صحيفة اليوم

كلمة اليوم

لأن العالم اليوم، على مفترق طرق، فإن على شعوبه وقياداته أن تختار.. إما طريق التعايش بلا حساسية، أو الاستمرار في أوهام القوة والنصر والتي تختلف في خطها البياني تبعاً لعناصر هذه القوة، وربما لأوهامها أيضاً. العالم بمختلف قواه، لم يتعلم دروس التاريخ، ولم يعِ حقيقة الحياة الوحيدة التي تضمن للجميع العيش المشترك بلا حروب وبلا أطماع، كثير من الإمبراطوريات هوت وتهاوت، لأنها لم تحافظ على خيط التعايش الرفيع جداً، كثير من الحضارات سادت ثم بادت، لأنها اعتمدت على القوة فقط، متناسية عناصر التعرية الزمنية والتي لا يمكن أن تضمن أبدا استمرار الحال على ما هو عليه، إمبراطوريات مثل الفرس والروم، وقبلهما ما رواه التاريخ وما لم يروِه، كلاهما انتهت لاحتكارهما سياسات القمع والبطش، وعدم قبولها التعايش مع الآخر إلا وفق ما تحدده عناصر هذه القوة وحدها. التاريخ القريب، يحمل لنا نهايات مأساوية، الإمبراطورية العثمانية، والفرنسية والانجليزية، كلها انتهت عملياً، حتى الإمبراطورية السوفياتية انهارت تحت ضغط الشعوب الناقمة، لم تنجح السيوف ولا المدافع ولا القنابل في ضمان الحياة، بل إن التاريخ القريب يحمل لنا نهايات دامية ومؤسفة لبعض ممن اغتروا بقوتهم وظنوا أن بإمكانهم أن يجثموا على الصدور بكوابيس أطماعهم وأحلامهم، وكانت نهاياتهم القتل أو الإعدام! لهذا، كان حديث خادم الحرمين الشريفين أمام مؤتمر حوار الأديان، دعوة صريحة للجميع بالتعلم من دروس التاريخ والاستفادة منها، وتذكيرا مهما للغاية، بأنه لا ينبغي للعالم في ألفيته الثالثة أن يستمر بنفس منهج الإغارة الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وأنه إذا كان العالم يبحث حقيقة عن الأمن والسلام، فإنه يجب أولاً أن يراعي قيم العدالة والتسامح، لأن غيابهما كان وراء الكثير من الآلام التي عانت منها البشرية طيلة القرون الماضية. المراجعة البسيطة للتاريخ، تؤكد أن الكثير من العداوات إنما نشبت نتيجة الإحساس بالظلم، ونتيجة تشبث بعض القوى بأوهام القدرة والتفوق وتعمدها سحق الكثيرين، فكل الحروب التي هزت الضمير العالمي إنما جاءت نتيجة حتمية لكل السلبيات التي طالت كثيراً دون مراعاة لضمير أو اعتبار للقيم الإنسانية أو الأخلاقية. الملك عبد الله، وضع العالم كله أمام مسؤولياته التاريخية، والتي لو تعاملت معها دول العالم بجدية ومسؤولية لاختفت الكثير من نوازع الشر والحقد والعنف، ولصار العالم أكثر أمناً وسلاماً. ولصار البشر كلهم أخوة، كل دمائهم حراما، وكل أرواحهم مصانة، وكل حقوقهم محفوظة.