غدير الطيار

من أين أبدأ والحروف عاجزة عن وصف حبك في القلوب، من أين أبدأ والمعاني في وصفك كثيرة، من أين أبدأ والدموع غزيرة، من أين أبدأ والمشاعر حزينة وحق لها ذلك، حقيقة انتابني شعور لا استطيع وصفه، مشاعر اختلجت في الفؤاد، ودب في روحي شيء بل كثير من الحزن والألم على ما سمعته من تعد على رسول الأمة بعبارات جعلتني أقف حائرة أمام صدمة كبيرة توجع الفؤاد قبل الروح، وهنا وقفت جميع الحروف والمعاني أمام هذا الخطب الجلل، نعم كل شيء يمكن التغاضي عنه، إلا رسول الله محمد ابن عبدالله سيد الخلق وأشرفهم، تبكي القلوب دما قبل العيون على ما أسمعه بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فمهما كتبنا فلن نستطيع إيفاء سيد البشر ما له علينا من محبة تفوق الوصف وتتعدى الخيال، حقيقة ما نقوله في هذا حسبنا الله ونعم الوكيل، وقبح الله وجوها تُسيئ لسيد الخلق وأشرف الرسل، وقد قال الله تعالى: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين والقصة في سبب نزول الآية وإهلاك الله لهؤلاء المستهزئين واحدا واحدا معروفة، قد ذكرها أهل السير والتفسير، ولا سيما ذكر في (صيد الفوائد) وهم على ما قيل نفر من رؤس قريش منهم: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسودان ابن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.
 وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يسلم، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبت ملكه. وأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه كل ممزق، فلم يبق للأكاسرة ملك، وهذا والله أعلم تحقيق لقوله تعالى: إن شانئك هو الأبتر [الكوثر: 3]، فكل من شنأه وأبغضه وعاداه، فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره، وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل، أو في عقبة بن أبي معيط، أو في كعب بن الأشرف، وجميعهم أخذوا أخذ عزيز مقتدر. 
وهنا تتجلى قدرة الله عز وجل في إهلاك من يتعدى حدود الله.

ورسول الله الذي يكفينا رحمة دعوته للإسلام ونصرته للحق، ونحمد الله -أولا وأخيراً- على أن جعلنا من أمة محمد ابن عبدالله، اللهم صل عليه صلاة دائمة معترفين ومقصرين تجاه حبيبنا ورسولنا، هنا أخاطب نفسي كيف لنا أن نفديك يا نبي الأمة، انظروا لتك الشفقة التي تميز بها ورأفته بأمته وحبه لهم، ولقد اطلعنا على كثير من الأحاديث، نعم ما قرأته من كلام عن نبي هذه الأمة يجعلنا نفاخر به ونسعد ونفرح، حيث قرأت كلام المفكر الفرنسي لامارتين: من محيي الدين محمد عطية في كتابه (قالوا عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم)، والذي قال هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد؟ وكذلك قول الكاتب الإنجليزي توماس كارليل: عن نبينا عليه الصلاة والتسليم لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير العظيم النفس، المملوء رحمة وخيرًا وحنانًا وبرًا وحكمة وحجىً ونُهىً، أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه.. هذا لأنه كان مخلصًا وجادًّا وذا شخصية صامتة للغاية.. قد نرى أشخاصًا آخرين في مناصب عالية، يعيشون حياتهم على الكذب، ويقومون بأشياء مختلفة تمامًا عن وعودهم.. محمد كان عكس ذلك تمامًا؛ فهو لم يكذب قط، وكان شخصًا فريدًا ونادرًا.

هذا كلام غير المسلمين، فكيف بنا نحن، والله إن عيوني تدمع شوقاً وحباً لرسولنا وحبيبنا خاتم الرسل وسيد البشر.

نعم، لقد اجتمعت جميع الأحاسيس بالقلب والروح على حب إنساني عظيم.. وليس أجمل من اجتماعها في النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.. فحقيقة حبنا له وعشقنّا إنما هو حس ومعنى.. ويزداد هذا الوله بفراقه وذكرنا له دائما عليك الصلاة والتسليم يا نبي الأمة نعم

محمدٌّ سيد الكون

مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ

حبك بالقلوب تأصل...

والفخر بك تعدى...

قلبي والله يذوبُ بعشقِهِ،

وشوقاً لوجه الحبيبِ الهاشميّ

Ghadeer020 @