عبدالله الغنام

الأطعمة والأشربة بمختلف أشكالها ومذاقاتها المتنوعة هي من النعم الكثيرة التي حبانا الله بها، ولكن البعض بسلوكياته في هدرها يظن أنها ستبقى للأبد! وواجب علينا جميعا أن نرعاها حق رعايتها بحسن التدبير والشكر والحمد على توفرها.

يوافق يوم 29 من سبتمبر (اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية). ويأتي هذا اليوم لتذكيرنا وتوعيتنا جميعا بأهمية المحافظة على الغذاء والطعام وعدم الإسراف بها أو هدرها عبثا لأنها موارد أساسية لنا وللأجيال القادمة. لذلك جاء الشعار لهذه السنة «لنوقف فقد الأغذية وهدرها. من أجل البشر، ومن أجل كوكب الأرض».

ولو تأملنا الأرقام لأدركنا مستوى الهدر الذي يحصل لهذه النعمة الثمينة، والتي للأسف لا يقدرها إلا من فقدها أو لم يحصل عليها أصلا. فبحسب موقع هيئة الأمم وعلى الصعيد العالمي «يفقد ما نسبته (14%) من الغذاء المنتج في مرحلتي الحصاء وعروض التجزئة. كما تفقد كميات كبيرة كذلك في مستويات الاستهلاك». وأما على مستوى الفواكه والخضراوات، فيفقد ما نسبته (20٪). وأما على المستوى المحلي وبحسب جريدة عكاظ (الجمعة 22 فبراير 2019) ونقلا عن نتائج المسح الميداني الذي نفذته (المؤسسة العامة للحبوب) فإن نسبة الفقد والهدر في الغذاء بلغت 33.1% سنويا!!

وبجانب كل تلك الأرقام المؤكدة للمعضلة، فإنه من المهم جدا أن نعي أنه حين نهدر الطعام فإن ذلك لا يؤثر علينا فقط بل يؤدي تلقائيا إلى زيادة المحتاجين والفقراء من حولنا وفي العالم ككل. وعن الزراعة والأمن الغذائي فقد بين موقع البنك الدولي أنه من خلال تقرير صادر عام 2018 م فإن العدد المطلق للجوعى والمصابين بسوء التغذية قد ازداد إلى قرابة 821 مليون شخص عام 2017 م.

فمسألة الهدر للغذاء تحتاج إلى عدة حلول مختلفة منها التعاون بين الأفراد والمؤسسات، وسن قوانين وأنظمة من أجل حفظ النعمة والموارد الطبيعية، لأننا حين نفقد الطعام أو نهدره بالإسراف، فإن جميع الموارد التي تم استخدامها في عملية الزراعة والإنتاج من مياه، وطاقة، وساعات العمل، والأموال المصروفة سوف تذهب هباء منثورا! بالإضافة إلى ذلك هناك كميات مهولة من النفايات والانبعاثات الغازية الضارة والمؤثرة في زيادة الاحتباس الحراري، والنتيجة هي التأثير سلبا على مناخ الأرض.

ومن المهم أن يبدأ الإنسان بنفسه، وأن يحرص على أن يتصرف بوعي في مجتمعه لأن النعم لا تدوم إلا بالحفاظ عليها وعدم التبذير والإسراف فيها، وهو واجب ديني ووطني وحس إنساني وحضاري، وهو أيضا أمانة لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.

ومن مسؤوليتنا كأفراد التعليم الذاتي بقراءة وتطبيق طرق حفظ الطعام وعدم هدرها. ويمكن الرجوع إلى مبادرات وحملات التوعية الوطنية المتعددة في هذا الجانب من أجل زيادة الوعي، ومن أجل تطبيقها على أرض الواقع.

ودورنا أيضا مهم في التعاون مع الجمعيات المتخصصة الرسمية التي تقوم بحفظ النعم وتوزيعها على المحتاجين. ودورنا يتكامل معهم كذلك في الحرص على عدم الاسراف في الوجبات أو المناسبات، والابتعاد عن التباهي أو التفاخر بهدر الأغذية والأطعمة. وهذا القضية تحتاج إلى التكرار مرارا لترسيخ المفاهيم وتنمية سلوكيات الفرد المجتمعية من خلال الإعلام والحملات التوعوية، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

ومن الاقتراحات العملية أن هذه الكميات المهدرة من الطعام تتحول إلى وقود طبيعي أو طاقة للاستخدام الصديق للبيئة. وممكن أن يكون ذلك على مستوى الأفراد في البيوت والمنازل أو وحدات إنتاج طاقة على مستوى القرى الصغيرة. ويمكن أيضا لهذه التقنية أن تتطور وتتحول إلى منتجات تجارية كحال الألواح الشمسية للطاقة والتي أصبحت أكثر رواجا واستخداما هذه الأيام.

إن الحفاظ على الغذاء سلوك حضاري يومي وليس شعارا فقط!

abdullaghannam@