حذيفة القرشي - جدة

المملكة عمق إستراتيجي لدول الخليج أمنيا واقتصاديا

اتفق العديد من المختصين في الشأنين السياسي والاقتصادي على أن انعقاد القمم الخليجية خلال العقود الأربعة الماضية يجسّد حرص دول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز العُمق التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والذي يجمع بين الدول الخليجية من مصير موحّد، دعمتها العديد من عوامل التقارب الجغرافي والديني، والتي حققت العديد من الإنجازات خلال مسيرتها المباركة في الحفاظ على المكتسبات وتحقيق الاستقرار والازدهار على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكدوا خلال حديثهم لـ «اليوم» أن ما يتمتع به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من شخصية محفزة، يملؤها النشاط والحنكة السياسية تعزز العلاقات الاستثنائية والسياسية مع زعماء الخليج ودول العالم، وتجعل قمة 41 تحمل على عاتقها المزيد من النجاحات لتحقيق الكثير من مكتسبات التكامل الخليجي في ظل ما تمثله المملكة من عُمق لدول الخليج أمنيًا واقتصاديًا، إضافة لما يوليه سمو ولي العهد من اهتمام بالغ للحفاظ على كيان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وأوضحوا أن تحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس يُعد أحد الأهداف الإستراتيجية؛ لما له من أهمية في تحفيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل في ظل تقلبات أسعار النفط ونمو مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وتوقعوا أن يتجاوز الاقتصاد الخليجي مستقبلًا العديد من التحديات التي خلفها «كوفيد-19»، خاصة في قطاعات الصناعة والخدمات والرقمنة ونمو معدلات التبادل التجاري.

علاقات إستراتيجية تربط دول وقادة الخليج

قال الكاتب والباحث السياسي صالح السعيد: إنه منذ أن نال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وضع نصب عينيه الحفاظ على منظومة مجلس التعاون الخليجي، وازدهار دوله جميعها، وتقدمه وتنمية شعوبه، فكان هدفه وخططه كلها تصب في صالح الدول الإسلامية ككل، وبالأخص الخليجية، ولا عجب فهذا ديدن قادة هذه البلاد وتعليمات الإمام المؤسس، والتي كانت أشبه بدستور سار عليه جميع مَن ولي أمر قيادة المملكة، مبينًا أن إيمان ولي العهد بأن جهود التنمية هي التي ستحوّل الخليج إلى أوروبا الجديدة، كبداية لمشروعه الكبير الذي أعلن عنه في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار «دافوس الصحراء» في دورته التي كانت في الرياض ٢٠١٨م، بجهود المملكة لتحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة، وبالفعل بدأ العمل بالتعاون مع قيادات شابة في عدة دول خليجية كدولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ودولة الكويت وغير ذلك، مشيرًا إلى ما يحظى به سمو ولي العهد من علاقات إستراتيجية شخصية ورسمية مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي، فجميعنا لا ننسى الصور الودية التي جمعته بشكل شخصي وودي مع إخوانه دون رسميات أو تكلف لعدة أسباب، أهمها الكاريزما الشخصية التي يملكها سموه، ووجود علاقات إستراتيجية تربط البلدان والقيادات ببعضها البعض، مؤكدًا أن انعقاد القمة في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية، وبوجود خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وما يحققانه من دور ريادي في سعيهما الدائم لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، خصوصًا مع توسع رقعة المخاطر التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، والتحديات الاقتصادية التي تمر بها، وإدراك قادة دول مجلس التعاون أهمية التمسك بمسيرة المجلس المباركة وتعزيز العمل الجماعي وحشد الطاقات المشتركة لمواجهة تلك المخاطر والتحديات، وتلبية تطلعات مواطني دول المجلس في تحقيق المزيد من مكتسبات التكامل الخليجي.

تنويع مصادر الدخل في ظل تقلبات أسعار النفط

أوضحت الأستاذ المساعد بقسم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز، د. كارولين خان أن استضافة المملكة العربية السعودية في الخامس من شهر يناير لعام 2021م، القمة الخليجية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورتها الحادية والأربعين، تأتي في فترة مليئة بالظروف الاستثنائية والتحديات التي تمر بها دول الخليج والعالم أجمع بسبب جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها السلبية على العالم في جميع القطاعات بلا استثناء، إضافة إلى العديد من الظروف والعوامل الإقليمية والدولية التي تؤثر على المنطقة، مبيّنة أن هذه القمة المرتقبة هي قمة لتعزيز التفاؤل والتعاون المستمر، وتحقيق المزيد من الإنجازات لدول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر عامل الاستقرار والتوازن الرئيسي في المنطقة، خصوصًا في وجود المملكة العربية السعودية؛ لما لها من دور سياسي واقتصادي بارز، وباعتبارها أحد المصادر المهمة للإمداد بالطاقة، والتي تسعى دائمًا من خلال استمرارية هذه الإمدادات إلى تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم أجمع.

وأكدت كارولين خان أن تحقيق التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس يُعد أحد الأهداف الإستراتيجية لهذه الدول، لما لها من أهمية في تحفيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل في ظل تقلبات أسعار النفط ونمو مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم، ولعل تأسيس دول المجلس لـ«هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية» عام 2016 ميلادية، تنفيذًا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يُعد إحدى الخطوات المهمة نحو تعزيز التعاون والتكامل المشترك، إضافة إلى دعوة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، دول المجلس للتعاون فيما بينها وتنسيق جهودها لتحقيق قوة اقتصادية تحتل مراكز متقدمة على مستوى العالم، وذلك في ظل برامج رؤية 2030 والتي تحوي ضمن أهدافها تعزيز التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي من خلال عقد شراكات إستراتيجية في شتى المجالات، ويرى سمو ولي العهد أن جهود التنمية التي تشهدها المنطقة بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص ستكون عاملًا رئيسيًا في تحويلها إلى منطقة جذب متميزة، من شأنها زيادة معدلات التنمية وجذب الاستثمارات وتحسين حياة شعوبها من خلال زيادة فرص التوظيف وتشغيل الموارد الاقتصادية وخفض معدلات البطالة، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلي زيادة مستوى الناتج والدخل القومي.

حرص على التكامل الاقتصادي الخليجي

أكد الكاتب والمحلل الاقتصادي د. عبدالرحمن الجبيري أن الاقتصاد الخليجي لديه العديد من الممكنات التي تعزز نموه وقدرته في العديد من المجالات، مضيفًا إنه استنادًا إلى ما تشيره البيانات إلى أن إجمالي الصادرات من السلع قد لامس ٩٦١.١ مليار دولار في العام ٢٠١٨، كما بلغت الصادرات غير النفطية في العام ٢٠١٩ ما قيمته ١٠٢ مليار دولار، في حين أن نسبة الصادرات من السلع والخدمات إلى الناتج المحلي الإجمالي قد بلغت ٥٨.٣٪ عام ٢٠١٨، أما نصيب الفرد إلى إجمالي الناتج المحلي فقد وصل إلى ٢٨.٩ ألف دولار في العام ٢٠١٩ ويبلغ هذا الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ١.٦٤ تريليون دولار، كما أن حجم التجارة البينية للمملكة مع دول الخليج العربية قد تراوح خلال السنوات ٢٠٠٦ - ٢٠١٦ ما بين ٨٥ مليار ريال إلى ١٤٥ مليار ريال، مشيرًا إلى أنه من خلال هذه الأرقام يمكن القول إن تعاظم الأداء الاقتصادي الخليجي سيشهد أيضًا مواصلة أسرع بعد الجائحة، إضافة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك تسهيلات متكاملة ومرنة من حيث بنى الاستثمار وجاذبيتها وتشريعاتها التي تمثل عاملًا مهمًا لجذب المستثمرين، مشيرًا في هذا الصدد إلى تأكيدات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بأن جهود التنمية في منطقة الخليج ستحولها إلى منطقة جذب متميزة ومزدهرة؛ مما سيُسهم في توفير المزيد من فرص العمل وفرص واعدة في قطاعات جديدة وجودة نمط الحياة وتحسّنها بشكل متسارع لتكون أوروبا الجديدة، مشيرًا إلى حرص سموه نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي وازدهاره والذي يُعدّ من أهم أولوياته.

وتوقّع الجبيري أن يشهد الاقتصاد الخليجي مستقبلًا تجاوز العديد من التحديات التي خلّفها «كوفيد-19»، خاصة في قطاعات الصناعة والخدمات وصناعة النقل والرقمنة ونمو معدلات التبادل التجاري.