صفاء قرة محمد ـ بيروت

«الكتائب»: نعيش وضعا أخطر من الفراغ الرئاسي مع تسليم البلاد لإيران

شكّل كلام الرئيس اللبناني ميشال عون، عشية استشارات تكليف رئيس حكومة جديد، تأكيدا لعجزه عن إدارة شؤون البلاد، متنصلا من مسؤوليته تجاه ما آلت إليه الأمور في لبنان وكأن الشعب اللبناني هو المسؤول عن الأزمات المتعددة التي تعصف بالبلاد من مالية، سياسية، معيشية، اقتصادية وصحية، وبالرغم من الإرباك الذي بدا واضحا عليه أثناء كلمته التي وجهها أمس للشعب اللبناني إلا أنه أكد تمسكه بكرسي بعبدا، عندما قال «قلت كلمتي ولن أمشي إنما سأظل على العهد والوعد».

غضب لبناني

وقبل أن ينهي الرئيس كلمته انطلقت ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي رافضة ما جاء في كلمة عون والتي كانت مُخيّبة للآمال وفي غير مكانها، خاصة مع التساؤلات غير المنطقية التي وجهها عون للبنانيين وكأنهم المسؤولون عن انهيار العملة وانقطاع الكهرباء، وتردي الطبابة، وإفلاس البنوك والتهريب وانفجار مرفأ بيروت.

وعلى وسم «#رئيس_الجمهورية»، غرّد ناشطون، حيث قالت حليمة: «وأنا بدوري بحب اسأل، أين رئيس الجمهورية». أما إنعام فقالت: «الناشط ميشال عون وجه أسئلة مهمة للمسؤولين على أمل فخامة رئيس الجمهورية جبران باسيل يجاوب عليها! منوا متذكر انو حضرتوا رئيس البلاد وحامي الدستور والشعب».

وقال عمر: «أين الاقتصاد.. أين القضاء.. أين الاقتراحات.. أين نحن» بس والله معك حق عمي ميشال.. أين رئيس الجمهورية من كل هذه المشاكل؟! أين أكبر كتلة نيابية؟! ليش الرئيس عمل تسويات مع هول يلي كانوا قبله وخربوا البلد؟! هدّي عمي ميشال هدّي الرئيس ونوابه بسابع نومة؟.

مواقف سياسية

تعليقا على كلمة الرئيس قال القيادي في حزب الكتائب اللبنانية النائب المستقيل نديم الجميّل، عبر حسابه على «تويتر»: «إن كلام رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم، يؤكد فشله وعجزه في إدارة البلاد والأزمة، فهو قال ذلك بصراحة»، لافتا إلى أن «الفراغ الرئاسي الذي نعيشه اليوم هو الأخطر في ظل تسليم البلاد كاملا إلى محور إيران وأزلامه وحاشية الرئيس».

وأشار الجميل إلى أن كلمة عون اليوم كانت أشبه «بورقة نعوة». سأل: عن الكهرباء والسدود، الجواب جبران، ندى وسيزار. سأل عن السطوة على القضاء، الجواب عند غادة. سأل عن التعطيل وخرق الدستور، الجواب فخامته كان السباق. الرئيس الذي يقول بصراحة إنه عاجز وغير قادر عليه أن يستقيل ويرحل رأفة بالبلاد.

عون عاجز

وغرّد النائب السابق فارس سعيد عبر حسابه على تويتر قائلا: أشهر للمرّة الأولى في حياتي تعاطفي الإنساني مع الرئيس عون الذي أعلن عجزه عن إدارة شؤون البلاد.

وغرّد منسق «تجمع من أجل السيادة» نوفل ضو، عبر «تويتر»، قائلا: «تبيّن من مضمون كلمة الرئيس عون أن خيار انتخابه بحجة أن ملء الفراغ يحيي المؤسسات الدستورية، ويضمن دورا فاعلا لرئاسة الجمهورية باعتبارها حصة المسيحيين في قمة السلطة، وأن نظرية الثنائية المسيحية والقوى في طائفته تقوي المسيحيين كانت خيارات فاشلة وبالتالي خاطئة يستحق أصحابها المحاسبة».

البلد مخطوف

وقال المحلل السياسي والصحافي أحمد الزعبي، في تصريح لـ«اليوم»، إن «البلد لا يزال مخطوفا بيد المنظومة التي تتحكم به ولم تقدم تنازلات بالرغم من الأزمة السياسية والاقتصادية وفقدان المال والدواء والسلة الغذائية والاستهلاكية، كما أنه من جهة أخرى هنالك ضغط دولي بمعنى اهتمام فرنسي وتسهيل أمريكي لتشكيل الحكومة، كل له حسابات خاصة وحتى الساعة المؤشرات لا تشي بخروج سريع لتشكيل حكومة وما يحصل هو عبارة عن مبادرات لتقطيع الوقت على المستوى الداخلي وليس هنالك من قرار حاسم على إرغام الأطراف السياسية لإخراج البلد من الأزمة المستحكمة».

ذرائع متعددة

وأوضح أن «الاستشارات النيابية ستحصل لأكثر من اعتبار، بداية لأن إرادة التعطيل استنفدت أوراقها والمبررات التي كانت تعلق عليها التأجيلات المتتالية استنفدت غرضها، فلا يستطيع أي طرف داخلي أن يتحمل وزر التسبب بتأجيل الاستشارات النيابية وهو استحقاق دستوري كان ينبغي أن يحصل منذ أكثر من شهر ثم إن حجة الميثاقية بإعلان كل الكتل النيابية من كل الطوائف والاتجاهات المشاركة في هذه الاستشارات»، معتبرا أن «استخدام ذرائع متعددة حتى الذرائع التي ساقها ميشال عون في كلامه اليوم لم تعد تنقذ إرادة الصهر في تعطيل الحياة الوطنية أو المزيد من التأزيم وإرباك الأطراف من أجل إثبات نفيه ولكن حصول الاستشارات النيابية لا يعني أبدا ملف تشكيل الحكومة قد أنجز».

أزمة كبيرة

ويقول الزعبي: «بل جلّ ما أنجز هو خطوة واحدة وبعدها سيدخل لبنان في ماراثون تشكيل الحكومة على قاعدة الذهنية التي لا تزال تتحكم بإدارة البلد أي ذهنية المحاصصة وتقسيم الغنائم، لأن الطبقة السياسية الحالية تراهن على إعادة إنتاج نفسها من خلال الدخول المقنع إلى الحكومة عبر ما يسمونه وزراء اختصاص».

ويختم المحلل السياسي: «أما فيما يتصل بإرباك الرئيس عون، فالبلد كله مربك والشعب اللبناني بأزمة كبيرة وإدارة البلد مربكة ومكبلة والأطراف السياسية تنتظر الفرصة لاقتناص العودة للتحكم بإدارة البلاد والعباد، فإرباك عون موجود من خلال رمي الإرباك الذي عكسه كلام الرئيس من خلال رمي مسؤولية الإصلاح ومعالجة الفساد على النواب وتبرئة نفسه وعهده هو نوع من الهروب إلى الأمام من خلال الادعاء بأن لا دخل لهذا العهد بالانهيار والإفلاس وجوع الناس الذي حصل».