خالد الشنيبر

أعلنت وزارة الموارد البشرية عن مبادرة نوعية سيتم تطبيقها بعد خمسة أشهر لتحسين العلاقة التعاقدية بين أصحاب الأعمال والوافدين، وتستهدف تلك المبادرة التي تعتبر من الإصلاحات الجذرية في سوق العمل للاعتماد على عقود العمل بين الطرفين كبديل عن ما يُعرف بنظام الكفيل، وكحال أي قرار أو مبادرة تخص سوق العمل نجد آراء متباينة ما بين مؤيدين ومعارضين، ومن اطلاع على سوق العمل أرى أن هذا التوجه هو أهم إصلاح ينبغي تطبيقه في المملكة وذلك لعدة اعتبارات، وفي هذا المقال سأتطرق للاعتبارات المختصة فيما يخص الأثر على إعادة هيكلة السوق وتركيبة المشتغلين فيه.

سوق العمل في المملكة يحتاج لقواعد تنظيم لحركة انتقال العمالة الوافدة وذلك بشكل أكثر مرونة من الوضع الحالي، وبدون تواجد لتلك المرونة سيبقى سوق العمل في المملكة كمركز لتدريب الغير من الوافدين الذين يتم استقدامهم بشكل عشوائي، وأصبحت تلك العشوائية حاجزًا كبيراً في جذب توظيف الكوادر المحلية حتى بالرغم من تقليل الفجوة بين تكاليف توظيف الكوادر المحلية وتوظيف الوافدين من خلال رفع التكاليف، وأدى ذلك لتمركز معدلات البطالة بشكل كبير في فئة المستجدين لدخول سوق العمل من الثروة البشرية المحلية، بالإضافة لصعوبة تطوير سوق العمل وزيادة معدلات التراكم المعرفي فيه مما قلل من الاحتكاك النوعي الذي يساهم في رفع الخبرات والمهارات للمشتغلين السعوديين.

السيناريو المتوقع الذي سيشهده سوق العمل بعد تطبيق المبادرة سيبدأ بصدام كبير بين المتسترين والمُتستر عليهم، وسنرى وقتها ارتفاعاً للحوالات الخارجية وبشكل غير مسبوق، وسنشهد إغلاقا للعديد من الأنشطة الفوضوية التي تعمل بشكل غير نظامي، وما أتمناه من وزارة الموارد البشرية أن لا تستعجل وتستهدف توطين تلك الأنشطة بالشكل الكامل حتى لا يتكرر خطأ توطين قطاع الاتصالات والجوالات، وخلال فترة قصيرة من تطبيق المبادرة سنجد ارتفاعا واضحا في معدل أجور العمالة الوافدة مما يؤدي لارتفاع تكاليف توظيفهم، وهذا الأمر اعتبره «إيجابياً» كونه سيكون عاملاً مهماً في تعزيز وتفضيل توظيف الكوادر المحلية خاصة ذوي المهارات المنخفضة، وبذلك سيتم بشكل غير مباشر التركيز على تطويرهم وتدريبهم تدريجياً من خلال التراكم المعرفي الذي سيجنونه من الاحتكاك مع الكفاءات بغض النظر عن جنسيتها، وأرى أن هذا التوجه هو المدخل الرئيسي لتعديل تركيبة سوق العمل عند مقارنة أعداد المشتغلين وفقاً للجنسيات الذي من خلاله يتضح أن الأقلية في سوق العمل هي للعمالة المحلية.

كوجهة نظر شخصية أرى أن لنجاح تطبيق تلك المبادرة بالشكل المأمول والمستهدف ينبغي أن يصاحبها عدة قرارات تنظيمية ومالية، وعند الحديث عن الاشتراطات التنظيمية فهذا يعني أن تتم مراجعة السجل الأمني والجنائي للوافد ومدى التزامه بمدة عقود العمل السابقة، أما فيما يخص الجانب المالي فمن المهم إعادة النظر في طريقة دفع بعض الرسوم الحكومية كالإقامة والمقابل المالي لتكون بشكل ربع سنوي بدلاً من الدفع السنوي المقدم، وأيضاً بإعادة النظر في الرسوم الحكومية التي يتم دفعها من صاحب العمل في الوقت الحالي وتحميل جزء منها للعامل الوافد لأنها مصدر دخل للدولة، وبالإضافة لوجود «ضمان مالي» يتم دفعه من قبل العامل الوافد لضمان عودته لبلاده عند أي مخالفة أو عدم الموافقة على تجديد تصريح العمل.

ختاماً: أكرر ما ذكرته سابقاً، إلغاء نظام الكفيل يعتبر حماية للاقتصاد وبشكل أكبر مما يتخيله البعض، وبنفس الوقت قد يستغرب البعض إذا ذكرت أن إلغاء هذا النظام هو حماية للمواطن قبل الوافد، فلا داعي لأي تخوف من تطبيقه.

Khaled_Bn_Moh @