د. عبدالوهاب القحطاني

لا يزال فيروس كورونا المستجد أو ما يعرف بكوفيد 19 مهيمنا على الساحة الاقتصادية العالمية بما يسببه من بطالة وتكلفة على القطاع الصحي وغيره من القطاعات الصناعية والتجارية في الكثير من الدول، حيث تراجعت نشاطات الشركات في قطاعات عديدة بما فيها قطاع شركات الطاقة. لقد تراجعت أسعار النفط نتيجة تراجع الطلب عليه لأن قطاعات أخرى تعتمد عليه تراجعت مثل قطاع السياحة والسفر وقطاع الطيران. تتميز سنة 2020 بانكماش اقتصادي عالمي قاسٍ لا تستثنى منه دولة. ولقد واجه الاقتصاد العالمي أصعب انكماش في تاريخه في هذه السنة،. سيكون للقاح كوفيد 19 اثر إيجابي قوي في تعافي الاقتصاد العالمي من الفيروس وما ينتج عنه من تبعات اقتصادية على المستوى العالمي.

من الصعوبة بمكان أن نحدد بدقة موعدا محددا لتخطي هذه الجائحة التي ساهمت في انكماش الاقتصاد العالمي بدرجة لم يسبق لها مثيل، خاصة أن دول العالم أصبحت أكثر ارتباطا ببعضها ما يتسبب في علاقة عنقودية تزيد شدتها في الدول المتقدمة التي تمتلك اقتصادات إنتاجية كبيرة على مستوى العالم مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكذلك الصين بالرغم من إدارتها للأزمة بمنهجية سريعة في إدارة الجائحة. صرح متخصصون في صندوق النقد الدولي في شهر يوليو بأنهم يتوقعون انكماش الناتج العالمي بحوالي 4.9 في المائة، وذلك مقارنة بما سبق توقعه بحوالي 3 في المائة في شهر أبريل، عندما استخدم البيانات المتاحة في وقت كانت الإغلاقات واسعة النطاق للأنشطة الاقتصادية ما زالت في بدايتها. وسيكون التعافي المتوقع في 2021 أضعف هو الآخر، حيث من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 5.4 في المائة في 2020، وليس 5.8 في المائة كما في تقديرات أبريل، لكن الصندوق نبه إلى أن تفشيا كبيرا جديدا للفيروس في 2021 ما يقلص النمو إلى ما لا يزيد على 0.5 في المائة.

مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا المستجد تبشر بخروج العالم من الانكماش الاقتصادي تدريجيا منذ بداية الربع الأول من 2021م، لكنه لن يعود إلى حالة ما قبل الجائحة قبل نهاية 2022. ومن هذه المؤشرات توفر لقاح الفيروس الذي ستظهر نتائجه بنهاية 2020م. كما أن الاقتصاد الصيني سيقود النمو الاقتصادي العالمي، حيث يشكل نموه ثلث نمو الاقتصاد العالمي، وسيبلغ حوالي 8 في المائة بنهاية 2021م. وتتوقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4.2 في المائة في 2021 و3.7 في المائة في 2022، وذلك بمساعدة اللقاح الذي بدأت شركة فايزر وموديرنا وغيرهما تنتجه وتبيعه لحكومات العالم.

أما مورقان ستانلي فقد كان توقعه أن نمو الاقتصاد العالمي بنسبة أعلى من توقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بحيث تصل إلى 6.4 في المائة في 2021، حيث تتقدمه اقتصادات الأسواق الناشئة تليها في ذلك الولايات المتحدث ثم الاتحاد الأوروبي. وهذا النمو بطيء وتدريجي حتى نهاية 2022. يعد مؤشر المستهلك في الولايات المتحدة أحد المؤشرات التي تبشر بنمو تدريجي ربما بطيء للاقتصاد الأمريكي الذي يعتبر أكبر الاقتصادات في العالم فقد صعد مؤشر المستهلك منذ مايو 2020 إلى مستوى ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد.

الخلاصة لا نتوقع نموا عاليا وسريعا للاقتصاد العالمي في 2021م لأن مكافحة وعلاج الجائحة يحتاج لوقت أطول مما يتوقعه الكثيرون للتغلب عليها، وسيكون نمو الاقتصاد السعودي مرتبطا بسعر برميل النفط والكمية المصدرة إلى جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى نمو نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي.

@dr_abdulwahhab