عبدالرحمن الملحم

في 17 سبتمبر 1978 وقَّعت مصر وإسرائيل اتفاقية السلام بينهما المعروفة باتفاقية «كامب ديفيد» برعاية أمريكية وانتهاء حالة الحرب بين البلدين، وفي أكتوبر سنة 1993 وقَّعت الأردن معاهدة سلام بين الأردن وإسرائيل وبرعاية أمريكية، وفي 13 سبتمبر سنة 1993، وقَّعت السلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم وسلام مع إسرائيل، وذلك في مدينة واشنطن الأمريكية وهذه الدول الثلاث تعتبر دول مواجهة خاضت مع إسرائيل حروبا، وهذا التوقيع مع إسرائيل هو موضوع سيادي يخص كل دولة، وتلا هذه الدول طبعت كل من المغرب وسلطنة عُمان وقطر ومن خلال هذا التطبيع لم تقم القيامة ولم يحدث أن ثارت الشعوب الأخرى احتجاجا على التطبيع، في الشهر الماضي قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل ولكن هذه المرة اختلفت عن سابقاتها من الدول، فقد قامت القيامة وثارت الجماهير الفلسطينية واللبنانية ضد دولة الإمارات، كما قامت هذه الجماهير بإعداد أهازيج وأغانٍ ودبكات خاصة بتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل رقص عليها الشبان والشابات الفلسطينيين، وتعرضت دولة الإمارات لشتى أنواع السب والشتم غير المباح وغير اللائق لدولة خليجية عربية قدمت فيها مساعدات كبيرة للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، كما يعمل في دولة الإمارات أكثر من 300 ألف عامل وموظف فلسطيني تعاملهم الإمارات معاملة حسنة وممتازة، وتصرف لهم رواتب كبيرة، وتطبيع العلاقات من وجهة نظر دولة الإمارات قد تنظر إليه أنه من الصالح لها ولعدة اعتبارات قد تكون اقتصادية أو سياسية، كما أن هذا الموضوع هو موضوع سيادي يخص دولة الإمارات، والدولة الفلسطينية طبعت قبل الإمارات، كما أن تطبيعها مع إسرائيل مشروط بإيقاف بناء المستوطنات، كما أن دولة الإمارات قد تكون صداقتها مع إسرائيل أفضل من علاقتها مع إيران، التي تحتل 3 جزر إماراتية هي طمب الكبرى وطمب الصغرى وجزيرة باموسى منذ أكثر من خمسين عاما ورغم العلاقات بين الإمارات وإيران، خصوصا الاقتصادية حاولت الإمارات طيلة الخمسين عاما فك الحصار عن الجزر الثلاث من إيران إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل ولم تستطع الإمارات أن تثني إيران عن موقفها إزاء احتلال الجزر رغم العلاقات بينهما هذا من ناحية، أما من أخرى فماذا قدمت إيران من علاقاتها مع دول الخليج غير التجسس وتجنيد أبناء الخليج وتحويلهم إلى خونة وإرهابيين ضد وطنهم، ثم الاعتداءات المتكررة على دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الكويت ومازالت إيران حتى اللحظة دولة عدائية مصدّرة للإرهاب إلى دول الخليج العربي خاصة، كما أنها تحتل دولا عربية كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وقطر وبسط النفوذ الشيعي على هذه الدول عن طريق ميليشياتها الإرهابية حزب الله والحوثي والحشد الشعبي.

إذن من وجهة نظر دولة الإمارات أن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وهي الدولة، التي لم يسبق لها أن اعتدت على الإمارات أو أرسلت لها صواريخ باليستية أو طائرات مسيرة أو أنها جندت أبناء الإمارات وحولتهم إلى إرهابيين أفضل لدولة الإمارات من إيران، لذا رأت الإمارات أن مصالحها، خصوصا الاقتصادية مع إسرائيل برعاية أمريكية أفضل لها من استمرار علاقاتها بإيران، كما أن الإمارات ستظل تدعم السلطة الفلسطينية والفلسطينيين رغم الإساءات، التي تلقتها من الفلسطينيين، أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية فمنذ احتلال فلسطين والقضية الفلسطينية قضيتها الأولى، ومنذ ذلك الوقت والمملكة تقدم للسلطة الفلسطينية والفلسطينيين الدعم، الذي لم تقدمه دولة أخرى في العالم، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يصر على أن القدس ستظل عاصمة لفلسطين وعلى إسرائيل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.