فيصل الظفيري

نتلفكس منصة تلفزيونية دخلت حياتنا لتغطية النقص الشديد في بث الأفلام والمسلسلات الأجنبية بأنواعها المختلفة. وهي منصة تقدم أحدث الأفلام والمسلسلات وتعمل على متابعة رغبات المشاهدين حيث حدثت نفسها بعرض الأفلام والمسلسلات العربية لجذب أكبر قدر من المشاهدين لها. وقد دخلت حياتنا كقوة ناعمة بكل ما تحمله من شر، وازداد تعلق الكثيرين بها خلال جائحة كورونا وفترة الحجر المنزلي في الفترة الماضية مما جعلها تنتشر في مجتمعاتنا انتشار النار في الهشيم، خاصة وأنها تعتمد في بثها على الكثير من اللقطات الإباحية والقصص الماجنة والكلمات البذيئة، حيث زاد تأثيرها في حياة الكثيرين نظرا لرخص اشتراكها ولما تعرضه من موسوعة كبيرة من الأفلام والبرامج التلفزيونية لترضي كافة الأذواق ضمن باقاتها المتنوعة. وكذلك لغياب البديل المناسب في عالمنا العربي. كما أن فضاءنا المفتوح وغير المنضبط بقوانين رادعة ساهم برأيي في ترك الحبل على الغارب لهذه المنصة وغيرها لبث ما يريدونه من أفلام ومسلسلات لا تراعي فيها دينا ولا ملة ولا حتى خصوصية.

فهي للأسف مرتع عفن للأفلام سيئة الذكر وتبث فيها أفلام ومسلسلات تدعو للإباحية وتستفز المجتمعات بقصص ماجنة تدور رحاها في كثير من البلدان لا يعرفها كثير من عقلاء تلك البلاد فما بالك بحالنا.

وتتعمد هذه المنصة في أفلامها ومسلسلاتها جذب نجوم كبار، يتابعهم الكثير من المراهقين وأشباههم، ويعتبرونهم قدوات لهم، يتقصون أخبارهم ويقلدون تصرفاتهم لكنهم في هذه المنصة تجدهم يظهرون في لقطات مخجلة مما يعزز من أثرهم السلبي على متابعيهم، وتكرار التعرض لمثل هذه اللقطات الخادشة للحياء ومشاهدة هذه القصص في فضاء غير منضبط وفي ظل ضعف الرقابة الأبوية وسهولة الوصول لهذه المنصة وبخصوصية تامة بعيدة عن الرقابة الأسرية يدفع الكثير من المراهقين وأشباههم من الكبار الذين خلطوا عملا صالحا بأعمال سيئة إلى مشاهدة هذه الأعمال والتشبع منها ومحاولة دمجها بحياتهم اليومية، وقد ذكر الأستاذ عبدالله النعيمي الكاتب الإماراتي المعروف، أن تكرار التعرض لهذه المشاهد الخليعة والكلمات البذيئة في هذه المنصة يعيد برمجة العقل الباطن للكبار أما بالنسبة للمراهقين فلن ينظروا لهذه المشاهد على أنها فواحش من الأساس...

والخطورة في هذا التأثير السلبي انعكاسه على حياتنا الأسرية فيتناسى بعضنا الحلال والحرام في علاقاتهم الأسرية وتكثر النزاعات وتتفكك الأسر. وتظهر أجيال محطمة تكون عائقا لعجلة التنمية في بلادنا.

ورغم هذا الخطر الذي بدأ يزداد أثره ويتعمق تأثيره في حياة الكثيرين لا نلمس جهودا في تحجيمه، ولا جهودا في تطبيق الأنظمة تجاهه، بل إنه ينتشر بيننا وكأنه ورم سرطاني يتوسع دون مكافحة تذكر.

وغياب حملات التوعية المجتمعية أيضا عن هذه الأخطار يدفعنا إلى التأكيد على أهمية وضرورة وجودها سواء كانت عبر منصات حكومية أو تطوعية خاصة مع غياب الحضور للمدارس والتي كانت تملأ فراغا كبيرا في حياة كثير من المراهقين وأسرهم.

وأخشى إن لم نضع ضوابط رصينة سيأتي يوم تظهر لنا نسخ مطورة من هذه المنصات لا تتطلب اشتراكا ماديا للاشتراك بها ولا حدود للمجون بها.

dhfeeri@