عبدالحميد الحمادي

الحريات إن لم تؤطر بالقوانين والحدود، فإنها تصبح حريات مؤذية وأنانية، وتنقسم الحريات إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: حريات يعرفها الإنسان من خلال الذوق، القسم الثاني: حريات تضبطها القوانين والإجراءات، القسم الثالث: حريات تحددها وتمنع من تجاوزها العادات والتقاليد.

فالنوع الأول: ذوق الإنسان يجعله يمتنع عن استخدام هذه الحرية إذا كان فيها أذى أو تعد على الآخرين مثل جلوس الشباب بالقرب من عوائل أو استخدام الشيشة أو التدخين داخل السيارة بحضرة الأطفال والنساء أو كبار السن، النوع الثاني: القوانين هدفها حماية المجتمع من التعدي على حرياته وأمنه فمثلا: لا يجوز للإنسان عكس المسار حفاظا على أمن الآخرين ولو لم يكن هناك قانون لرأينا معظم الناس تختصر المسافات بعكس الطرق وركوب الأرصفة بدلا من الوقوف أمام الإشارة فترة طويلة، النوع الثالث: العادات والتقاليد تلعب دورا كبيرا في تحديد التصرفات والممارسات المقبولة وغير المقبولة مثلا: طريقة اللبس أثناء حضور المناسبات أو تقديم الكبار على الشباب في دعوة الضيوف على الوليمة.

أقف مع النوع والقسم الثاني، وأسرد حادثة وقعت هنا في شاطئ نصف القمر (احتفظ بأسماء أطراف الحادثة): «قدم قريب لي من الرياض، واختار السكن في أحد الشاليهات وأراد أن يستمتع بأجواء الليل العليل هذه الأيام، فاختار المشي هو وعائلته وأبناؤه في محيط الشاليه بحكم أنه محاط بالمسطحات الخضراء والبحيرات الصغيرة، وإذا بكلب متعافٍ تغلب عليه الشراسة يهجم على أحد أبنائه، دون سبب أو إثارة منهم (أطفال أعمارهم تتراوح ما بين الرابعة والتاسعة والعاشرة) فتبدأ ليلة من ليالي الذعر والرعب والتعارك، ويتدخل الأب ويحاول أن ينقل المناوشة إليه بدلا من أبنائه، إلا أن الكلب رفض إلا أن يهجم على أحد الأطفال وينال منه بعضة أثرت على جنبه، وبعد مقاومة من الأب انصاع الكلب المتنمر، واستطاع الأب الخروج بأقل الخسائر، وذهب إلى المستشفى وأجريت الإسعافات اللازمة للطفل، وحضرت الشرطة وتم استدعاء صاحب الكلب وكان أحد نزلاء الشاليه، وبعد رجاء استمر ساعات أدى إلى التنازل عنه والاكتفاء بمحضر ضبط الحادثة».

مع -التحفظ على التنازل - الذي أراه لم يكن موفقا، وخاصة ما لحق بالأطفال والعائلة عموما من (أضرار معنوية) تتطلب العلاج النفسي، فهي ليلة لا تنسى بالنسبة للأطفال، أجدها فرصة لطرح تساؤلات تتعلق بامتلاك والتجول بالكلاب في الأماكن العامة: أليس في خروج البعض بكلابهم، ولا سيما الخطرة، أذى للمجتمع وتخويف للأطفال في المتنزهات والحدائق داخل الأحياء؟ من يضمن عدم استخدام تلك الكلاب في جرائم كالاعتداء أو السطو على المنازل أو التهديد؟ ألا يخالف الذوق العام امتلاك الكلاب والتجول بها في الأسواق والحدائق وفي الشوارع داخل الأحياء؟، وهل اصطحاب الكلاب يتوافق مع شروط البيئة الآمنة والصحية أم لا؟.

نعم هناك بعض الشروط والضوابط وضعتها - وزارة البيئة والمياه والزراعة - تتعلق باستيراد الحيوانات، ولا سيما الأليفة، وبعض الإرشادات في التعامل مع الحيوانات ومنها الكلاب، ويبدو مع انتشار الكلاب وخاصة لمن يظن أنها نوع من -الحضارة والحرية - أرى أن تكون هناك ضوابط وعقوبات تختص بـ (وزارة الداخلية) لمن يذهب بها إلى الأماكن العامة، أو تؤدي إلى أذية وتخويف وترويع الآخرين، ولا سيما الأطفال والنساء. وهو مقترح نرفعه إلى مقام وزارة الداخلية.

alhammade9999@hotmail.com