ترجمة: إسلام فرج

لدى الخرطوم أسباب إستراتيجية لدعم جبهة تحرير تيغراي

قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية: إن السودان هو من سيقرر نتيجة ومصير الحرب الأهلية الدائرة في إثيوبيا.

وبحسب تقرير لـ «نزار مانك» و«محمد خير عمر»، وهو عضو سابق في جبهة التحرير الإريترية، فإن تحركات الخرطوم هي التي ستحدد ما إذا كان الصراع بين الحكومة الفيدرالية في إثيوبيا وجبهة تحرير شعب تيغراي سيبقى شأنا محليا أم سيتحول إلى حريق إقليمي.

وأشار إلى أن خيارات السودان وإريتريا هي التي ستكون الفاصلة في تحديد نطاق ومسار الصراع، وأضاف: لدى السودان العديد من الأسباب الإستراتيجية لدعم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في الحرب الأهلية ضد حكومة إثيوبيا الفيدرالية، أو على الأقل الظهور بمظهر الداعم لها.

إغلاق الحدود

وتابع التقرير: بينما أغلق السودان رسميا الحدود بين تيغراي والولايات الحدودية كسلا والقضارف، وهما الروابط اللوجستية الوحيدة التي تربط تيغراي بالعالم الخارجي من حيث الوقود والذخيرة والغذاء، فإنه قد يستخدم التهديد بدعم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لانتزاع امتيازات من أديس أبابا بشأن مثلث الفشقة المتنازع عليه.

ومضى يقول: الفشقة هي منطقة مساحتها حوالي 100 ميل مربع من الأراضي الزراعية الرئيسية على طول حدودها مع ولاية أمهرة الإثيوبية، التي يعتبرها السودان ملكه بموجب اتفاقية وقعت في عام 1902 بين المملكة المتحدة وإثيوبيا في عهد الإمبراطور منليك الثاني، التي قبل بها العديد من القادة الإثيوبيين اللاحقين، بما في ذلك الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وأردف التقرير: لا يزال الخلاف حول الفشقة سببا لشكوى مزارعي الأمهرة الإثيوبيين بالقرب من الحدود، الذين يسعون إلى زراعة الأرض، بما يشكل عقبة في المفاوضات حول سد النهضة.

وأضاف: رفض السودان اقتراح إثيوبيا بشأن المبادئ التوجيهية التي من شأنها تكريس قدرة أديس أبابا المستقبلية على إدارة التدفق السنوي للنيل الأزرق على أساس تقديري.

ورقة ضغط

وأوضح أن الخرطوم تستخدم بالفعل هذه القضية كوسيلة للضغط على آبي أحمد بشأن الفشقة، حيث تواصل إثيوبيا والسودان الإبقاء على وجود عسكري لهما بها.

وتابع: لكن إذا دعم السودان تيغراي، التي تقع أيضًا على حدود إريتريا، فإن الحرب الأهلية ستطول بالتأكيد، وقد تكون التداعيات الإستراتيجية في علاقات الخرطوم مع أديس أبابا وأسمرة عالية جدًا.

وبحسب التقرير، يمكن للمنطقة أن تعود بسرعة إلى حالة الصراع بالوكالة التي سبقت صعود آبي أحمد وانهيار نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، أو التعجيل باندلاع حريق إقليمي أوسع نطاقا.

وتابع كاتبا التقرير: وفقا لمصدر تحدث مع رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، شهد السودان مؤخرا فرار آلاف الأشخاص من إثيوبيا، بما في ذلك ضباط من قوة الدفاع الوطني الإثيوبي.

وأردف التقرير: رغم تحالف البشير مع النظام الإثيوبي السابق بقيادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي، أصبح نفوذ الجبهة محدودًا منذ سقوط البشير من السلطة، ولأنها لم تعد تسيطر على الدولة الإثيوبية.

الوضع الهش

وأضاف الكاتبان: وضع السودان هش بالفعل، ويريد ضمان أن يكون لديه على الأقل الحد الأدنى من العلاقات مع جيرانه.

وتابع: في الوقت الحالي، ركزت تعليمات الخرطوم للقوات المسلحة السودانية المنتشرة على الحدود مع إثيوبيا على عدم استعداء أديس أبابا أو أسمرة، على حد قول ضابط عسكري سوداني كبير.

ومضى يقول: السودان ليس البلد المجاور الوحيد الذي لديه اهتمام كبير بنتائج الحرب الأهلية.

وأردف: سافر مبعوثو الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى الخرطوم في 11 نوفمبر لمقابلة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق عبدالفتاح البرهان، على الأرجح لمطالبة الجيش السوداني، الذي يتمتع بالسلطة الحقيقية، بقطع أي احتمال لدعم لوجستي للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وتابع التقرير: تجري المناورات العسكرية ضد تيغراي الآن على 3 جبهات: من إريتريا وعفر وأمهرة، مع استخدام إريتريا وأمهرة في محاولة لفصل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عن السودان.

ومضى يقول: لدى كل من آبي وأسياس، اللذين خاضا حربًا مع قادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي قبل عقدين من الزمن، تعطش لسفك دماء الجبهة.

الدافع الرئيسي

ولفت إلى أن هذا العداء المشترك تجاه النظام الإثيوبي السابق، هو الدافع الرئيسي لبدء العلاقات الدبلوماسية قبل عامين، التي من أجلها تم تكريم آبي بجائزة نوبل للسلام العام الماضي.

وأضاف: فشلت لجنة نوبل النرويجية في إدراك أن الجائزة تكافئ عملية سلام كانت تهدف حقًا إلى إنهاء حرب ما مع إرساء الأساس لأخرى، كما هو الحال اليوم.

وأردف يقول: في حين أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قد حققت نجاحًا كبيرًا الأسبوع الماضي، إلا أن استمرار النجاح في حرب أهلية طويلة الأمد سيعتمد في النهاية على الدعم المقدم من السودان.

وتابع: للسودان تاريخ طويل من التدخل في الشؤون الإثيوبية والإريترية، حتى قبل وصول الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وأسياس إلى السلطة في التسعينيات، دعم السودان سراً كلاً من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجبهة التحرير الإريترية عبر السماح بمرور الخدمات اللوجستية العسكرية والإنسانية عبر حدوده.

وأردف: في ذلك الوقت، كانت مشاركة السودان حاسمة لنجاحهما، لكن سيكون من الصعب على الخرطوم اللجوء إلى نفس التكتيكات مرة أخرى.

رد الفعل

ومضى يقول: إذا فعل السودان ذلك، فسيخسر الكثير، حيث يمكن أن ينتقم آبي أحمد من خلال دعم الجماعات المتمردة السودانية في أعقاب اتفاقات السلام غير المستقرة التي وقعتها مع الحكومة الانتقالية السودانية في أكتوبر.

وتابع: كما يمكن لأفورقي أن يدعم مجموعات فرعية من قبائل البجا في ولاية النيل الأزرق في تحالف تكتيكي معه ضد جماعة بني عامر العرقية في شرق السودان وإريتريا المتحالفة تقليديًا مع جبهة التحرير الإريترية، وكذلك السعي إلى تجنيد شخصيات المعارضة السودانية الساخطين الذين كانوا مقيمين سابقًا في إريتريا من منتصف التسعينيات إلى عام 2006.

وأضاف: على الرغم من النجاحات الأولية، قد لا تحظى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي باستمرار دعم السودان، خاصة إذا كان آبي وإسياس يستطيعان تقديم تنازلات للحصول على دعم الخرطوم.

وأردف يقول: بدون السودان، يبدو أن الأمل الوحيد المتبقي لجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي هو الإطاحة بحكومة آبي أو السعي لاغتياله بدعم من العديد من أعدائه الآخرين.

وبحسب التقرير، يواصل السودان في الوقت الحالي استغلال نفوذه في نزاع تيغراي ومفاوضات السد لتأمين ترسيم رسمي لحدود مثلث الفشقة، بما ينقل بشكل رسمي مساحة كبيرة من الأراضي إلى السودان.

وأردف: يمكن للسودان دائما استخدام عمليات إغلاق الحدود الرسمية كذريعة لإمداد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالدعم وحرمان قوات الدفاع الوطني الإثيوبي والقوات الموالية لآبي من القدرة على مهاجمة الجبهة الشعبية لتحرير تيغري انطلاقاً من الأراضي السودانية.

تهريب الأسلحة

ونوه تقرير «فورين بوليسي» بأن ولايتي كسلا والقضارف غارقتان في تهريب الأسلحة، وهو أمر يمكن للجيش السوداني إيقافه بالكامل، ولكن فقط إذا اختار القيام بذلك.

وتابع: إذا منحت إثيوبيا السودان الامتيازات التي يريدها في تقاسم مياه النيل وإعادة مثلث الفشقة، فقد تقلب الخرطوم كفة الميزان.

ووفقا لكاتبي التقرير، إذا جعل السودان النقل الرسمي للفشقة شرطا صريحا لوقف الدعم اللوجستي لجبهة تحرير تيغراي، فقد يكون ذلك قاتلا لآبي أحمد.

وتابع: إذا تنازل آبي، فسيخسر الدعم الواسع بين عرقية الأمهرة، التي تعتبر الفشقة أرض الأجداد التي انتزعت من أمهرة، وهي قضية سيضحون بحياتهم من أجلها. وإذا رفض آبي، يمكن للسودان الرد من خلال دعم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وأشار التقرير إلى أنه إذا نجحت الجبهة الشعبية في تحرير تيغراي في حربها على الجبهات الثلاث أمهرة وعفر وإريتريا، فقد تغزو أريتريا وتغزو النظام هناك، ما قد يمنحها إمكانية الوصول إلى أراض إضافية بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية من خلال البحر الأحمر. ونبه إلى أن تيغراي تستضيف بالفعل عدة مجموعات معارضة إريترية بالإضافة إلى قواعد عسكرية صغيرة لها، لكن نجاحها سيكون مهمة صعبة.

ساحة «كسلا»

واشار تقرير «فورين بوليسي» إلى أن كلا من جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي وأسياس أفورقي يريان أن كسلا هي ساحتهما الخلفية الإستراتيجية.

وأضاف: أقامت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي علاقات مع الجماعات المناهضة لأسياس بين بني عامر في كسلا بعد الحرب الإريترية الإثيوبية 1998-2000، ويعلم أسياس أن أي تحد للسيطرة على إريتريا الغربية يمكن أن يأتي من بني عامر المتحالفة مع جبهة التحرير الإريترية.

وأضاف: لكن الإطاحة بأسياس في إريتريا يمكن أن يحدث بشكل واقعي فقط إذا قدم الجيش السوداني الدعم لجماعات المعارضة الإريترية في السودان، وفقط إذا تقدمت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في وقت واحد إلى إريتريا، وأيضًا بدعم سوداني ضمني.

ومضى يقول: ما هو على المحك في الحرب الأهلية في إثيوبيا أكثر من تمرد التيغرايين، في أسوأ الأحوال، سينضم الضباط في جميع أنحاء الجيش الإثيوبي القائم على أساس عرقي إلى تمرد فوضوي، وسيجد الجيش نفسه بشكل متزايد متورطًا في شبكة كارثية بالفعل من القتال العرقي عبر إثيوبيا وعلى حدودها، وهي كارثة إقليمية ستلحق بكل من إريتريا والسودان، وربما المزيد من الأطراف.