د. شلاش الضبعان

لديه زوجة لا تتعامل معه التعامل المناسب، فيعتقد أن كل النساء على هذه الشاكلة، ويبدأ في تقديم توصياته بأن المرأة لا يصلح لها إلا الشدة والضبط والربط، وعدم التساهل حتى لا تسيطر عليك.

لديها زوج لا يتعامل معها التعامل اللائق، فتتكلم عن الذكورية المسيطرة والتي يجب أن تُردع وتوقف عند حدها، وفي كل مكان تشتكي من الذكر وتبدأ تنقل تجربتها مع الذكر الموجود عندها.

لديه تجربة فاشلة مع جنسية معينة، فيرى أن جميع أفراد هذه الجنسية يجب الانتباه منهم لأنهم نصابون ويجب الحذر والتحذير منهم.

لديه مشاكل مع أقاربه، فيرى أن الأقارب عقارب، ويجب الحذر من الزواج منهم أو الاقتراب منهم.

ومثل ذلك موظف لم ينجح في مؤسسته فيظن أن الجميع يجب أن يفشل، وآخر يتساهل في المال العام فيظن أن الجميع يسرق.

ليست مشكلة أن يتعرض الإنسان لتجربة فاشلة، أو حتى يفشل، أو يقع في بيئة غير مناسبة، ولكن المشكلة عندما يتطوع ابن البيئة التي تحوي الكثير من المشكلات لتقديم نصائحه لأبناء البيئات المستقرة -على الأقل في الجانب المضطرب عنده- في كل مكان يحل فيه، واقعياً وافتراضياً.

والمشكلة الأعظم والأطم عندما يطيعه ابن البيئة المستقرة، والذي لا يعاني مثل معاناته، فيسير وفق توصياته أو توصياتها، وبالتالي يدمر ما كان مستقراً ويحطم مشاريع طموحة كان من المتوقع أن تكون شيئاً لو سلمت من مضطرب ينشر اضطرابه وغير مدرك يتبع كل من يقول.

قد يكون عدم استقرار بيئة الناصح خارجاً عن إرادته، ولكن أياً كان سبب الاضطراب، بسببه أو خارجاً عن إرادته عليه أن يدرك أن الإنسان ابن بيئته وانعكاس لها، ولذلك عليه أن يعلم أنه لا يحق تعميم تجاربه الفاشلة الآخرين، وعليه أن يسعى في معالجة وضعه أولاً.

أيضاً على المجتمع أن يكون أكثر وعياً، فيقدم من يملك القدرة على النصيحة بعلمه وتجاربه، ويحذر ممن لا يملكون إلا نفث فشلهم تجاه الآخرين.

باختصار: قبل قبول أي نصيحة عامة يجب النظر في وضع الناصح، فإن كان وضعه مستقراً قُبلت، وإن لم يكن مستقراً فهو الأحوج للدعوة والنصيحة والإرشاد.

shlash2020@