صفاء قره محمد ـ بيروت

مشاركة لبنان «فلكلورية».. والعودة الآمنة تضمنها الأمم المتحدة

عُقد في دمشق بدعوة من نظام الأسد وموسكو، الأربعاء الماضي، مؤتمر لمناقشة عودة اللاجئين السوريين من المنافي، وشاركت موسكو في استضافته وقاطعته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعظم دول جوار سوريا التي تستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين، وكذلك لقي مقاطعة عربية واسعة النطاق، وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد رفض دعوة لحضور المؤتمر؛ لأن الأولوية في الوقت الراهن للعمل الحقيقي لتوفير الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية والكريمة والدائمة للاجئين والنازحين داخليًا إلى مناطقهم الأصلية. وأشار بوريل إلى عقبات تعوق العودة الآمنة منها الاحتجاز العشوائي والتعذيب، وعدم توافر الخدمات الأساسية.

مشاركة لبنان

وتأتي مشاركة لبنان في المؤتمر مشاركة «هزلية، فلكلورية»، لن تقدم أو تؤخر شيئًا في ملف النازحين، العبء الملقى على عاتق لبنان منذ بدء الأزمة السورية.

ويرى مراقبون لـ«اليوم» أنه لا فائدة حقيقية من مؤتمر اللاجئين، أو بالأصح فإنه عبارة عن محاولة روسية لتعويم النظام السوري، وهذا ما يفسّر المقاطعة الأوروبية والعربية والأمريكية لهذا المؤتمر، لهذا فلا حل لهذا الملف إلا برعاية الأمم المتحدة عندها يدخل ملف اللاجئين حيّز التنفيذ، بحسب الخبير في السياسات العامة واللاجئين زياد الصايغ في تصريح لـ«اليوم».

رسالة روسية

ويشدد الصايغ على أن «مؤتمر اللاجئين في دمشق هو محاولة روسية لتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي بأن روسيا ما زالت فاعلة في الأزمة السورية، خصوصًا فيما يُعنى بقضية اللاجئين، وفي ظل توتر في هذا الموضوع بينها وبين حلفائها وخصوصًا إيران»، قائلاً: «إذ إن المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الإيرانية ومنها حزب الله لم يسمح فيها بعودة المواطنين السوريين الذين خرجوا منها».

وكما يرى الصايغ أنها «محاولة استدراج عرض التعاون مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بما يعنى إعادة الإعمار، وفي الوقت ذاته فإن مشاركة بعض الدول العربية وكأنها رسالة تريدها روسيا للقول إن العالم العربي منقسم».

سياسة لبنان

أما بالنسبة إلى الانعكاسات على لبنان، فيقول الخبير في شؤون اللاجئين: «ليس لدى لبنان سياسة عامة تجاه قضية اللجوء السوري بالمعنى العملي، لديه ورقة عمل أقرّت في حكومة الرئيس حسان دياب، وكان قد سبقها محاولات كثيرة في الحكومات السابقة، ولكن أجهضها ما يُسمى محور الممانعة، لهذا لا انعكاسات جديّة خصوصًا أن المنطقة الجغرافية كالقلمون الغربي والزبداني والقصير هي المناطق الهادئة أمنيًا من العام 2016 لم يسمح بعودة اللاجئين السوريين إليها، وبات واضحًا أن هذه المنطقة تشكّل إما ممرًا عسكريًا أو ممر تهريب، بهذا المعنى يمكن التحدث عن فرز ديموغرافي ـ مذهبي ـ طائفي».

ويشدد على أن «المؤتمر هو محاولة مشهدية، لا علاقة لها بأرض الواقع، ومشاركة لبنان فيها غريبة، خصوصًا أن المشاركة كانت عبر كلمتين، كلمة لوزير الشؤون الاجتماعية وكلمة لوزير الخارجية، وهذا يؤكد أننا في اللا دولة في لبنان بالكامل».

الممر الأممي

وحول ملف اللاجئين السوريين في لبنان، يضيف الصايغ: إن لم يمر من خلال الأمم المتحدة، مما يعني تسهيل العودة وتوفير الضمانات الأمنية، القانونية، الاقتصادية والاجتماعية سيبقى على حاله، مع موجب التأكيد إن هنالك عودات سهّلت للاجئين سوريين، ولكنها عودات فردية وليست جماعية، وهناك معوقات ما زالت قائمة للعودة والنظام السوري أخضع لوائح اللاجئين الذين يريدون العودة إلى موافقات ومنع ورفض وشروط، بهذا المعنى لا أرى في هذا المؤتمر سوى أنه عبارة عن مشهدية فلكلورية لا علاقة لها بأرض الواقع، وربما أرادت روسيا أن تقول للعالم إن مبادرتها التي أطلقتها منذ عام ونيف، إنها لا تزال حية رغم فشلها في تنفيذ العودة.

تهجير منظم

ويلفت إلى أن «نظام الأسد والفصائل الموالية لإيران مارست تهجيرًا منظمًا والجماعات الإرهابية أيضًا مارست تهجيرًا، بهذا المعنى يمكننا التكلم عن تقاطع موضوعي بين الجماعات الإرهابية والجماعات الموالية للنظام وإيران»، موضحًا أن «روسيا ساهمت أيضًا من خلال الضربات الجوية في تهجير الكثير من المدن والبلدات والقرى، وتحاول أن ترمم علاقتها بالعالم العربي من خلال القول إنها تريد لهؤلاء العودة وهؤلاء من المكوّنات السنية، ولكن على أرض الواقع الأمر مختلف جدًا».

ويشير الصايغ إلى أن «عدم مشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي ـ الغربي وعدم مشاركة العالم العربي يؤشر إلى أن النظام السوري وإيران لا يزالان في حالة عزلة وأن روسيا لن تستطيع الاستثمار بما طرحته بأنها تحارب الإرهاب في علاقتها مع المجتمع الدولي».

وتوجّه إلى الحكومة اللبنانية، قائلًا: «توقفوا عن المزح في مقاربة المواضيع، أما مشاركة لبنان في مؤتمر اللاجئين فعبارة عن مزحة».

رفض قاطع

ورفضت المعارضة السورية أي نتائج تترتب على هذا المؤتمر فيما أكدت عدة منظمات معنية بشؤون اللاجئين رفضها القاطع أيضًا للمؤتمر وما ينتج عنه. وأعلنت الرابطة السورية لحقوق اللاجئين رفضها القاطع لإقامة مؤتمر لعودة اللاجئين والنازحين السوريين. وقالت الرابطة في بيان: «نؤكد للعالم أن كل الدعوات التي تطرح هنا وهناك من أجل إقامة مؤتمر لعودة اللاجئين والنازحين السوريين هي دعوات مشبوهة الهدف منها إعطاء الشرعية لنظام الأسد الإرهابي».

وأشارت إلى أن «العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين السوريين يجب أن تكون مضمونة من قبل مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة؛ لأن الاعتقال هو أحد تحديات العودة ويجب تحقيق الانتقال الديمقراطي بموجب قرار مجلس الأمن».

وأكدت الرابطة أن إعادة اللاجئين «يكون من خلال وقف الحرب المدمّرة على المدنيين أولًا، وتوفير شروط آمنة لعودتهم، وليس مجرد محاولات للاستثمار والوهم بإعادة الإعمار؛ لأن روسيا تخادع فيما تطرح وتنوي القيام به».

كما أكدت أنها «تدعم توجّهات الدول والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لفرض عقوبات على النظام لارتكابه جرائم حرب ضد المدنيين السوريين»، ورحّبت بمحاكمات لمنظومة النظام السوري في أوروبا وأمام محكمة الجنايات الدولية، واعتبرتها خطوة نحو العدالة الانتقالية.