فهد سعدون الخالدي

دعت منظمات عالميةً للعودة إلى التعليم الوجاهي، الذي يعيد الطلاب إلى مدارسهم، وجاءت هذه الدعوة بالتزامن مع توقعات منظمة الصحة العالمية أن يحتاج التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا عدة أشهر، مما يستدعي طول المدة، التي يعاني فيها العالم من هذه الجائحة، وتأتي هذه الدعوات بعد تسعة أشهر تقريبًا من إغلاق المدارس والتحول إلى التعلم عن بُعد، وبررت الجهات، التي أطلقت ذلك بتخوفها من الآثار السلبية لانقطاع الطلاب، خاصةً الأطفال عن ‏ التعلم المباشر طوال هذه المدة، وبالتزامن مع نداءات مؤسسات الأمم المتحدة انطلقت أصوات بعض المفكرين والمربين والآباء والمنظمات، التي تطالب بإعطاء الطلبة وذويهم حق الاختيار بين العودة إلى التعليم الوجاهي أو الاستمرار في التعليم عن بُعد، وتركز هذه الدعوات على مرحلة رياض الأطفال والصفوف الأساسية من التعليم الابتدائي على الأقل.

وفي هذا السياق، أفادت مديرة إدارة البرامج في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط بأن بعض بلدان المنطقة اتخذت خطوات ملموسة لمساعدة الطلاب على العودة إلى المدارس بعد فترة من الإغلاق، وأكدت أن إغلاق المدارس سيؤثر سلبًا على قدرة الأطفال على التعلم، وقدرة الآباء على العمل، وكِلا الأمرين يؤديان بدوريهما إلى مخاطر أخرى، مضيفة إن المنظمة وهي توصي بالعودة إلى المدارس، فإنها تُشدِّد على توعية الطلاب والمعلمين والآباء عن الوقاية من كورونا. كما أصدرت منظمتا (يونيسف) اليونسكو، والبنك الدولي تقريراً مشتركا يوضح أن الأطفال في الدول ذات الدخل المتدني والمتوسط، فقدوا ‏عند صدور التقرير حوالي أربعة أشهر من التعليم بالمقارنة مع ستة أسابيع للأطفال في الدول ذات الدخل المرتفع، كما لاحظ التقرير أن طلبة المدارس في هذه البلدان هم الأقل حظًا في فرص التعلم عن بُعد، وبأن تحدد بدقة خسارتهم التعليمية، والأكثر احتمالاً بأن يتأخر فتح مدارسهم أو يلتحقوا بالمدارس مع وجود نقص في الموارد اللازمة لتوفير البيئة المدرسية الآمنة لاستمرار العملية التعليمية ونجاحها، وبينما أعاد -حسب مصادر المنظمة- أكثر من ثلثي البلدان فتح المدارس كليًا أو جزئيًا تأخر بلد واحد من كل أربعة عن التاريخ المحدد لإعادة فتح المدارس أو أنها لم تُحدد موعداً لإعادة فتح المدارس حتى صدور التقرير. ومن وجهة نظر رئيس قسم التعليم بمنظمة اليونيسف، فإن الدمار الذي ألحقته الجائحة بتعليم الأطفال في العالم أكثر وضوحًا في هذه البلدان إذ أدت محدودية فرص التعليم عن بُعد وأخطار نقص الميزانية وتأخير إعادة فتح المدارس، إلى فقدان الأمل بعودة المدارس لطبيعتها رغم ضرورة هذه العودة، فيما ترى مساعدة المدير العام لشؤون التعليم باليونسكو أن الجائحة ستؤدي إلى زيادة فجوة التمويل للتعليم في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، ويمكن تقليص هذه الفجوة باعتماد خيارات الاستثمار الصحيحة بدون انتظار، أما مدير قسم التعليم في البنك الدولي، فيرى أنه رغم الجهود، التي تبذلها مختلف الأطراف، فإن ثمة اختلافات كبيرة في قدرة البلدان على تزويد الأطفال والشباب بالتعليم الفعّال، هناك اختلافات أكبر في التعليم المحفّز، الذي حصل عليه الأطفال والشباب، لقد كنا نشعر بالقلق بشأن فقر التعليم قبل الجائحة، وكذلك بشأن انعدام المساواة في فرص التعليم، وبات خط الأساس للتعليم حاليًا أدنى من السابق، وقد يكون تعاظم انعدام المساواة في الفرص كارثيًا.. ومن واقع التجربة الميدانية ومع الأخذ بالاعتبار هذه الأصوات، يمكن القول إن مهمة إعادة إطلاق عملية التعليم هي مهمة ملحة لكنها ينبغي ألا تتم في ظروف قد تعرض حياة الطلبة والمعلمين لخطر الوباء، وأن ما يمكن عمله الآن هو رفع جودة التعليم عن بُعد، والأخذ بنظام تعليمي يدمج بين التعليم عن بُعد والتعليم الوجاهي، خاصة في التعليم الجامعي والمراحل العليا من التعليم العام، بحيث يتم تعلم المواد النظرية والإنسانية وفق نظام التعليم عن بُعد، فيما يتم تعلم المواد التطبيقية بالأسلوب التقليدي وفي إجراءات احترازية تامة، وهو ما نلمس بوضوح اهتمام وزارة التعليم ضمن إستراتيجية الدولة ‏في المحافظة على حياة المواطن والمقيم والطلبة على وجه الخصوص.

Fahad_otaish @