يوسف الحربي

تقاس الشعوب بموروثها الشعبي وفنونها، وحضورها في تفاصيلهم اليومية وفي مناحي حياتهم وتأثيرها الإيجابي غالبا، وهو ما يكون عادة مسلك كل من أراد سبر أغوار أي أمة من الأمم حتى صار عرفا في الدراسات الأكاديمية.

ومن هنا يمكن الحديث أن ما يقدمه معرض «وسم» يأتي في سياق تعريف العالم بجزء من تاريخنا بشكل يمكن اعتباره منطلقا لما بعده من أحداث، وعندما نعلم أن عملاق المعرفة والفن «مسك» هي من يقف وراء هذا المعرض يبطل العجب، وهي المؤسسة التي ولدت كبيرة فكان لها في كل حدث بصمة وقفزة أكبر من أختها.

وقد حلّقت مسك للفنون بمستوى الأداء المواكب للمقاييس العالمية في العرض وخلق التفاعل والتنظيم بعد إقامة معرض «وسم» الذي طرح «الهويّة بنظرة مختلفة»، هي النظرة الفنية والجماليات الرقمية للصورة والفيديو والفوتوغرافيا والتفاعل المباشر، وأيضا الافتراضي معها حملتها للمشاهد بخصوصيات الهوية والتاريخ الانتماء والانفتاح والإبهار التقني على مستوى الطرح والمفاهيم والملامح والاشتغال على العرض وميزات الخامات الرقمية والفنية مع الأسلوب.

وقد تميّز المعرض الذي أقيم في قاعة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية «مساحة»، بالدهشة والتفاعل والاهتمام والمواكبة للتوجه الفني المعاصر، والتجديد في مقر القاعة والتي تجلّت في العرض المباشر فكان له صدى ومتابعة واهتمام مختلف بالأعمال والصور والفيديو والتفاعل الرقمي للأعمال المقدمة التي قدّمها 17 فنانا من السعودية والخليج العربي.

ولعل هذا التجسيد المبني على التفاعل قدّم رؤى بصرية جديدة وعصرية وتقنيات تصميم وتنظيم وصناعة رقمية عالية الجودة والمستوى، من حيث التفاعل الحقيقي بين الأعمال الفنية وطريقة المتابعة والتطلّع لكل عمل مرفق بتوصيف فني وملخص عن العمل والمشروع والفنان، وهو ما خلق علاقة تواصل معرفي ودرجات وعي فني وجمالي لها أهمية كبرى في خلق منافذ التفاعل البصري الجماهيري مع المنجز البصري، وسهولة النفاذ والاطلاع والمواكبة التي أرادها المعرض في خصوصياته الباحثة عن الهوية الحقيقية للإنسان الخليجي وامتداده الفكري والمعرفي مع حضوره وتاريخه وانتصاره لذاته الفاعلة فيها.

إن ما ميّز معرض «وسم» هو الخلق الابتكاري على مستوى المساحة والتصميم من حيث الإضاءة واللون على الجدران الابتكار التقني للأداء والتركيب والأبعاد والتصوّر الواقعي الذي تماهى ليكون قريبا من الزوايا والمساحات والمسار التعريفي بين العلم والعمل، ما منح «وسم» كفكرة هذه الصورة والنظرة المختلفة للهوية حتى تثبّت الانتماء وفي نفس الوقت تفتح منافذ التطوير والاندفاع بإيجابية نحو عوالم البحث والابتكار الجمالي والإنساني.

yousifalharbi@