حذيفة القرشي - جدة

قانونيون لـ اليوم إحالة المتورطين إلى القضاء بعد اكتمال الملفات

تسعى المملكة إلى محاربة الفساد من أعلى هرم السّلطة، ذلك أنّ ملفّ مكافحة الفساد يحظى بأهميّة متزايدة ومعلنة، منذ بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «يحفظه الله»، وتخوض المملكة منذ تولّي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الإشراف المباشر على عمليّات مكافحة الفساد، حربا على الفاسدين مهما كانت مكانتهم ومهما علا شأنهم، بعد أن أكّد سمو وليّ العهد في أكثر من مناسبة أنه لا حصانة لفاسد.

وفي هذا الإطار، أكد قانونيون لـ«اليوم» أن المملكة قد تقدمت سبعة مراكز بمؤشر «مدركات الفساد»، وهذا دليل قوي على نجاحها في محاربة الفساد بصورة جادة وأكثر فعالية، وأوضحوا أن مكافحة الفساد لا تقتصر فقط على جهود الدولة، وإنما لا بد أن يكون هناك دور بارز للمواطنين، وكذلك منظمات ومؤسسات المجتمع المدنية والأهلية، بالإضافة إلى أجهزة الصحافة والإعلام في التنوير بالآثار السلبية للفساد اقتصاديا واجتماعيا، مشيرين إلى أهم محطات مكافحة الفساد عبر إصدار أكثر من ثلاثين تشريعا.

عدالة جنائية فعالة تكفل مبدأ عدم الإفلات من العقاب

ذكر المستشار القانوني وخبير القانون الجنائي الدولي ومكافحة غسل الأموال‏ وتمويل الإرهاب محسن بن عبيد الحازمي، أنه لا شك في أن الفساد آفة متنامية في جميع الدول لتأثيرها السلبي والمباشر في تنمية المجتمعات والحد من تطورها وأنها أصبحت ظاهرة ذات جوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية لا يتطلب مكافحتها تضافر جهود مؤسسات الدولة الواحدة فحسب، بل لابد من ضرورة تعاون الدول فيما بينها للحد من الفساد الإداري والمالي، خاصة عندما خدمت الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد العمل على رفع الالتزامات السياسية لمكافحة الفساد، وعيّنت المعايير والممارسات الدولية الأساسية لمعالجة الفساد.

وقال: من المسلم به أن الفساد يهدد استقرار المجتمعات بالنظر إلى ما ينجم عنه من عدم الثقة في المؤسسات والقانون، وما يؤدي إليه ذلك من إفراغ كل مخططات الإصلاح والتنمية من محتواها، لذلك فإن محاربة الفساد تمر حتماً عبر توفير عدالة جنائية فعالة تكفل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال إقرار مجموعة من المبادئ والآليات القانونية لتفعيل العدالة الجنائية في مجال مكافحة جرائم الفساد أولاً، فضلاً عن خلق مجموعة الآليات المؤسسية والإجرائية للكشف عن الجريمة وتشجيع الإبلاغ عنها ثانياً. بالإضافة إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حثت كافة الدول دون استثناء على اتخاذ كافة التدابير لدعم النزاهة ومحاربة الفساد، كما قد أكدت أن تتخذ كل دولة طرف وفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ما قد يلزم من تدابير لضمان وجود هيئة أو هيئات متخصصة وأشخاص متخصصين في مكافحة الفساد والوقاية منه وإنفاذ القانون. وتمنح تلك الهيئة أو الهيئات هؤلاء الأشخاص ما يلزم من الاستقلالية، لكي يستطيعوا أداء وظائفهم بفعالية ودون أي تأثير لا مسوغ له، كما يمكننا القول إن الفساد أصبح ظاهرة عالمية ومستمرة لأنها لا تخص مجتمعاً معيناً بذاته أو مرحلة تاريخية بعينها. كما لا تزال تعاني المجتمعات من تنامي مشكلة ظاهرة الفساد بأنواعه المتعددة رغم كل ما يبذل من جهود في سبيل محاربته.

ومن البديهي القول إن ظاهرة الفساد هي ظاهرة مُحاربة على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية، فكل الاتفاقيات تؤكد أن الفساد أمر مرفوض، بل وأصبح واقعاً يستدعي العقاب، لكن المشكلة تتجلى في الوقت الحاضر في أن التدابير والآليات العادية غير كافية لمكافحة الفساد لأنه يختلف عن الجرائم التقليدية، ومن ثم لا بد من إستراتيجيات مدروسة بدقة وموضوعية، تأخذ بعين الاعتبار جميع جوانب هذه المشكلة، التي أصبحت ظاهرة عالمية تهدد كافة المجتمعات وبقائها، بحيث بدت الانقسامات المجتمعية تتضاعف في الدول، التي ينتشر فيها الفساد بمختلف أنواعه وتسمياته.

وحرصت التشريعات الجنائية في المملكة العربية السعودية وفق ما تقدم على تقرير نظام عقابي خاص لمواجهة جرائم الفساد بكافة أشكالها وصورها أو المرتبطة بها، مما استوجب بيان المظاهر القانونية للفساد، واتخاذ الأهمية في عملية وجوب التعاون الدولي لمواجهته والتنسيق فيما بينها والمنظمات الإقليمية والدولية لوضع إستراتيجيات يتم تحديثها باستمرار لضمان مواجهة المشكلات الناجمة عن كل صور الفساد المعاصرة، التي تستمد المملكة أنظمتها من خلالها ووفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية المتكافئة، التي عنيت بحماية النزاهة والأمانة والتحذير من الفساد ومحاربته.

وبناءً عليه، فإن المملكة حرصت بشكل دائم على مشاركة المجتمع الدولي اهتمامه في محاربة الفساد من خلال حرصها على عقد الاتفاقيات وحضور المؤتمرات والندوات وتعزيز التعاون الدولي، التي امتدت لتصبح واقعا حقيقيا امتثلت في وضع هذه الإستراتيجية، التي نشاهد نتائجها تتحقق في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله ورعاهما-.