يوسف الحربي

ما فتئت المرأة السعودية الواعية والحقيقية وهي تثبت وجودها وجدارتها في جميع مناحي الحياة، وكما كان العهد بها دائما، نجدها حاضرة ببصمتها في كل المواقع التي شغلتها، كاسرة في كل مرة الأحكام المسبقة التي تقلل من شأنها، لتصبح المرأة المتكاملة بكيانها الأصيل في انتمائها والوطنية في إنجازها، واستطاعت أن تقفز بطموحها أبعد من التصنيف وأقرب إلى التوازن الاجتماعي مع السعي التنموي والفعل الثابت في الوطن بهمّة وعزم.

وعلى ذلك يمكن وصف قرار تعيين ثلاث سيدات ينتمين للوسط الثقافي الفني، بأنه إضافة حقيقية مزدوجة للجانبين، فمن جهة المجلس سيكون لديه مزيد من التنوع المجتمعي المطلوب الذي سيقدم المأمول منه، فيما سيكون الوسط الثقافي أكثر تفاولا بوجود مزيد من النخبة المثقفة في أهم موسسة شورية في المملكة.

وعندما نتحدث عن تلك المثقّفات، فإننا نتحدث عن مسيرة حافلة بالمبادرات ذات أثر له صداه وطنيا ودوليا، كما لهن من الروح الدافعة ما ساهم في خلق الكثير من الوعي الفني واعتباره سلوكا وعادة مبنية على البحث والمعرفة على الذوق والجماليات القادرة على النفاذ إلى أدق التفاصيل التي تميّز السعودية واكتساحها بالفن كلغة إنسانية لها قدرتها على تثبيت التواصل لتصل رسائله أبعد في المكان أعمق في الهوية، فكل من الدكتورة إيمان الجبرين، والسيدة منى خزندار، والدكتورة مها السنان، لكل منهن تخصّصها واختصاصها العميق الذي وإن اختلف، فإنه يقترب ويتوافق في خلق بصمة الهوية الوطنية السعودية.

ومن المناسب التنبيه إلى أن كل واحدة منهن تعتبر مرجعا فكريا وذاكرة بصرية، وهو ما سيسمح لها بطرح أفكارها ومبادراتها التي ستضيء على الثقافة السعودية بكامل هويتها ودورها الفاعل في تعميق الوعي، وإقامة همزة وصل بين الفن ورسائله الجمالية ودفعه للتعمق أكثر في الوطن بكل ما يزخر به من محفزات وتركيز وإنجاز وهو ما سيخلق منافذ التثاقف في الداخل والخارج، فالمملكة لها مخزون تراثي وثقافي وفني كبير يحتاج إلى متخصّصين حتى يصبح له حضور مساهم في الاقتصاد والمجتمع وبالتالي سيكون هناك تفعيل لدور المؤسسات الثقافية وتأطير لمختلف الفعاليات وتنويع للتخصصات، فحضور سيدات مثقفات ومتخصصات سيساهم في تثبيت طريق الوعي بالثقافة والفنون كأسلوب حياة مستدامة وذوق حقيقي، خاصة وأن المملكة دخلت في مرحلة جديدة أكثر حيوية في مسارها التنموي وأكثر حرصا على مخزونها الثقافي، لأن المجلس له دور مهم في الاقتصاد والمجتمع وفي صناعة القرار وفرض الرقابة على الأجهزة الحكومية ومساندة مواقف المملكة دوليا وتعزيز الحضور البرلماني لها دوليا، ومن هنا يكون دور الثقافة بجميع تخصّصاتها وحسن التقديم لها أمرا في غاية الأهمية قادرا على تعميق الصداقات الدولية، وخلق تماس حقيقي بين الثقافات كعنصر دفع قادر على فرض الحضور والهوية والثقافة السعودية.

yousifalharbi@