أحمد المغلوث

الذي يشاهد الأفلام الوثائقية القديمة أو حتى اللوحات التاريخية، التي رسمت الأنبياء، وهي لوحات خيالية اعتمد فيها الفنانون المبدعون على تلك الأوصاف، التي سجلها المعاصرون في تلك الأزمنة لجوانب مختلفة من حياتهم، فكانت اللوحات توضح كيف كانت أشكال وأوضاع الملابس، التي جميعها تقريبا اهتمت بغطاء الرأس كقطعة قماش ثبتت على الرأس برباط ومع الأيام تحول هذا الرباط إلى ما يسمى الآن بـ«العقال»، وخلال زيارتي قبل عدة سنوات لمتحف متروبولين لللآثار في نيويورك شاهدت تمثالا لرجل بابلي من حضارة الرافدين في القرن الثامن قبل المیلاد، معتمرا العقال العربي وعلى رأسه غطاء يشبه نقوش الشماغ. الكوفية، وهو ومع هذا ليست هذه السطور عن ماهية الغترة أو العقال أو ما يوضع على الرأس، ولكن أحببت أن أكتب عن سعي البعض من الميسورين وحتى غير الميسورين لشراء أثمن «الغتر» بهدف التميز وحتى «الفشخرة» اشكره كما يقول العامة، ومع هذا اهتم الإنسان ومنذ القدم بهندامه وملابسه وأناقته وحتى طريقة لبسه لملابسه. وهذا ما ينسحب على وضعية الغترة على رأسه. وكيف «ينسفها» وبالتالي نجد مَنْ يضع أطرافها خلفه، وهناك مَنْ يضع طرفا في الإمام، وطرفا آخر في الخلف. وثالث يضع جميع الأطراف على الرأس كما يفعل العامة من الشباب في الماضي. ولو عدنا لصور قديمة لعمال شركة النفط «أرامكو»، فسوف نجدهم في ذلك الزمن الجميل يعملون وهم يضعون الغترة على رؤوسهم ولكن أطرافها مرفوعة أو «منسوفة»، ومع مرور الأيام تخلى هؤلاء العمال عن الغترة واكتفوا فقط «بطاقية»، واليوم نرى «الغترة»، التي بات بعض أنواعها تباع بالآلاف من الريالات. فهناك نوعيات لن أذكر اسمها فربما الزميل المشرف على «الرأي» له رأي آخر حتى لا يقال إن هذه الزاوية مجرد «إعلان»، وليس رأيا. أقول إن الغترة مهما اختلف شكلها أو لونها. أكانت سويسرية الصنع أم كورية أو يابانية أو إنجليزية أو صينية، فهي قبل وبعد تنسج من خلال مئات الآلاف من الخيوط، بل إنها باتت -وهذا شيء يسجل لصناعتنا الوطنية- تصنع بعض العلامات، التي باتت شهيرة في بلادنا، بل ويعمل في صناعتها مواطنات على قدر كبير من الدقة والكفاءة. والغترة تحكي قصة صاحبها، فهناك مَنْ يغيرها كل شهر ولا أبالغ إذا قلت هناك مَنْ يستبدلها كل أسبوع، فهو يفضلها جديدة دائما ومنشاة. ومازلت أذكر إعلاميا شهيرا لن أقول اسمه هنا كانت «غترته»، بل مرزام غترته يستطيع أن يقف عليه الصقر.. وهناك مَنْ وضع ميزانية شهرية من راتبه لشراء غتر جديدة.. اللهم لا حسد، في هذا البلد.. كما أن درجة ارتياح الرجل أثناء لبسه لغترته أكانت بيضاء أم حمراء تدل على شعوره بالارتياح والفخر. ولو استطاعت الغترة الكلام لقالت يا سلام سلم الله يخليك أريد أنا أيضا المصافحة والسلام ليس يدك فقط. حتى يعرف صاحبك أنني غترة جديدة ومنشاة. والمثير أن هناك مَنْ يترك العنان لأهوائهم في اختيار نوعية الغترة أكانت شماغا أبيض أم أحمر أو شالا كشميريا من فئة الـ VIP لتشير على الثروة. وماذا بعد لقد رسمت قبل سنوات رسما كاريكاتيريا ساخرا كانت تبكي فيه الغترة البيضاء من شقيقتها الغترة الشماغ الحمراء كونها تسببت كثيرا في تراجع مبيعاتها بصورة حادة.

almaglouth@yahoo.com