اليوم ـ أبها

بساط أخضر وعيون مياه جارية ونمط عمراني فريد

يشتهر مركز «تمنية» في جنوب المملكة بمائه العذب وبُساطه الأخضر الذي يلتحفه الضباب على مدار العام، وتاريخه العريق الضارب في أعماق الحضارة الإنسانية التي توالت عليه منذ آلاف السنين حسب المعالم والباحثين.

واحة وارفة

وهو مركز تابع لمنطقة عسير يقع في أعلى قمم جبال السروات، ويرتفع عن سطح البحر بأكثر من 2500 متر، ويصفه الباحث فريد محمد صالح بأنه: «مجموعة من القرى تقع في جبل شامخ، وهو عبارة عن واحة وارفة الظل ذات طبيعة فاتنة، بها سهل زراعي مستطيل الشكل يسمّى «صحن تمنية»، تمتد في ظلاله الغربية والجنوبية أصدار وأغوار تهامة، وفي منحدراته الشرقية مزارع البن والكادي، كما في قرى موغط وهيمان، وفي منحدراته الشمالية يمتد مع الشعف الأخضر بقراه ومزارعه كالعقد المنثور».

عدة قرى

ويتكوّن مركز«تمنية» من عدة قرى، أهمها «آل ينفع» و«الشرحة» و«آل دهمش» و«دار عثمان» و«القارية» و«آل قزع» و«آل علي» و«القرن»، ويبلغ عدد سكانها حوالي ٧٠ ألف نسمة.

عامل جذب

وللماء في تمنية قصة مثيرة، فهو يتدفق من عمق الجبال طوال العام، وتتناثر العيون الجارية على الطرق المؤدية للقرية، حتى أصبحت عامل جذب مهمًا، ووجهة للبحث عن الماء العذب من أهالي منطقة عسير والمقيمين والمصطافين والزوار، حيث يصطف العشرات، بل المئات يوميًا لتعبئة كميات من تلك المياه العذبة الصالحة للشرب مجانًا، التي تنبع من عيون «الشرحة» و«هيمان» و«موغط».

سمة بارزة

وإذا كانت المناظر الطبيعية الخلابة، سمة بارزة في منطقة عسير، فإن الآبار المتجاورة والمنحوتة في وسط الصخور الصلبة إلى أعماق تصل إلى أكثر من 50 مترًا، والقنوات المائية المتطورة هندسيًا، والتي لا يعرف تاريخ حفرها بشكل دقيق، تُعتبر من أهم عوامل الجذب والإعجاب في ذلك المكان.

أحضان جبل

وتستقر القرية ذات النمط العمراني الفريد في أحضان جبل منيع التحصينات الدفاعية، وتحتوي على المئات من المنازل المبنية بالأحجار والطين، معظمها ما زال معمورًا بالسكان في ظل توافر الخدمات الأساسية، كالكهرباء وشبكة الصرف الصحي ومكتب البريد والمركز الصحي، إضافة إلى 3 مدارس للبنين، و3 أخرى للبنات في مراحل التعليم العام، وأنشئ في القرية مركز للإمارة عام 1434هـ.

القرية التراثية

ويشير الباحث سعيد آل سلطان إلى أن القرية التراثية تقع في الجهة الجنوبية الغربية لتمنية، وتحتضنها الجبال من جهاتها الشرقية والغربية والجنوبية، وتحيطها المزارع الممتدة على مساحات واسعة من الجهة الشمالية، مضيفًا: اختار الأجداد بناء القرية في أصداف وحزون الجبال للمحافظة على الرقعة الزراعية، واتقاء آثار الرياح الجنوبية، والاحتماء بالجبل من الناحية الأمنية، وبُنيت المنازل بشكل هندسي يناسب أحوالهم، ومما يدل على عراقة وقدم تشييد القرية، حفر الآبار في عمق الجبال الصخرية، حيث توجد داخل القرية أكثر من 70 بئرًا، منها سبع آبار متجاورة منحوتة في الصخور.