د. عبدالوهاب القحطاني

جودة القرار الاستثماري مرتبطة بجودة المعلومات من حيث الحداثة الزمنية والصحة والمصداقية وعلاقتها بطبيعة المشروع الاستثماري، لذلك يعتمد صانع القرار الاستثماري على المعلومات الدقيقة التي تساعد على الخروج بالقرار المناسب الذي يساعده على مواجهة مشكلة ما يمكن أن تواجهه في خطته الاستثمارية. وبالتأكيد فإن المعلومة الصحيحة العالية الجودة تقلل من نسبة المخاطر وتزيد من احتمالية النجاح. ومما لا شك فيه أن المستثمرين يواجهون تحديات يومية تتطلب اتخاذ القرار السليم والسريع للخروج بأقل تكلفة وأكثر فائدة، ولهذا السبب تستلزم المواقف الحصول على المعلومات المناسبة والدقيقة والصحيحة في الوقت المناسب.

المعلومات الإحصائية والمالية ضرورة وأساس لصنع القرار الاستثماري الناجح لأن المعلومات الصحيحة ذات الصحة والمصداقية العالية تعني للمستثمر ربحية المشروع بينما المعلومات الضعيفة تساهم بلا شك في فشل المشروع. ولقد واجه عدد كبير من المشاريع التجارية والصناعية سواء الحكومية أو الخاصة الكساد والخسارة بعد إتمام الصفقة لأن المستثمر لم يتأكد من صحة ومصداقية المعلومات قبل المضي في المشروع. وقد خسر عدد كبير من الذين استثمروا في أسهم شركة انرون للطاقة على سبيل المثال لأنهم دخلوا في سهم قامت إدارة شركة انرون للطاقة بتضليلهم بمعلومات مالية غير صحيحة عنه لأسباب تكمن في أهداف إدارة الشركة. وهناك شركات كثيرة أفلست بسبب ضعف في كمية وجودة المعلومات ما جعل القرار بالاستثمار فيها غير ناجح.

ومن الأهمية التحري عن جودة المعلومات لأن مصادرها قد توجهها بطريقة مضللة لتخدمها على حساب المستثمر. ومن الأهمية أيضا الحصول على المعلومات من عدة مصادر وتقييمها للمفاضلة بينها من حيث الصحة والمصداقية والحيادية، وكذلك الغرض منها للحصول على أفضلها، ففي الدول المتقدمة تقوم الجهات الحكومية والخاصة بتوفير المعلومات العالية الجودة للمستثمرين لأنها تعلم مدى أهمية مصداقيتها وصحتها في صناعة القرار السليم، ناهيك عن النواحي القانونية والأخلاقية التي تفرض عليها الصدق والحيادية في توفيرها للمعلومة. أما في الدول النامية فإننا نرى بعض الجهات الحكومية تشوه المعلومات لخدمة الجهة التي توفرها أو بتوجيه سياسي من جهة معينة لخدمة نخبة معينة من السياسيين على حساب الاقتصاد الذي بدوره يضعف القرار السياسي فيما بعد عندما يخسر المستثمرون أموالهم بسبب ضعف المعلومة وعدم صحتها.

والمثير للسخرية أنه لا تتوفر ضوابط كافية ورادعة وجادة للحد من المخالفات غير القانونية وغير الأخلاقية لمعاقبة المخالفين الذين يقومون عمدا بتسريب معلومات مضللة للمستثمرين سواء في سوق المال أو غيره من منافذ الاستثمار، كذلك لا توجد ضوابط فاعلة لمنع تسريب المعلومات سواء كانت مضللة أو غير مضللة من الشركات إلى السوق قبل الموعد المنصوص عليه في اللوائح التي وضعتها الهيئة المعنية بتنظيم وحوكمة سوق المال.

وقد تتوفر ضوابط رادعة تحد من تضليل المعلومة، لكنها غير عادلة في التطبيق في حالات كثيرة ما يجعل الذين يضللون المعلومات يرونها ضعيفة من حيث المصداقية، وبالتالي يقللون من جديتها ويستمرون في تضليلهم للمستثمرين. ونرى في بعض أسواق الأسهم على سبيل المثال ارتفاع سعر سهم معين من غير مبررات ثم هبوطه بسرعة بعد وصول المعلومة إلى عامة المستثمرين، وهذا يعود إلى أن المعلومة وصلت لنخبة من المضاربين وغيرهم قبل وصولها لعامة المستثمرين في السوق ما جعلهم يستفيدون من تسريب الخبر المربح قبل غيرهم. هذه السلوكيات غير قانونية وغير أخلاقية لأنها احتكرت الخبر والمعلومة قبل انتشارها بوقت كاف ليصرف المضارب أسهمه بسعر عال على الذين لم يصلهم الخبر أو المعلومة قبلها بوقت كاف.

@dr_abdulwahhab