عبدالله الحمدان

يقول الفرنسي «وليام مرسيه» في حديثه عن اللغة العربية. «العبارة العربية كالعود إذا نقرت على أحد أوتاره رنت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثم تحرك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر موكباً من العواطف والصور».

ويتغزل الإيطالي «كارلو نلينو» في لغتنا بقوله إن «اللغة العربية تفوق سائر اللغات رونقاً، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها».

اللغة العربية حظيت بما لم تحظ به أي لغة في العالم، حيث ميزها الله سبحانه وتعالى عن غيرها من اللغات الأخرى بأنها لغة القرآن الكريم وهذا بدوره أعظمُ شرفٍ وأكبر أهمية للمحافظة عليها في ظل عصر العولمة الذي نعيشه حالياً.

من المحزن ما نراه اليوم في وقتنا الحالي أن أطفالنا في طريقهم لنسيان لغتهم الأصلية وقواعدها العربية، حيث أصبح البعض من الآباء والأمهات يعتقدون بأنه من «البرستيج» هو تحدث أطفالهم باللغة الإنجليزية كلغة أساسية عوضاً عن لغتهم العربية (الأم) حيث باتوا أي الأهالي يتنافسون بإلحاق أطفالهم في المدارس العالمية والتي تكون الدراسة فيها في أغلب المواد باللغة الإنجليزية ابتداءً من مرحلة الروضة وحتى سن التخرج، في المقابل تخصص هذه المدارس ساعة أو اثنتين للغة العربية على أفضل تقدير.

وما يزيد الطين بلة أن الأطفال حين عودتهم إلى منازلهم بعد انتهاء اليوم الدراسي المُشبع باللغة الإنجليزية يجدون أمامهم المربية أو العاملة المنزلية وهي أيضاً لا تتحدث سوى الإنجليزية أو العربية «الركيكة» وبهذه العملية يتم طمسٌ كاملٌ للكلمات والمفردات والجمل العربية من عقل الطفل.

حقيقة يؤسفني عندما أشاهد أطفالاً في معظم العوائل المحيطة بي أو حتى البعيدة من أبناء الأقارب والأصدقاء أو حتى على قنوات اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي ممن يواجهون صعوبةً في التعبير بلغتهم الأم «العربية» ولهذا يقومون باستخدام العديد من المصطلحات الإنجليزية في حواراتهم لكي تساعدهم في التعبير عن ما في داخلهم.

أنا هنا لا أقلل من أهمية تعلم اللغة الإنجليزية للأطفال بل بالعكس هي لغةٌ مطلوبة في العديد من التعاملات اليومية، لكن من الواجب علينا أن نمسك بالعصاة من المنتصف لكي نوازن بين الأمور. واجبنا كمجتمع وأسرة أن لا نطمس هويتنا العربية فنحن عرب ونتحدث اللغة العربية وهذا ما تربينا عليه، حتى أنه في السبعينيات والثمانينيات الميلادية كانت برامج الأطفال هي إحدى سُبُل التعليم بالعربية «أبو الحروف» و«افتح يا سمسم» و«المناهل» وغيرها الكثير من البرامج التي كانت مُعظم حواراتهم بالعربية الفصحى، لهذا نشأ جيل حصيلته اللغوية بين الجيدة إلى الممتازة.

علموا أطفالكم اللغة الإنجليزية ليستطيعوا أن يواكبوا تطور هذه الحياة، لكن بالمقابل علموهم اللغة العربية وأصولها وقواعدها، حافظوا على لغتكم وعلى وجودها واعتزوا بها لكي لا يُطْمَس وجودها، هناك فارق شاسع بين ما هو أساسي وهي لغتنا (الأم) العربية وبين ما هو ضروري كتعلم الإنجليزية.

@Abdul85_