ترجمة - إسلام فرج

تخفي في جزء منها محاولة لتشكيل نظام عالمي جديد

أكد موقع «مودرن دبلوماسي» أن الحرب الدائرة في القوقاز تخفي في جزء منها محاولة لتشكيل نظام عالمي جديد ومنافسات حادة بين الموانئ على بحر قزوين، أكثر من كونها نتيجة انقسامات عرقية وصراعات إقليمية عميقة الجذور.

وبحسب مقال لـ «جيمس دورسي»، وهو زميل بارز في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية، فإن الرهانات الآن أصبحت كبيرة بالنسبة لأذربيجان، التي تدعمها تركيا إن لم تكن هي من حرضتها، حيث يسعى ميناء باكو البحري التجاري الدولي لترسيخ جهوده في التنافس مع الموانئ الروسية والإيرانية والتركمانية والكازاخستانية على بحر قزوين، ليصبح أكبر ميناء تجاري في المنطقة ونقطة تقاطع رئيسية في ممرات النقل الأوراسية المتنافسة.

نجاح أذربيجان

وأوضح أن نجاح أذربيجان في استعادة بعض المناطق الخاضعة للاحتلال الأرميني، التي استولت عليها أرمينيا في أوائل التسعينيات، سيعزز مساعي باكو في هذا الصدد.

ومضى يقول: يقع بحر قزوين عند تقاطع طريق النقل الدولي العابر لبحر قزوين من الصين إلى أوروبا عبر كازاخستان وأذربيجان وجورجيا وتركيا وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر إيران وروسيا.

وأضاف: إن النجاح العسكري الذي حققته أذربيجان سيعزز إدعاءات تركيا بأنها لاعب في أراضي الاتحاد السوفيتي السابقة التي تعتبرها روسيا دائرة نفوذها، وسيعزز المشاعر القومية لدى الإيرانيين من أصل أذربيجاني الذين يمثلون 25 % من سكان إيران، والذين صعد الكثير منهم إلى هيكل سلطة نظام الملالي.

وأشار الكاتب إلى أن المشاعر التي يثيرها الصراع في القوقاز دفعت الإيرانيين في المناطق التي تقع على الحدود مع أذربيجان على قمم التلال لمشاهدة الحرب من بعيد.

كما تسببت تلك المشاعر في اشتباكات بين قوات الأمن الإيرانية ومتظاهرين من العرق الأذري كانوا يهتفون في عدة مدن «قره باغ لنا، وستظل لنا». وكان المتظاهرون يشيرون إلى ناجورنو قره باغ، المقاطعة الأرمينية الكائنة داخل أذربيجان، والتي تقع في قلب الصراع في القوقاز. وكانت تلك المظاهرات بمثابة تذكير بالاحتجاجات التي وقعت في محافظة أذربيجان الشرقية الإيرانية خلال ثورات الربيع العربي 2011، والتي كانت في أكثر الأحيان تعبير عن القومية الأذرية.

ميناء باكو

ونوه الكاتب بأن الموقع التنافسي لميناء باكو تعزز عشية اندلاع القتال في القوقاز بإطلاق طرق سكك حديدية جديدة من الصين إلى أوروبا التي تعبر أذربيجان وتركيا.

وتابع: كما افتتحت الصين الشهر الماضي طريق سكة حديدية جديد من جينهوا في شرق الصين إلى باكو، والذي سيقلل وقت النقل بمقدار الثلث.. وفي يونيو، أرسلت الصين قطارها الثاني من مدينة شيان الصينية إلى إسطنبول عبر باكو، حيث يتصل بخط سكة حديدية إلى العاصمة الجورجية تبليسي، ومدينة قارص التركية ثم إلى إسطنبول.

وبحسب الكاتب، يتهم المحللون الأذريون الاحتلال الأرميني للأراضي الأذرية والمطالب باستقلال ناجورنو قره باغ بأنه يهدد وضع باكو كنقطة تقاطع رئيسية في ممرات النقل الأوراسية.

ونقل عن أورخان باغيروف، الباحث في مركز تحليل العلاقات الدولية، وهي مؤسسة فكرية لها علاقات وثيقة بالحكومة في باكو، قوله: بمواصلة احتلالها، لا تشكل أرمينيا تهديدا لسلامة أراضي أذربيجان فحسب، بل تشكل تهديدا أيضا للاستقرار والتعاون الإقليمي.

وأشار باغيروف إلى الجهود الروسية والإيرانية والتركمانية والكازاخستانية الأخيرة لمسايرة باكو في تحديث الموانئ المطلة على بحر قزوين تحسبا لانطلاق طريق النقل الدولي العابر لبحر قزوين وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

إعادة تطوبر

ويقول الكاتب دورسي: تعيد روسيا تطوير ميناء لاجان لكي يصبح أول ميناء خالٍ من الجليد على بحر قزوين والذي يمكنه إعادة شحن 12.5 مليون طن، ومن المفترض أن يعزز الميناء التجارة مع الخليج وكذلك الشحن من الهند.

ولفت إلى أن ميناء لاجان سيتيح لروسيا الاستفادة من طريق النقل الدولي العابر لبحر قزوين والذي يعد جزءًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية عبر نظام السكة الحديدية الروسية وأيضًا الموانئ الكازاخستانية والتركمانية والأذرية، كما يعزز أيضا الجهود الروسية والإيرانية والهندية للبدء في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، والذي سيربط موانئ بحر قزوين لإقامة ممر من الهند إلى روسيا عبر إيران وإلى شمال أوروبا، لينافس قناة السويس.

ولفت إلى أن ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب سيربط ميناء جواهر لال نهرو بالهند بميناء جابهار الإيراني وميناء بندر أنزلي المطل على بحر قزوين إلى ميناء أستراخان الروسي المطل على نهر فولجا، ثم بالسكة الحديدية إلى أوروبا.

انهيار وتوتر

وتابع دورسي: وفقا لبي بي سواين، المسؤول الرفيع في وزارة التجارة الهندية، فإن هذا الربط سيخفض مسافة السفر بمقدار 40 % والتكلفة بمقدار 30 %..

وأردف يقول: تستثمر إيران في زيادة القدرة والربط في ميناء أمير آباد، بينما افتتحت تركمانستان في 2018 ميناء تركمانباشي البحري بقيمة 1,5 مليار دولار، فيما كشفت كازاخستان في نفس العام عن ميناء كوريك.

وأشار الكاتب إلى أن الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في ظل دعم تركيا وإسرائيل للأذريين، ومكافحة روسيا من أجل التوصل إلى اتفاق مستدام لوقف إطلاق النار، وسعي إيران لاتخاذ موقف حيادي في قتال يحدث على حدودها، يهدد بالتغطية على منافسة الموانئ في بحر قزوين.

وبدأت أزمة ناغورنو كاراباخ منذ عام 1988 واستمرت لما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، حيث سيطرت أرمينيا على ما يقارب 20 %من أراضي الجمهورية الأذربيجانية، وفي 1994 عقدت معاهدة لوقف إطلاق النار بين الطرفين بمساعدة أمريكا وروسيا وفرنسا، وقد أدى هذا التوتر إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص. ورغم وقوع مناوشات بين البلدين للسيطرة على الإقليم، إلا أن رئيس وزراء أرمينيا اعتبر خلال الأزمة الأخيرة أن موقف تركيا من الصراع بشأن ناغورنو كاراباخ يهدف إلى توسيع نفوذها في منطقة جنوب القوقاز. ويجدر بالذكر عدم وجود علاقات رسمية بين تركيا وأرمينيا منذ التسعينيات.