسمع عن محتاج لجهاز تكييف يعينه على دفع حر الصيف أو جهاز تدفئة يدفع به برد الشتاء، فتسارع أنت لتوفير هذا الجهاز أو تتعاون مع غيرك لتوفيره أو أنك قد تبلغ شخصا قادرا على توفيره له، ويسمع الجار عن أسرة فقدت عائلها فيسارع إلى كفالتهم فيكفيهم ذل السؤال، ورجل ابتلي بدين وعجز عن السداد فيتعاهد زملاؤه على سداد دينه وينقذونه من مطالب الدائنين، وما تلك إلا أعمال فردية تشكلت من ثمار دائرة الخير.

الكيانات والمؤسسات الخيرية والبرامج التطوعية الرسمية في المجتمع لا تحتاج إلى الدعم المادي فقط بل قد تحتاج إلى من يمدها بخبرته ويسخر لها جزءا من وقته، فإن تيسر لك الدعم المادي لها فبها ونعمت، وإن لم يكن فلا تتردد أبدا بأن تبادر إلى دعمها بوقتك وخبرتك، فلو كنت متخصصا في المحاسبة أو القانون أو الإدارة أو الكمبيوتر أو أي من الأعمال الإدارية أو التخصصات الفنية أو التقنية المختلفة وتبرعت بقضاء ساعتين أسبوعيا لخدمة هذا الكيان الخيري، لأسهمت ولو بجزء قليل من تقليل المصاريف التي تتكبدها المؤسسات الخيرية.

إن فشو أعمال الخير بين أفراد المجتمع يفضي إلى تحوله إلى مجتمع مثالي يعمه التكافل وتتكاثر فيه الظواهر الإيجابية، ويسود التآلف والإخاء ويصعب أن تجد فيه محتاجا لوجود حب المشاركة والتعاون بينهم.

قال عليه الصلاة والسلام (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له، ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام).

قال أبو الفتح البستي

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم

فطالما استعبد الإنسان إحسان

@azmani21