واس ـ مكة المكرمة، المدينة المنورة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د. بندر بليلة، المسلمين بتقوى الله في السر والعلن ابتغاء مرضاته ـ عز وجل ـ والبعد عن سخطه، مشيرا إلى أن هجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة المنورة كانت فيصلا بين الإسلام والكفر، أعزَّ الله بها دينه، وأذل بها الطغيان.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها، أمس، بالمسجد الحرام، إنه لما اقتَضَتْ حِكمةُ اللهِ تعالى ورحمتُه بالخليقةِ أنْ يتعاهدَهم بمَنْ يُصلِحُهم ويَسُوسُ أمرَهم، بعث فيهم أنبياءَ ورُسُلًا، هم خِيرَةُ الخلقِ، كان آخرَهم محمَّدُ بنُ عبدِ الله بنِ عبدِ المطَّلبِ، صلى اللهُ عليهم وسلَّم، الذي ختَم اللهُ بهِ دِيوانَ الرِّسالة.

عبرة الهجرة

وبين خطيب الحرم المكي أن النبي لاقى من أذى المشركين في مكة أبلغَ المشاق، مشيرا إلى أنه جَرَتْ بينهم وبين رسولِ الله شؤونٌ وخُطوبٌ وأحْوالٌ وأهْوالٌ، ورسولُ الله مع كلِّ ذلك يَصْفَحُ ويَعْفُو، ويرجو أن يكونَ منهم مَنْ يُؤمِن به ويُصَدِّقه.

وأضاف إنه لما استَحْكَمَ البلاءُ على العُصْبةِ المؤمنةِ بمَكَّة، أذِن اللهُ جلَّ ثناؤه لنبيِّه بالهِجْرةِ إلى المدينة، لِيكونَ في مَأمَنٍ من تربُّصِ قُرَيشٍ، يدعو إلى ربِّه، ويقيمُ دينَه الذي ارتضاه بين ظهرانَيْ أهلِ المدينةِ، فهاجر وأصحابُه أَرْسَالًا إلى المدينة واتَّخذوها وطنًا وكانتْ هذهِ الهِجْرةُ فيصلًا بين الإسلامِ والكفرِ، أعزَّ اللهُ بها الإسلامَ، وأذلَّ بها الكُفْرَ.

وتابع خطيب المسجد الحرام أنه وقَعَتْ بين أهلِ الإسلامِ والكُفْرِ مَعارِكُ زهَقَ فيها الباطل، وتكلَّلتْ حياةُ المسلمين بعد ذلك بألوانٍ من الظَّفَرِ والنَّصْرِ يومَ بَدْرٍ والأحزابِ، وانكسر أهلُ الكُفْرِ خائبين لم ينالوا خيرًا.

وأكد أنَّ حديثَ الهجرةِ ليُنَادي بصوتٍ يَسْمَعُه مَنْ بَعُد كما يَسْمَعُه مَنْ قرُبَ: أنَّ الشَّدائدَ لا تدومُ، وأنَّ الاصطفاءَ قرينُ الابتلاءِ، وأنَّ المكارمَ مَنُوطةٌ بالمكارِهِ، وأنَّ العِبْرَةَ بكمالِ النِّهايات لا بنقصِ البدايات.

التفكر عبادة

وفي المدينة المنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة، أمس، عن التفكر والاعتبار، موصيا المسلمين بتقوى الله عز وجل، والاعتبار الذي يهدي إلى الفوز والنجاة من المهلكات ويوفق صاحبه إلى عمل الصالحات ويرشد به صاحبه إلى طريق الصالحين.

وأضاف إن من حرم الاعتبار لم ينفعه الاِدَكار، ووقع في المهلكات، مشيرا إلى أن الله عز وجل قد قص علينا في كتابه من قصص وأحوال الأنبياء والمرسلين والمؤمنين ما فيه العبر والقدوة، ولا ينتفع بأحداث التاريخ والحكم إلا المعتبرون المتفكرون الذين يقتدون بأهل الصلاح والإصلاح ويتركون أهل الفساد والإفساد.

وأضاف إن تاريخ الرسل مع المكذبين المحادين لله هو من أكبر حجج الله تعالى على خلقه في تأييد الحق وأهله، ومعرفة التوحيد والدعوة إليه ونصر الموحدين، وفي إبطال الباطل والشرك والتحذير منه وعقوبات المشركين المعرضين. وبين أن التاريخ هو محل العبر للأفراد والأسر والأجيال والأمم، فمن انتفع به نجا ومن لم ينتفع به جرت عليه السنن ودخل عليه النقص، مؤكدا ان التفكير في مخلوقات الله عز وجل هي عبادة من المسلم، والاعتبار بهذه المخلوقات يزيد المسلم إيمانا ورسوخا في اليقين.