عبدالله الألمعي

يشاهد الجميع والعالم بكامله التغييرات، التي أدركتها مملكتنا الغالية تجاه المرأة السعودية من تمكينٍ لها في المجتمع وتحريرِ القيود، التي كانت حجرَ عثرةٍ أمام رزقها وكل أمور حياتها، ولا ننسى الزمن الماضي، الذي أغرق المجتمع برُمته بالجهل والتشدد والغلو.

كانت المرأة مصطلحًا أمام كل جهل وتعثر، بل الجدار الفاصل ما بين الحياة والموت، ولكن برؤية مملكتنا -أيدها الله- تغيرت هذه الأفكار وطُمست كل المخاوف، التي تجرعها المجتمع بسبب التيارات الماضية، التي قادت كل عناوين الغلو والجهل!

تمكنت المرأة دون أن نشعر ودون أن تمر علينا كل التحذيرات، التي أحرقت القلوب خوفًا وامتعاضًا، وكأن شيئًا لم يكن في الواقع، بل تمكنت علمًا وعملًا وتطورًا لهذا الوطن، وكانت خير عونٍ للرجل وبكل مرونة وهدوء.

ما جعلني أكتب هذه المقالة ليس بشأن المقدمة أعلاه، فقد كتب الكتَّاب ما كتبوا، والجميع قالوا ما يجعلني لا أكرر ذلك، ولكن كنت في أحد المطاعم المعروفة في مملكتنا الغالية وإذ بمَنْ يستقبلني فتاة -هنا لا مشكلة في الأمر فقد كنت داخلًا في قسم العوائل- ولكن الفتاة ذاتها هي مَنْ قدمت الطعام! انتهيت من الأكل وتوجهت إلى مغسلة الرجال، وكانت تقع في قسم الأفراد، فتفاجأت بالفتاة نفسها في هذا القسم المليء بالرجال تنظف الطاولات لهم وتزيل بقايا الحرب التي تركوها، وهُنا عاد لي فضولي لأتساءل: هل جميع مَنْ في المطعم نساء؟ وما بين التأييد والممانعة توجهت مباشرة للطلبات الخارجية وإذ بهم عمالة أجنبية يقف العشرة أشخاص ما بين مُعِد طعام وكاشير، والبقية في المكاتب ذات الطابع الرسمي جدًّا.

خرجت من المطعم والفضول يمتلكني، وعدت مجددًا بعد أن قطعت طريقًا طويلًا ودخلت على مدير المطعم «الأجنبي»، وكأنهم في نهاية دوامهم، متعذرًا بنسيان محفظتي، فسمح لي بالدخول مشكورًا، فتوجهت مباشرة للقسم المراد فوجدت هذه الفتاة، فسألتها كثيرًا وجاوبتني قليلًا خوفًا من نظرات المدير الأجنبي، التي تأكلنا من بعيد.

أجوبة تمنيت أني لم أسمعها من قبل، وتحول فضولي إلى حزن بلغ أثره في نفسي ما قد بلغ، بأنها تملك «البكالوريوس»، وأنها قبلت بالعمل لديهم على مهنة مناسبة لمؤهلها، وإذا بالواقع ينقلها إلى ما شاهدته، وقالت إنها لا تستطيع تغيير المكان لكون منزلها قريبًا، وتنفق على والديها، وإنها الوحيدة لهما! وأجبرت بالبقاء «انتهى الكلام».

وطننا الغالي، الذي أعز مواطنيه ومكنهم على أعلى المستويات، ثم اليوم مع تحولات تمكين المرأة للعمل يتخذ الأجنبي هذه القرارات واستغلال الحاجة لهذه المواطنة دون رقابة! والعمل ليس عيبًا ولكن المواطن هو أولى في الأعمال من هؤلاء الأجانب.

وليس كلامي عنصريًّا بتاتًا، ولكن وطني أولى بهؤلاء أصحاب الكفايات، التي ستتبدد أحلامهم ومكتبساتهم وعلمهم بسبب توظيف القرارات السليمة بأيدٍ أجنبية كارهة أو حاسدة خوفًا على مكانتهم في وطننا.

خاتمة: «الوطن مكَّن كل ما يطلب وفوق الأحلام المأمولة، ولكن هناك مَنْ يعبث بهذا التمكين، فيجب أن تكون هناك مراقبة شاملة نحوهم والضرب بيد من حديد».

@ASIR_26