عبدالكريم الفالح

من الصعب أن نحيط بكل ذلك الهاجس الزماني الواضح في شعر خالد الفيصل.. يكرر مفردات الزمن.. والتكرار هنا إذًا جاء في مكانه، ويجلب لنا صورًا فنية جميلة ميزة فنية.

وألبسك ثوب النسيم.. وأعطر (أيامك) زهر

وأقول أحبك... أنا أحبك

وأفرش لك (الدنيا) حريرًا..

ما هو على الغالي كثير

إنه يعطر الأيام ويفرش الدنيا لها حريرًا؟

ثم يقول لها الكلمة المبتغى وهي: أحبك

هو أيضًا أنشد:

فيني (نهار) و(ليل) وأفراح وأحزان

أضحك ودمعي حايرٍ وسط عيني

فيني بداية (وقت).. ونهاية (أزمان)

أشتاق (باكر) وأعطي (أمسي) حنيني

ولا يمل خالد الفيصل من مدح الليل، وكذلك المنطقة التي غلّف الليل مساءاته بها؛ إذ يهيم بالليل أربع مرات في بيتين فقط:

(ليالي) نجد ما مثلِك (ليالي)..

غلاك أوَّل وزاد الحب غالي

(ليالي) نجد لِلمحبوب طيبي..

أمانه نور عيني يا (ليالي)

حتى في قصيدته، التي رحّب بها بعمر الثمانين... قفز الزمان فيها وتناسلت الأيام وعد السنوات الثمانين وحياها حين قال:

يا مرحبًا بك يا ثمانين (عمري)..

لوما هقيت إني أشوفك وأنا حي

تناسلت شعرات (الأيام) تجري..

وأبيضت السودا على ضامي الري

وطنية خالد الفيصل، يدور في جنباتها الوقت أيضًا في لمحات جميلة:

ومعزّي التأسيس باني وطنّا..

على تحدي (الوقت) والفكر والذات

وعياله ملوك البطولات منّا..

على طريق العود هيبة وهقوات

إنه يبحث عن الخبر لكنه يختار مفردة من مفردات الوقت أيضًا:

أبي منه الخبر ويقول لله..

لفى المرسول ما عيَّن محلَّه

وقلبي تايهٍ من (عام) الأول..

ألا يا الله يسّر من يدلّه

وفي قصيدته، التي تبدأ بـ:

ما هو صحيح القلب للقلب شاهد..

لو هو صحيح أصبحت مفتون فيني

ذهب لليل الذي سهره بينما الحبيب ليس مفتونًا به، ولذلك يقرر أنه ليس صحيحًا، القلب للقلب شاهد

ما قد شكيت الحر والجو بارد

ولا سهرت (بليل) طول (السنين)..

ولا مشيت (العمر)

والحظ قاعد ولا تحديت الألم والونين

وشخصية خالد الفيصل الشعرية ومفرداته مفعمة بالرومانسية والثقافة العالية، وفم ذهبي ناصع.

كما أن خطاباته، التي يلقيها في المناسبات المتعددة عبارة عن قِطع أدبية جميلة يقدم فيها وصوفًا رائعة تأتي من ارتجال يشبه وجوه شعره..

فكره أيضًا وأفكاره تدل على حس أدبي، فما قام به في فلك مؤسسة الفكر العربي وقدرته على استضافة هذا الكم من المفكرين والأدباء والشعراء وتنظيم هذه الملتقيات الشعرية والفكرية لدليل على شاعريته وشعره، وما قام ويقوم به من إعادة إحياء سوق عكاظ وتنظيم هذه الأمسيات والملتقيات والنشاطات في السوق دليل على أنه شاعر وابن شاعر.

هذا هو الملمح، الذي أحببتُ أن أقدّمه لكم بعد أن اكتشفت (عاصفة) الوقت في شعر خالد الفيصل.